أوحت العناوين العريضة لوسائل الإعلام العبرية أمس بأن الحرب على العراق بدأت! إذ صدرت صحيفة "هآرتس" بعنوان يفيد ان ثمة تقديرات أميركية بأن اسرائيل سترد بهجوم نووي على العراق في حال قصفها بصواريخ تحمل رؤوساً غير تقليدية، فيما أفردت صحيفة "يديعوت احرونوت"، صفحاتها الأربع الأولى ل"الملف العراقي"، تصدرتها تهديدات قائد سلاح الجو الجنرال دان حلوتس للعراق وتأكيده ان سلاح الجو يستعد لمواجهة احتمال تعرض "مواقع حساسة" في اسرائيل لقصف عراقي. سجلت عناوين الصحف الاسرائيلية والمساحة التي احتلها الموضوع العراقي في البرامج الاخبارية في الاذاعة الرسمية واذاعة الجيش، ذروة جديدة في الحملة التي تشنها وسائل الاعلام على العراق، مدعومة كما يبدو بضوء أخضر من أقطاب حكومة ارييل شارون، مشيرة بغضب الى الاعتراضات الأوروبية على هجوم اميركي محتمل على العراق، والى دعم الأميركيين المشروط هذا الهجوم، لتستنتج ان الرئيس الأميركي جورج بوش ليس طليق اليد في توجيه ضربة عسكرية الى ذلك البلد. وانفردت "هآرتس" عبر المحلل العسكري البارز زئيف شيف بنشر تقرير قدمه الاسبوع الماضي الخبير العسكري الأميركي الدكتور توني كوردسمان للجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، اعتمد كما يبدو على تقديرات رسمية للإدارة الأميركية. وتتضمن تقديرات الاستخبارات الاميركية تحليلاً لردود اسرائيلية محتملة. والاحتمال الاضعف هو ان ترد اسرائيل في البداية بضربة عسكرية تقليدية اذا تعرضت الى أذى طفيف نتيجة قصف عراقي، وستضيف تحذيراً بأن رداً غير تقليدي سيكون محتملاً اذا استمرت الهجمات العراقية على المدنيين الاسرائيليين. وفي سيناريو اسوأ الاحتمالات "يمكن ان تواجه اسرائيل تهديداً لوجودها يستهدف مدناً مثل تل ابيب او حيفا. وفي ظروف كهذه، ستهدد برد نووي ضد مدن وقوات عراقية لوقف الهجوم العراقي". ونقلت الصحيفة عن كوردسمان قوله: "اذا استمر الهجوم العراقي، وكانت هناك ضربة جرثومية مهلكة لمدينة اسرائيلية، فان اسرائيل سترد بالتأكيد بضربات نووية ضد مدن عراقية لم تقع بعد في ايدي القوات الاميركية". واضافت ان "مثل هذا الرد الاسرائيلي قد يؤدي الى تدمير العراق كدولة". واستنتجت الصحيفة ان الولاياتالمتحدة ستبذل في مرحلة مبكرة "جهداً خاصاً لمنع أي استخدام لصواريخ "سكاد" او "الحسين" التي ينشرها العراق في مناطق غربية، كما فعل في حرب الخليج". واشارت الى ان مبعوثين اسرائيليين طلبوا من الولاياتالمتحدة، خلال محادثات في واشنطن، ان تتخذ اجراءً ضد الصواريخ في غرب العراق. واضاف التقرير ان الاميركيين يعرفون ان العراق لا يعتمد فقط على صواريخ بعيدة المدى في خططه لاستخدام اسلحة كيماوية او جرثومية ضد اعدائه، بمن فيهم اسرائيل، "فالعراق يسعى، كجزء من استعداداته، الى تطوير طائرات من دون طيار". لكنها تمتاز عن الانواع التي تستخدم لاغراض الرصد والتجسس بأنها طائرات ذات حجم عادي تُحمّل اسلحة كيماوية او جرثومية، وتوجّه عبر التحكم من بعد. وجاء في تقرير الصحيفة ان العراقيين يجرون تجارب على طائرة تدريب مصنعة في اوروبا الشرقية وطائرة من طراز "ميغ 21". الى ذلك، اعتبر قائد سلاح الجو الاسرائيلي ان "وجود سلاح غير تقليدي في يد حاكم غير تقليدي" خطر على الدولة العبرية، مضيفاً بلهجة لم تخل من الغطرسة ان "اسرائيل اليوم ليست اسرائيل قبل 11 سنة ومن الخطأ ان يعتقد أحد بأن ما كان آنذاك من ضبط للنفس وعدم الرد على صواريخ سكاد التي اطلقت باتجاه اسرائيل، هو ما سيكون هذه المرة". وتابع ان الجيش يملك وسائل أخرى لمنع اطلاق صواريخ عراقية "فضلاً عن صواريخ حيتس المعدة لاسقاط صواريخ أرض - أرض تطلق نحو البلدات الاسرائيلية". وشدد على أن سلاح الجو مستعد للدفاع عن "أماكن حساسة" قد تتعرض لهجوم. وزاد انه ينبغي الاستعداد لمواجهة سيناريوات متباينة وتفادي مفاجآت. ورفض وزير المواصلات نائب وزير الدفاع سابقاً افرايم سنيه التعقيب على تقرير "هآرتس" مقترحاً عدم الانشغال بافتراضات، ومؤكداً ان اسرائيل "أكثر دولة في العالم استعدت لحماية سكانها من هجوم كيماوي أو جرثومي". وخصصت صحيفة "يديعوت احرونوت" صفحة كاملة لترشد قراءها الى كيفية مواجهة جراثيم بيولوجية أو كيماوية، أو تأثيرات اشعاعات نووية قد تنجم عن خلل في مفاعلات نووية. وانتقدت الصحيفة في افتتاحيتها الموقف الأوروبي المتحفظ عن هجوم أميركي على العراق، معتبرة انه خلافاً للرؤية الأوروبية "اطاحة صدام حسين شرط ضروري لإبعاد خطر الحرب عن الشرق الأوسط ولايجاد تسوية للنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني". وزادت ان الرئيس العراقي الذي "يسيطر على وسائل قتالية غير تقليدية قد تتسبب في قتل جماعي، انما يشكل خطراً على العالم أكثر من أي طاغية آخر، وكان أثبت جدية نياته وتطرف أفعاله".