تشن أنقرة حملة سياسية وإعلامية تستهدف أكراد العراق، وعلى الأخص مسعود بارزاني زعيم حزب الديموقراطي الكردستاني. وتتزامن الحملة مع تغيب هذا الأخير عن لقاءات المعارضة العراقية في واشنطن بعد تسريب أميركي أشار إلى أن غياب بارزاني جاء بعد رفض واشنطن تلبية بعض مطالبه لقاء المشاركة في العملية العسكرية ضد بغداد وعدم وضوح رؤية مشروع ما بعد صدام. وذكر أن الأميركيين عرضوا مناقشة هذه المطالب على الطاولة في واشنطن. وتثير المطالب الكردية حساسية لدى الجانب التركي خصوصاً في ما يتعلق بقول الأكراد إن مدينتي الموصل وكركوك اللتين تقعان تحت سيطرة الحكومة المركزية العراقية، هما مدينتان كرديتان تاريخياً، واستنادهم في ذلك إلى وثائق تاريخية وعثمانية يوزعونها في المحافل الديبلوماسية. وفيما تدرك الخارجية التركية حساسية الموقف، فإنها تحجم عن التصريح علناً عن انزعاج أنقرة من مطالب الأكراد، لئلا يعتبر ذلك تدخلاً في الشأن العراقي. إلا أن الخارجية التركية بدأت تبحث في إمكان إعادة تفعيل اللجنة الثلاثية التي تجمع إيران وسورية وتركيا، وكانت قد بدأت عملها عام 1991 للبحث في تطورات شمال العراق، وعلقت نشاطاتها عام 1994، وذلك في حال تم تجاوز الرفض الأميركي لمثل هذا التنسيق السياسي. إلا أن مصادر ديبلوماسية أكدت ل"الحياة" أن التنسيق والمشاورات العسكرية في هذا المجال بدأت فعلاً مع طهران خلال زيارة الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار خلال حزيران يونيو الماضي. وفيما يبدو أن أنقرة فشلت في اقناع واشنطن بضرورة تفعيل دور التركمان، بعد استثنائهم من الدعوة لحضور اجتماع المعارضة العراقية في واشنطن، وإصرار الإدارة الأميركية على ابقاء تعاونها مع أنقرة على التنسيق واطلاعها على كل المحادثات والتفاصيل من دون افساح المجال للمخططات والاقتراحات التركية المتعلقة بالتركمان، فإن الخارجية التركية تحاول تأكيد موقف أن العراق يتشكل من الغالبية العربية، وان مصير العراق يجب أن تحدده الغالبية العراقية، ويجب أن لا يُترك الأمر للأكراد، الذين تعتبرهم تركيا أقلية. وترمي أنقرة خصوصاً إلى الحؤول دون حصول الأكراد على ضمانات مقابل مشاركتهم الفعلية في أي عمل عسكري ضد بغداد. وفي ظل الصمت التركي الرسمي، وجدت الأوساط القومية والعسكرية الطريق لذلك بشن حملة ضد مطالب الأكراد استهدفت مسعود بارزاني وحزبه، إلا أن هذه الحملة وقعت في العديد من الأخطاء التاريخية والجغرافية وشملت الكثير من المغالطات مثل الادعاء بتجميد تركيا لحسابات بارزاني غير الموجودة أصلاً في البنوك التركية، وإلغاء جواز سفره الديبلوماسي التركي الذي لم يطلب بارزاني أصلاً تجديده منذ سنوات، ويفضل السفر بجوازه العراقي، وتأويل معنى كلمة كردستان التي اعتبرتها إحدى الصحف كلمة تشمل مدينة السليمانية فقط ونشر خرائط عراقية قديمة والإشارة إليها بأنها خرائط وضعها الأكراد حديثاً لتحديد حدود "دولتهم الكردية"، على حد تعبير الصحف التركية.