لندن - "الحياة" أفادت دراسة جديدة موجزة أصدرتها أمس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فاو بعنوان "الزراعة في العالم باتجاه الفترة 2015-2030: "ان هناك ما يكفي من الغذاء في العالم على رغم النمو السكاني المتزايد حتى سنة 2030، غير أن مئات الملايين من شعوب البلدان النامية ستبقى جائعة، كما سيبقى العديد من المشاكل البيئية الناجمة عن الزراعة". وفي ما يتعلق بالنمو السكاني، ذكرت الدراسة أنه سيتباطأ، ولكن سيحظى العديد من الشعوب بفرص غذائية أفضل. ونتيجة لذلك، سيتراجع حجم الطلب على الغذاء، في حين سيستمر الضغط على الموارد الطبيعية تحت تأثير الزراعة، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في السابق. قالت الدراسة إن هناك أكثر من 1.1 بليون شخص ممن يعيشون في فقر مدقع في الوقت الحاضر، مشيرة إلى أن النمو الاقتصادي الحالي القائم بشكل رئيسي على الزراعة وعلى الأنشطة الريفية غير الزراعية، يعد أمراً ضرورياً لتحسين الأحوال المعيشية، لا سيما وأن غالبية الفقراء تعيش في المناطق الريفية، وأن تعزيز النمو الزراعي في المناطق الريفية واعطاء سكان تلك المناطق الفرصة للتمتع بالأرض والمياه والقروض والصحة والتعليم يشكل أمراً جوهرياً للتخفيف من حدة الفقر والجوع. وزادت ان التجارة الدولية تلعب دوراً مهماً في تحسين الأمن الغذائي، وأن التوسع في تحرير التجارة الزراعية من شأنه أن يدعم الدخل، في حين تتوقع منظمة الأغذية والزراعة زيادة كبيرة في العجز في التجارة الزراعية للبلدان النامية خلال الفترة من الآن وحتى سنة 2030. ودعت الدراسة إلى تسهيل الوصول إلى أسواق البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ورفع الدعم عن الصادرات، بالإضافة إلى خفض التعريفات، لا سيما ما يتعلق بالبضائع الزراعية المصنعة في كل من البلدان النامية والبلدان المتقدمة. كما شددت على أنه يتعين على الدول النامية أن توقف التمييز ضد زراعتها لدى صياغتها للسياسات الوطنية وحيثما وجد مثل هذا التمييز. وذكرت أن مزايا العولمة في الأغذية والزراعة يمكن أن تفوق المخاطر والتكاليف. فالعولمة، على سبيل المثال، أسهمت في تحقيق التقدم في مجال التخفيف من حدة الفقر في آسيا "غير أنها أسهمت كذلك في بروز شركات للغذاء متعددة الجنسيات، مع إمكان ترك المزارعين في العديد من البلدان بلا حول ولا قوة. ولكي تجني البلدان النامية مزايا العولمة، فإنها بحاجة إلى الإطار القانوني والإداري بما يمكنها من درء المخاطر التي تهددها"، مشيرة إلى أن الانفتاح في اتجاه الأسواق الدولية والاستثمارات في البنية التحتية وتعزيز التكامل الاقتصادي ووضع القيود على تركز الأسواق، من شأنه أن يجعل العولمة تحقق مزاياها لمصلحة الفقراء. ومن النتائج التي خلصت إليها الدراسة: - ستزداد أعداد شعوب العالم من ستة بلايين تقريباً في يومنا الحاضر إلى 3.8 بليون عام 2030، وسيكون النمو السكاني بمعدل 1.1 في المئة سنوياً حتى سنة 2030، مقابل 7.1 في المئة سنوياً خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة. وفي الوقت نفسه، ستزداد نسبة الشعوب التي تتمتع بقدر أفضل من الناحية الغذائية، ونتيجة لذلك فإنه يتوقع أن يتراجع بعض الشيء حجم الطلب على المنتجات الزراعية، من المعدل 2.2 في المئة سنوياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى 5.1 في المئة سنوياً حتى سنة 2030، وسيكون هذا الانخفاض أشد حدة في البلدان النامية، أي من 7.3 في المئة خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى معدل يبلغ اثنين في المئة حتى سنة 2030، إلا أن نمو الطلب في البلدان النامية ذات مستويات استهلاك متوسطة - وهي تشكل نحو نصف عدد سكان الدول النامية - سينخفض فقط من 9.2 في المئة إلى 5.2 في المئة سنوياً، في حين سيزداد استهلاك الفرد. - سيرتفع معدل تغذية السكان الذين يتمتعون بتغذية جيدة بصورة متزايدة بحلول سنة 2030، إذ سيتوافر للشخص 3050 كيلو كالوري، مقارنة بنحو 2360 كيلو كالوري للشخص يومياً في منتصف عقد الستينات من القرن الماضي، و2800 كيلو كالوري حالياً. ويعكس هذا التغير قبل كل شيء ازدياد الاستهلاك في كثير من البلدان النامية التي سيقترب معدل الاستهلاك فيها من 3000 كيلو كالوري سنة 2030. - من المتوقع أن ينخفض عدد الجياع في البلدان النامية من 777 مليون شخص في الوقت الحاضر إلى حوالى 440 مليون شخص سنة 2030، ما يعني أن الهدف الذي وضعه مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، والمتمثل في خفض عدد الجياع إلى النصف من مستواه في الفترة 1990-1992 وهو 815 مليون شخص، لن يتحقق بحلول سنة 2030. ويعتبر اقليم جنوب الصحراء الكبرى الافريقية موضع قلق بالغ، لأن عدد الذين يعانون فيه بصورة مزمنة سوء التغذية سينخفض من 194 مليون إلى 183 مليون شخص فقط. - ستكون أنماط الاستهلاك من الأغذية أكثر تشابهاً في مختلف أرجاء العالم، إذ سيتحول الاستهلاك باتجاه الأغذية الأجود نوعية والأكثر كلفة، كاللحوم ومنتجات الألبان. - سيزداد اعتماد البلدان النامية على واردات الحبوب واللحوم والحليب، إذ أن انتاجها من هذه الموارد لن يتماشى مع نمو الطلب، ومن المتوقع أن يغطي انتاجها من الحبوب بحلول سنة 2030 نحو 86 في المئة فق، ما سيرفع صافي الواردات من الحبوب من 103 ملايين طن حالياً إلى 265 مليون طن بحلول سنة 2030. كما يتوقع أن تنتج البلدان التقليدية المصدرة للحبوب، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا والأرجنتين - وبلدان التحول الاقتصادي بوصفها بلدان مصدرة جديدة - أن ينتجوا الفوائض اللازمة لسد هذه الفجوة. - ان استهلاك الحبوب لاغراض العلف الحيواني لا يسهم في الجوع ونقص التغذية، فعلى المستوى العالمي، يتم استهلاك نحو 660 مليون طن من الحبوب كأعلاف للماشية سنوياً، الأمر الذي يشكل أكثر من ثلث حجم الاستهلاك من الحبوب في العالم. ولو لم تستخدم هذه الحبوب كأعلاف حيوانية ربما لن يتم انتاجها على الاطلاق، وبالتالي لن تتيسر كغذاء في كثير من الحالات. وحسب التقرير، فإنه من المحتمل جداً أن تؤدي قلة الطلب على الحبوب لاغراض الانتاج الحيواني إلى خفض حجم الانتاج من المحاصيل. - سيكون جزء كبير من النمو في انتاج الغذاء مستقبلاً ناتجاً عن ازدياد الانتاجية، ففي البلدان النامية ستحصل زيادة بنسبة 70 في المئة تقريباً في انتاج المحاصيل نتيجة ازدياد الغلة، ونحو 20 في المئة نتيجة التوسع في رقعة الاراضي الصالحة للزراعة، ونحو 10 في المئة نتيجة زراعة محاصيل متعددة واختصار فترات اراحة الاراضي. - سيكون توسع رقعة المساحات المخصصة لانتاج الغذاء ابطأ مما كان عليه في السابق. ففي العقود الثلاثة الاخيرة، ستحتاج البلدان النامية الى 120 مليون هكتار اضافية لزراعة المحاصيل، الامر الذي يعني فتح اراض اراض جديدة بمعدل أقل من السابق. - يشكل الري عاملاً في غاية الاهمية لامدادات العالم من الغذاء اذ يتوقع ان توسع البلدان النامية مساحة اراضيها المروية فيها من 202 مليون هكتار في الوقت الراهن الى 242 مليون هكتار بحلول سنة 2030. - على الصعيد العالمي، هناك كميات كافية من المياه غير ان بعض الاقاليم ستواجه نقصاً خطيراً في امدادات المياه، اذ من المتوقع ان تشهد البلدان النامية بحلول سنة 2030 زيادة نسبتها 14 في المئة في كميات المياه المستخرجة للري. وسيعاني واحد من كل خمسة بلدان نامية من شحة المياه اذ تستعمل كل من الجماهيرية العربية الليبية والمملكة العربية السعودية حالياً كميات مياه تزيد على مصادرها المتجددة السنوية للري وذلك باستخراج المياه الجوفية من الاحواض الصخرية. كما ان مستويات المياه الجوفية تهبط بمعدل 1 الى 3 في امتار سنوياً في مناطق واسعة من الهند والصين، وسترتب على هذه المناطق ان تستعمل المياه بشكل اكثر كفاءة. كما ان الزراعة تستهلك نحو 70 في المئة من اجمالي كميات المياه العذبة المستخرجة للاستهلاك البشري. وسيعني التوفير في المياه المخصصة للزراعة توفر كميات اكبر من المياه للقطاعات الاخرى. - توفر التكنولوجيا الحيوية الحديثة وسيلة واعدة لتحسين الامن الغذائي. - لقد برزت تقنيات واعدة اخرى تزاوج بين زيادة الانتاج وتحسين حماية البيئة. ومن هذه التقنيات الزراعية الحمائية / بغير حراثة والمكافحة المتكاملة للآفات وادارة العناصر الغذائية. وعلى المستوى المحلي يمكن للزراعة العضوية ان تصبح بديلاً حقيقياً للزراعة التقليدية خلال الثلاثين سنة القادمة. - بالامكان الوفاء بالطلب في المستقبل على المنتجات الحيوانية ومنتجات الالبان الا انه يجب معالجة تبعات وآثار الانتاج الزائد. كما تحتاج المشاكل البينية والصحية الناجمة عن انتاج اللحوم الصناعية كالتخلص من الفضلات والتلوث وانتشار الامراض الحيوانية والافراط في استخدام المضادات الحيوية الى معالجة. - ويمكن ان تؤدي التغيرات المناخية الى زيادة اعتماد بعض البلدان النامية على الاغذية المستوردة. - ونتيجة للاستنزاف التام للعديد من مخزونات البحار من الاسماك او الافراط في استغلالها، فمن المحتمل ان تتضاءل هذه الامدادات في المستقبل بسبب محدودية المصادر.