بعد أحداث نيويورك وواشنطن، أدرجت الادارة الأميركية "عصبة الانصار" ضمن المنظمات التي جمدت ارصدتها في البنوك الأميركية. وهذه العصبة هي تنظيم اسلامي فلسطيني تأسس في سياق الازمات اللبنانية المتتالية، وهذا تحقيق عن نشأته وعن شكل انتشاره في مخيم عين الحلوة في جنوبلبنان. يقول مسؤول فلسطيني سابق عمل في لبنان انه يتوقع ان يتم تضخيم قضية "عصبة الأنصار" وإبرازها ومسؤولها "ابو محجن" في هذه الآونة، لأن هذه الجماعة يمكن ان تشكل الفاتورة الأسهل والأقرب التي يمكن ان تدفعها الدولة اللبنانية، وقبلها سورية، في حال طلب منهما دفع فواتير لنظام مكافحة الارهاب العالمي الجديد. ويعزز المسؤول الفلسطيني مخاوفه بتساؤلات ميدانية، مشيراً الى ان التمهيد للقيام بعمل ما ضد هذه الجماعة جارٍ على قدم وساق. فثمة عبوات ناسفة اكتشفت بالقرب من حواجز الجيش اللبناني عند مدخل مخيم عين الحلوة حيث يتمركز عناصر "عصبة الأنصار"، وثمة مسيرة تضم نحو 3 آلاف شخص رفعت فيها صوَر لأسامة بن لادن. ويقول المسؤول الفلسطيني ان هذه المسيرة ما كانت لتحصل لولا أضواء خضراء أتت من اماكن قريبة من المخيم، هذه الأضواء لطالما عملت في السنوات الفائتة حتى اصبح المخيم يعيش على إيقاعها. ولكن المسؤول الفلسطيني متخوف جداً من النتائج التي ستؤدي اليها أي محاولة للقضاء على "عصبة الأنصار"، إذ يقول ان عناصر هذه العصبة وفروعهم والمجموعات التي انشقت عنهم يقدّرون بنحو ثلاثمئة عنصر يتمركزون في منازل ومكاتب في اكثر احياء المخيم اكتظاظاً، وهم جميعهم سبق ان صدرت في حقهم احكام قضائية تصل عقوبتها الى حد الإعدام احياناً، وبينهم لبنانيون فرّوا الى هذه "الجزيرة الأمنية" وتمركزوا فيها بعد أحداث الضنية، وآخرون جاؤوا هرباً من ملاحقتهم بتهم لها علاقة بجرائم عادية سرقة، قتل ... والتحقوا ب"عصبة الأنصار". ومَنْ كان هذا وضعه، يقول المسؤول الفلسطيني، فهو على استعداد لأن يقاتل حتى يُقتل، ولن يكترث بما قد ينجم عن مقاومته، حتى لو كان يقاتل في اكثر المناطق اكتظاظاً في لبنان. هذا الوضع الذي يصفه المسؤول الفلسطيني السابق يشكل نموذجاً لإعادة قراءة تجربة "عصبة الأنصار" في مخيم عين الحلوة في جنوبلبنان. فقضية هذه العصبة يمكن الاستدلال منها الى كيفية ادارة الأوضاع وتوظيفها في سياسات لا تقيم وزناً للنتائج التي يمكن توقعها من توظيفاتها هذه. جرى خلال السنوات العشر الفائتة وهو عمر "عصبة الأنصار" تأمين كل الظروف المواتية لجعل المخيم نموذجاً للضحية المقبلة. وهذا الرأي لا ينفي عن مجتمع المخيم مسؤولية ما. فقضية "عصبة الأنصار" وقضية مسؤولها "ابو محجن" بدأت تبرز بعد اغتيال رئيس جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية الأحباش الشيخ نزار الحلبي على يد عناصر تنتمي الى "العصبة". ومذ ذاك شهد المخيم محطات مختلفة وظفت جميعها في سياق تحويل المخيم الى بؤرة يتم التلويح بها في القضايا المحلية والاقليمية. واستخدمت السياسات الاقليمية في لبنان مسألة وجود "ابو محجن" وجماعته في اكثر من سياق. على المستوى الداخلي، جرى التلويح بهذه الجماعة في مناسبات مختلفة، وجُعل نشاطها على حد الانقسامات الداخلية سواء كانت طائفية ام سياسية، وتحولت مدينة صيدا التي تقيم الجماعة في جوارها الى مساحة لتصفية حسابات كثيرة: تفجير محال لبيع الخمور وقتل البائعين، اغتيال مسؤولين فلسطينيين وضباط في حركة "فتح" طاولت اكثر من عشرة اشخاص معظم هذه الاغتيالات حصل خارج المخيم، تصفيات داخل مخيم عين الحلوة بين الفصائل الإسلامية، وبينها وبين فصائل اخرى، وكانت ذروة هذه الأعمال التي لم تثبت الى الآن علاقة "عصبة الأنصار" بها، اغتيال القضاة الأربعة في محكمة مدينة صيدا. تواطؤات كثيرة اسهمت في جعل مخيم عين الحلوة في جنوبلبنان بؤرة للقلق والتوتر. فمن جهة هناك الوجود المسلح للفصائل التقليدية الفلسطينية "فتح" وفروعها والمنظمات الأعضاء في منظمة التحرير ووجود لا يقل فاعلية للفصائل المعارضة والمنشقة التي ترتبط بعلاقات وثيقة بسورية "فتح - الانتفاضة" و"فتح المجلس الثوري" و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" وجبهات صغيرة اخرى .... وجاء انتشار الأحزاب والمنظمات الاسلامية ليشكّل اختراقاً كبيراً لهذه القوى فتقاطع معها وتصادم، وصارت في خاصرة معظم الاحزاب والمنظمات الفلسطينية مجموعات اسلامية صغيرة نشأت في ظل عائلة او بلدة جليلية ارتأى شيخها ان يُنشئ مجموعة تحرس جامعه وتقوم بأود مريديه. لم تكن هذه القوى مادة الاستقطاب الوحيدة، او انها لم تشكل لوحدها خريطة الانتماءات، فالمخيم شبه مقسمة أحياؤه بين العائلات والعشائر التي هجّرت من بلدات الجليل. وعلى اي تنظيم، لكي يخترق الانتماءات العائلية، ان يراعي في اختياره المسؤولين فيه توزع العائلات وكبرها ومدى انتشارها، إذ لا يمكن لحركة "فتح" مثلاً ان تتجاهل ابناء بلدة الصفصاف الذين يقيم معظمهم في حي الصفصاف في المخيم، وعليها ان تختار احدهم ليكون احد المسؤولين فيها. تحول المخيم في السنوات العشر الأخيرة الى بؤرة فعلية للتصفيات المتبادلة، وللتوازنات التي لا يحكمها منطق واحد. فالداخل الى المخيم يشعر بأن التوازن القائم الذي يسمح باستمرار الوجود فيه هو توازن اول قائم على نوع من الخوف، إذ يعتبر اي احتكاك عسكري بين تنظيمين محليين خطراً كبيراً يهدد آلاف المقيمين في هذه المساحة الضيقة. هذا الأمر يشكل كابحاً حقيقياً لإمكان تفجر الأوضاع، فلا مكان للسياسة وللتوازنات المنطقية المحسوبة، إذ ثمة حساب اول، هو ان انفجار الاوضاع بين الأطراف ستكون عواقبه وخيمة في ظل الكثافة السكانية الرهيبة وفي ظل تداخل السكن "المدني" مع الوجود العسكري والأمني لمعظم احزاب المخيم ومجموعاته المسلحة. وفي مقابل هذا التوازن الهش والخرافي يعيش المخيم على ايقاع حوادث "صغيرة" من الاغتيالات المتفرقة واليومية، والعنف الفردي والجماعي. إذ ما ان تدخل الى مجلس حتى تأتي الحكايات المروية حاملة غرائب يصعب تصديقها. فهذا يحدّث عن الرجل الكسيح الذي كان يشحذ عند مدخل المخيم ووجدت جثته قبل اشهر قليلة في مكب النفايات مصابة بطلق في الرأس. فيجيبه مجالسه بأن عامل النفايات في "الأونروا" شاهدهم وهم يرمون جثته فجراً في المكب فما كان منهم إلا ان "طخّوا" هذا العامل بينما كان عائداً الى منزله، ويضيف ثالث ان الرجل الكسيح كان يعمل مخبراً لديهم، وأن جماعة انشقت عنهم فقتلته. اما الاشتباك الذي حصل قبل ايام في المنطقة القريبة من المستشفى الحكومي في المخيم فيروي الفلسطينيون ان سببه وصول الموازنة الشهرية لحركة "فتح"، وقد اعتادت "عصبة الأنصار" او أحد فروعها على اقتطاع مبلغ منها عبر اشعارها مسؤولين من "فتح" بضرورة ذلك وإلا تفجرت الأوضاع في المخيم. كلام كثير عن اتجار بالمخدرات وعن وصول مطلوبين جدد الى العدالة للاحتماء في هذه البؤرة، وعن قتل متهمات بممارسة الدعارة، الى جانب وجود كثيف امام الجوامع المكتظة دائماً بالمصلّين، وبغيرهم من المقيمين الدائمين فيها. يشير الحاج محمد الذي رافقنا في عبورنا من امام جامع الصفصاف، بيده الى رجل مسن يجلس امام الجامع ويتخذ هيئة أفغانية أرخى لحيته وحلق شاربه واعتمر عمامة بيضاء الى ان هذا الرجل يستعد للسفر الى افغانستان. والحاج محمد وهو مدرّس متقاعد في "الأونروا" وابن عائلة "فتحاوية" نقل ولاءه من "فتح" الى الأحزاب الاسلامية بعد ان شعر بأن المفاوضات مع الاسرائيليين لا تؤتي ثماراً، وهو اليوم جليس "ابو طارق" شقيق "ابو محجن" في احد جوامع المخيم. الطريق الى منزل عائلة "ابو محجن" في حي الطوارئ ضيقة ومتعرجة والأحياء المتداخلة تتقاطع بطرق المشاة التي تحدّها جدران ملأتها شعارات "عصبة الأنصار". الزقاق الذي يتوسطه المنزل مقفل. بوابتا حديد عند مدخليه، إذ بينما تكون ماشياً تفاجئك بوابة سوداء موصدة بإحكام. قد تعتقد للوهلة الأولى انك وصلت الى المنزل وعليك طرق الباب، ولكن البوابة تفضي الى زقاق كامل يتوسطه حارس وأطفال يلهون الى جواره. لا يتخذ الحارس الهيئة الأفغانية، فهو يشبه مرافقي المسؤولين العسكريين في المخيم. لحية غير مشذّبة ويرتدي بنطلون جينز وقميصاً كاكياً، ولم يفتعل اي تواضع في مظهره. المنزل ساكن ولا يبدو انه لعائلة مؤلفة من 13 ابناً وبنتاً، فهو مسيّج بجدار يؤلف داراً من الداخل تفضي الى غرفة الضيوف، ولن تصادف في عبورك البوابة والدار اي مخلوق باستثناء رجل يدخلك الى الصالون حيث توجد مقاعد رخيصة ومكتبة فيها بعض المؤلفات الاسلامية التقليدية. يؤكد معظم أبناء المخيم والعارفون بخفاياه ان للسلطة اللبنانية وأجهزتها الأمنية نفوذاً كبيراً في المخيم، وأنها تراقب التفاصيل المتعلقة بأوضاعه. ثم ان حال الترهل والارتخاء التي اصابت "فتح" بفعل نقل مركز نشاطها الى الداخل الفلسطيني، أتاح لمجموعة "عصبة الأنصار" السيطرة على مساحات اضافية في المخيم. ففي تقرير وصل الى "الحياة" من جهات ثقة في المخيم تظهر "عصبة الأنصار" وفروعها والمجموعات المنشقة عنها القوة الحية الوحيدة في المخيم. ومن هذا التقرير نختار المقاطع الآتية: "تمكنت العصبة من بسط نفوذها العسكري والأمني على جهات المخيم كافة، باعتبار انها مهددة بهجوم عسكري من الخارج ضدها وقد عمدت الى نظامين: الأول نظام الاستطلاع الأمني وهو عبارة عن نقاط مراقبة دائمة لمداخل المخيم الرئيسة والفرعية من خلال اقامة تجمعات سكنية خاصة بعناصر العصبة عبر غرف غير معلنة، وهذه المواقع سكنية تمتد من حي طيطبا، وجميع عناصرها من اقارب "ابو محجن"، الى حي الغوارنة غرباً. وفي حي طيطبا الشرقي الذي يحد طريق عام سيروب تتواجد العصبة ليلاً ايضاً من خلال حراسات معلنة للمداخل، خصوصاً وأن في مواجهة هذا الحي حاجزين للجيش اللبناني سبق ان تعرّضا لإلقاء قنابل من داخل المخيم ولهذا الحي ممرات ترابية فقط. المنطقة الثانية الحساسة هي حي الطوارئ، الممتد من حاجز "فتح" الشرقي عند مدخل المخيم الى منطقة تجمع السكة. ويعتبر هذا الحي الموقع العسكري الأول اي خط تماس لتداخله مع حي التعمير اللبناني، وهو عبارة عن امتداد طولي للبيوت المتواضعة التي لا تتجاوز الطبقتين، وأهم موقع فيه للعصبة هو جامع زين العابدين الذي يعتبر جامع العصبة. ويخضع هذا الجامع لحماية مكثفة ولا ينازع احد العصبة في هذا الحي سوى مكتب شؤون اجتماعية تابع ل"فتح"، ولهذا الحي خصوصية المراقبة الدائمة من جانب عناصر العصبة الموزعي الإقامة على طول القاطع اضافة الى الدكاكين التي تخصّهم ولا يمكن لشخص غريب المرور فيه إلا وتتم مراقبته. وفي هذا الحي يوجد سجن للعصبة ومركز تموين وهو بإشراف مباشر من أبو عبيدة وأخوته. المنطقة الثالثة، وهي وسط المخيم بين حي صفورية والشارع الغربي حتى منزل الشيخ جمال خطاب المقرب من العصبة. وفي هذا الحي عاش والد "ابو محجن" ويقيم فيه اخوه ابو سليمان، وهو مركز تجمّع لعناصر العصبة تفرز اليه عناصر من المحاور الأخرى للحماية. ومهمة هذا المحور، اضافة الى الحماية، مراقبة الطريق عبر دراجات نارية حتى جامع "الأحباش" في آخر المخيم لجهة الجنوب. التجمع الرابع هو منطقة السكة - البساتين، وهذه المنطقة هي الحدود الغربية الجنوبية للمخيم ويتم التحرك فيها ليلاً عبر دوريات راجلة ومسلحة للمراقبة والتفقد اضافة الى توزع سكني لعناصر من العصبة في شكل اقامة دائمة". حال الخروج عن القانون والعدالة ليست سمة عصبة الأنصار الوحيدة، إذ يجمع ابناء المخيم على ان سماحاً بوجودها حاصل ومحقق، لا بل ان تغذيتها بمطلوبين جدد الى العدالة امر جارٍ على قدم وساق. ويعرف ابناء المخيم ان الهدف من وجود العصبة في مخيمهم هو تحويله الى الضحية المقبلة التي يؤجل تقديمها قدر الإمكان بانتظار المزيد