تتوقع «منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة» («فاو» FAO) أن يتضاعف الطلب العالمي على الأغذية بحلول عام 2050 نتيجة للزيادة السكانية والتنمية الاجتماعية الاقتصادية. وترى أن تغيّر المناخ يضيف ضغوطاً على سوق الأغذية التي تتعرض بالفعل للإجهاد راهناً، ما يؤثر في الزراعة والإنتاج الحيواني ومصائد الأسماك العالمية أيضاً. ويعتبر استخدام الإدارة المستدامة للأراضي من التدابير المهمة للتعامل مع هذا التحدي. وتاريخياً، ينظر إلى المناخ باعتباره البارومتر الرئيسي في زراعة الأغذية، إذ يتحكم في مستوى رطوبة التربة وكمية ضوء الشمس التي تتلقاها النباتات، والظروف التي تخضع لها يومياً وغيرها. ويرى كثيرون من خبراء البيئة أن التغيّرات في تلك العوامل تفضي إلى إحداث تبدّل في المحاصيل، ما يؤثر في الإمدادات الغذائية وسبل عيش المزارعين. وراهناً، يهدد الجفاف والفيضانات والحرائق الجامحة والموجات الحرارية والصقيع والعواصف الرملية والترابية وغيرها، قدرة المحاصيل على البقاء. ومن المتوقع أن يتزايد الارتفاع في درجات حرارة الكرة الأرضية، بالترافق مع زيادة حالات الطقس المتطرف، ما يؤدي إلى إجهاد المحاصيل والغابات والثروة الحيوانية، إضافة الى التدهور المطّرد في القدرة الحيوية للتربة نتيجة لحالات الجفاف والأمطار الغزيرة التي تتسبب في تآكلها. كذلك يهدّد الارتفاع في درجات الحرارة الزراعة من خلال نشر الأمراض والآفات التي تنهكها. إذ يعمل الطقس البارد في كثير من الأحيان كأداة طبيعية لمكافحة الآفات، ولذا فإن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يقلل من هذا التأثير. وقد تنتشر الآفات في الغابات على وجه الخصوص، وتصبح بعض الأراضي أكثر تعرضاً للحرائق نتيجة لزيادة درجات الحرارة والظروف الجافة التي تسود الكثير من المناطق. وفي حين أن تغيّر المناخ يفرض مخاطر جديدة على الزراعة، فإنه قد يخلق فرصاً في بعض الأقاليم. فمواسم الزراعة سوف تمتد في بعض المناطق نتيجة لارتفاع درجات الحرارة. وأخيراً، نشرت «فاو» مجموعة من الأرقام الأساسية عن العلاقة بين مناخ الأرض وغذاء البشر تتضمن ما يأتي: تستلزم تلبية الطلب على الأغذية في البلدان النامية، خصوصاً في أميركا اللاتينية ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، زيادة انتاج الحبوب بنسبة 40 في المئة، وزيادة الإمدادات الصافية من مياه الري بما لا يقل عن 40 في المئة، وإضافة ما يتراوح بين 100 مليون و 200 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. يتوقع أن يعيش ما يتراوح بين 40 و 50 في المئة ممن يعانون من نقص التغذية في نهاية هذا القرن في أفريقيا، خصوصاً دول جنوب الصحراء الكبرى. تستخدم زراعة المحاصيل 1.4 بليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. وتستخدم 2.5 مليون هكتار من الأراضي في شكل مراعٍ. وتستهلك الزراعة 75 في المئة من موارد المياه العذبة في العالم. تعتبر الزراعة مسؤولة عن نفث 25 في المئة من ثاني أكسيد الكربون و50 في المئة من الميثان وأكثر من 75 في المئة من ثاني أكسيد النيتروجين، في الهواء. وتأتي الكميات الباقية من الأنشطة البشرية. على الصعيد العالمي، يتوقع أن تزداد إمكانات الإنتاج الغذائي مع زيادة متوسط درجات الحرارة بما يتراوح بين 1 و 3 درجات مئوية، ويتوقع أن ينخفض الإنتاج الغذائي بمجرد تجاوز هذا المدى. يتوقع أن يتدنى إنتاج المحاصيل، في المرتفعات المنخفضة ولا سيما في المناطق الجافة موسمياً والمدارية، على رغم حدوث زيادة صغيرة في درجات الحرارة المحلية تتراوح بين درجة ودرجتين مئويتين. يتوقع ازدياد إنتاج المحاصيل بنسبة طفيفة في المرتفعات المتوسطة إلى العالية، مع زيادة درجات الحرارة بما يتراوح بين 1 و 3 درجات مئوية، بحسب نوع المحصول. وقد تنخفض الغلاّت من الزراعة المعتمدة على الأمطار في بعض البلدان الأفريقية بمعدل يصل إلى 50 في المئة بحلول عام 2020. وقد تتعرض بعض أجزاء الصحراء الكبرى بحلول عام 2100 لخسائر زراعية تتراوح بين 2 و 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة لتغيّر المناخ. يتأثر أكثر من 250 مليون نسمة بصورة مباشرة بتدهور الأراضي. ويتعرض نحو بليون نسمة في أكثر من 100 بلد لهذه المخاطر. تتواصل عملية إزالة الغابات بمعدل يبلغ 12.9 مليون هكتار سنوياً، بأثر من تحويل الغابات إلى أراض زراعية. بلغت الخسائر الصافية في الغابات بين عامي 2000 و 2005 مقدار 7.3 مليون هكتار سنوياً. وحدثت أضخم تلك الخسائر في أميركا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا.