وضع تجدد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بين "الكفاح المسلح الفلسطيني" الشرطة التابعة لمنظمة التحرير و"مجموعة الضنية" قضية تسليم هذه المجموعة او استسلامها على نار حامية، بعد ان رفع الغطاء السياسي عنها من فصائل المخيم وقيادته، وخصوصاً "عصبة الانصار" ابرز المجموعات الاسلامية المسلحة فيه. وفي معلومات "الحياة" ان لا عودة عن قرار تسليم جميع عناصر "مجموعة الضنية"، الذي اتخذته القوى الوطنية والاسلامية اللبنانية، في اجتماعها في صيدا بدعوة من رئىس التنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد والذي تزامن مع اجتماع مماثل للفصائل الفلسطينية في المخيم اجمعت فيه على ضرورة تسليم العناصر الى الدولة اللبنانية لأنهم اصبحوا عبئاً على المخيم بعدما تسببوا خلال الاسبوعين الماضيين باثارة التوترات الامنية المتلاحقة. وكانت الاشتباكات بين "الكفاح المسلح" و"مجموعة الضنية" اندلعت فجر امس وسط تبادل التهم بالمسؤولية عن المبادرة الى اطلاق النار. وفيما اتهمت "مجموعة الضنية" بقيادة احمد ميقاتي "الكفاح المسلح"، بقتل احد عناصرها اللبناني محمد المحمود ثابت أبو ثابت بغطاء مباشر من حركة "فتح" التي يتزعمها الرئىس الفلسطيني ياسر عرفات، اثناء تأديته صلاة الفجر في مسجد تسيطر عليه مجموعات اسلامية، سارع "الكفاح المسلح" الى نفي التهمة، وأبلغ احد مسؤوليه "الحياة" ان المجموعة نظمت هجوماً مسلحاً على حاجز له ومكتب للعلاقات العامة تابع ل"فتح"، في حي البراكسات، ادى الى مقتل احد عناصرها الفلسطيني عساف احمد الطيبي، الملقب ب"سيف"، وجرح سلام ابو العسل، نادر منير شبلي، ابراهيم خليل ابراهيم، شادي فاضل قاسم، حسن يوسف ومحمود كريم ونقلوا الى مستشفى الهمشري ومستشفيات اخرى في صيدا. لكن مصدراً في إحدى المجموعات الاسلامية لم يكشف عن اسمه قال ل"الحياة" ان عناصر الضنية "نظموا هجوماً وقائياً لقطع الطريق على هجوم مفاجئ كان يحضره ضدهم "الكفاح المسلح". واعترف المصدر بأن مجموعات من "عصبة الانصار" و"عصبة النور" و"جماعة الحق" لم تشترك في الهجوم، لكنه لمح الى "ان افراداً كانوا ينتمون اليها وانشقوا عنها لرفضهم تسليم اللبناني بديع حمادة ابو عبيدة التحقوا بمجموعة الضنية لاتهامهم "عصبة الانصار" بأنها خانت الامانة وتواطأت مع عدد من رجال الدين المسلمين على تسليم حمادة الى "دولة جائرة" كما يسمونها". وقال مسؤول في "فتح" ل"الحياة" ان "عدد المهاجمين ليس كبيراً، واعتمدوا عنصر المفاجأة للاعتداء على "الكفاح المسلح" ثم سارعوا الى التحصن داخل حي الطوارئ في المخيم، اكثر الاحياء كثافة سكانية، إضافة الى انه اكثر التصاقاً بالاحياء اللبنانية المتاخمة للمخيم، ما يوفر لهم حجة فتح النار ضد عناصر الجيش المتمركزة امام المداخل المؤدية الى هذا الحي من المخيم". واعتبر المسؤول في "فتح" ان "مجموعة الضنية" ارادت في هجومها على حي البراكسات، فرض "وهرتها" على كامل المخيم، بتوجيه ضربة للكفاح المسلح كي يراجع حساباته بالكف عن تنظيم حملة مدعومة من القوى اللبنانية والفلسطينية لمطاردتها". وسجلت "الحياة" حصول انتشار كثيف لعشرات المسلحين في حي الطوارئ عقب الهجوم وراح المسلحون يطلقون التهديدات ضد "القوى المتآمرة" في المخيم، وطاولت هذه التهديدات السلطة اللبنانية وسفير الولاياتالمتحدة الاميركية فنسنت باتل الذي كان اشاد اخيراً بجهود الدولة اللبنانية في ملاحقة "مجموعة الضنية" ومحاكمتها. وقال بعض هؤلاء المسلحين ل"الحياة" انهم فوجئوا بالمعلومات التي اشارت الى علاقة "مجموعة الضنية" بتفجير منزل المراقب في سجن روميه الرقيب اول جورج عاقوري الاحد الماضي. وأضافوا: "ما من جريمة تقع في لبنان الا ونتهم بها، كأننا اصبحنا قوة عظمى، نهدد من نريد في العالم، واذا كان مستر باتل قادراً على القاء القبض علينا فليتفضل، ونحن نذكره بما اصاب الجنود الاميركيين في منطقة تورا بورا المنطقة التي لجأ اليها مقاتلو "القاعدة" و"طالبان" بعد ان اطبقت القوات الاميركية حصارها على كابول في افغانستان". وتابع هؤلاء: "اذا ارادوا تحويل "حي الطوارئ" الى تورا بورا لبنانية فلا مانع، وباتل ودولته اجبن من شن عدوان علينا وهم يعتمدون على بعض "المتآمرين" في المخيم للاقتصاص منا". وعن علاقتهم بالبيان الذي اصدرته جهة تطلق على نفسها اسم "جماعة النور" قالوا: "اسألوا بعض التنظيمات التي لديها فاكس يستخدم لاصدار مثل هذه البيانات"، مشيرين الى ان ليس في وسعهم "سوى القتال وسنبقى هنا، اما قاتل او مقتول". وسأل احدهم عن مضمون البيان، فقيل له ان "جماعة النور" تبنت الهجوم الصاروخي "لتقض مضاجع الخونة المرتدين في ما يسمى بالكفاح المسلح والجماعات الفاسقة الاخرى، لتثبت لهم وللجميع من خلال صواريخ النور ان انذاراتنا وتحذيراتنا السابقة ليست اطلاق الرصاص في الهواء بل هو طير ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل". ووعد بالرد "بكل قوة على العدوان الذي يستهدفنا ولم نعد نملك ما نخسره في هذه الدنيا". ورداً على قول "جماعة النور" في بيانها "اننا لن نتردد وكما وعدنا بتحويل المخيم، لا بل لبنان كله، الى بركة من الدماء، فوعدنا حق ويقف معنا المسلمون داخل وخارج لبنان"، اكتفى بالقول: "لقد صنعتم منا قوة عظمى ونحن لم نتعود التهديد والوعيد، وعندما نقرر ننفذ، لكن عليكم التوجه بالسؤال الى الجهة التي اعدت البيان". وعقدت اجتماعات لمعالجة قضية تسليم "مجموعة الضنية" الى السلطة اللبنانية، ابرزها اجتماع موسع في مكتب احد قادة "فتح" العقيد منير المقدح، شاركت فيه جميع الفصائل والقوى الاسلامية باستثناء "المجموعات الاسلامية"، لأنها لا تستطيع الانتقال بأمان الى مكان الاجتماع كما قال مصدر اسلامي، "ولأن لدينا مخاوف من قيام جهة ما - يدعون لاحقاً بأنها مجهولة - باغتيال مندوبينا الى الاجتماع خصوصاً ان الرد على الهجوم الذي استهدف حاجزاً ل"الكفاح المسلح" ادى الى اصابة منزلي "أبو الشريف" الناطق الرسمي باسم "عصبة الانصار" ورفيقه أبو محمد طرابلسي، وهذا ما دفع بالعصبة الى عدم الحضور". وقال المصدر ان "رئيس العصبة ابو طارق السعدي ظل على اتصال بأمين سر منظمة التحرير في صيدا خالد عارف ابو ادهم وأبلغه استعداده للمساهمة في جهود تسليم "مجموعة الضنية"، نافياً ان يكون للعصبة اي علاقة بالهجوم". ونقل ايضاً الموقف ذاته ممثل "الحركة الاسلامية المجاهدة" برئاسة الشيخ جمال خطاب الى المجتمعين مشيراً الى مشاركة الحركة في اي تحرك لالقاء القبض عليهم. وعلمت "الحياة" ان ممثل خطاب انتقل لاحقاً للقاء ابو طارق السعدي الذي كرر امامه الموقف نفسه الذي كان ابلغه الى مسؤول الحركة في صيدا الشيخ عبدالله الحلاق وهو فلسطيني مقيم في المدينة ويتبع له الشيخ خطاب. بدوره اكد امام مسجد القدس، الشيخ ماهر حمود كان لعب دوراً في رعاية تسليم ابو عبيدة الى استخبارات الجيش اللبناني استعداده لتسريع تسليم المطلوبين لكنه بدا واضحاً في اتصال "الحياة" به انه يحاذر القيام شخصياً بأي دور مباشر "ما لم تتوافر الضمانات بألا يحشر في الزاوية من خلال توجيه انذار نهائي للمجموعة بتسليم انفسهم، معتبراً ان تقييد الوساطة بوقت محدد يفجر الوضع في المخيم". وقال مصدر فلسطيني مقرب من "فتح" ان تأكيد خالد عارف ان هناك اجماعاً فلسطينياً على اعتقال المطلوبين وتسليمهم الى السلطة اللبنانية، بغض النظر عمن يتسلمهم ويسلمهم يعكس الرغبة الفلسطينية بإحداث فرز في المخيم للتخلص من الغموض في مواقف متبدلة لبعض الاطراف، التي لم تعد قادرة على حماية المطلوبين، ولوضع حد للمأساة التي يمر فيها المخيم. ونفى المصدر اي علاقة ل"فتح" بالبيان الذي وزع باسم "جماعة النور"، رافضاً اعطاء اهمية له مؤكداً انه "لم يعد من خيار لدى المطلوبين سوى الاستسلام".