من الوظائف والأدوار. وهذا الأمر يحصل في ظل حقيقتين: الأولى هي ان ثمة ادارة للسياسة لا تكترث كثيراً لهذا الوجود السكاني الكثيف والمهدد بكارثة انسانية في حال دقّت ساعة تسديد الفواتير، والثانية ذلك المجتمع، اي مجتمع المخيم، الذي جرّب كل هذه الأحداث والتراكمات في ظل غياب أدنى مقاومة من جانبه، لا بل انه راح يشكل قاعدة لهذا الوجود الخارج عن القانون. تنقل بين الجبهة الشعبية و"فتح" . أبو محجن: من مرافق لشيخ العصبة الى أمير لها ولد أحمد عبدالكريم السعدي أبو محجن في العام 1963 في مخيم عين الحلوة لأب فقير يعتبر من وجوه عائلته. وللسعدي 13 شقيقاً وشقيقة هو الثالث بينهم، ولم يعرف عنه ترؤسهم او التميز بينهم. لم يكمل دراسته اذ ترك المدرسة ولم يتخط الصف السادس، والتحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولم يكن بلغ الخامسة عشرة من عمره، ثم انتقل بعد فترة قصيرة الى حركة "فتح" وبقي فيها حتى العام 1982 اي عام الاجتياح الاسرائىلي للبنان. يعتبر عبدالكريم السعدي والد "أبو محجن" أحد وجوه عائلته التي تهجرت من بلدة طيطبا في الجليل، وهي بلدة صغيرة قياساً الى بلدات صفوري والصفصاف والبلدات الجليلية الاخرى التي هجر ابناؤها الى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ثم ان عائلة السعدي تعتبر من العائلات المتوسطة الانتشار. عرف عن والده في المخيم هدوؤه، ولم يعرف عنه قربه من احدى المنظمات الفلسطينية، مع العلم ان عائلة السعدي في شكل عام كانت محسوبة على حركة "فتح". تزوج "أبو محجن" ولم يكن تجاوز الثامنة عشرة من عمره، وله اليوم خمسة اولاد. ومن المعروف عن عائلته انها تزوج ابناءها باكراً ويميل معظمهم الى الزواج من داخل العائلة. الشيء المعروف عن "أبو محجن" من ذلك التاريخ انه ترك "فتح" والتحق بالشيخ هشام شريدي. وشريدي هو مؤسس "عصبة الانصار" بعدما انشق عن حركة "فتح" وتحول إمام جامع، وعرف عنه تكفيره الاحزاب الفلسطينية الاخرى. وتحول الشيخ هشام في النصف الاول من الثمانينات الى حال داخل المخيم، اذ انشق كثيرون من حركة "فتح" والتحقوا به. وفي العام 1986 اغتيل الشيخ هشام شريدي، واتهمت "عصبة الانصار" جهاز أمن حركة "فتح" باغتياله، وكان مسؤول جهاز الأمن في "فتح" حينها أمين كايد الذي فر من المخيم خوفاً من تهديدات "عصبة الانصار" التي لاحقته حتى العام 1998 حتى اغتالته بالقرب من الجامعة اللبنانية المحاذية لمخيم عين الحلوة. بعد اغتيال الشيخ هشام شريدي تولى "أبو محجن" الامارة، ويجمع عارفو الرجل على انه لم يكن مهيئاً لهذا الدور، اذ حتى عائلته لم تكن لتمده بشرعية تذكر. ولكن المحطة الاولى التي شرع "أبو محجن" يكرس فيها شرعيته كانت اغتيال رئىس جمعية المشاريع الاسلامية الاحباش الشيخ نزار الحلبي، إذ اتهم "أبو محجن" وحكم عليه بالاعدام في هذه القضية. في ظل حال الترهل الاجتماعية والسياسية التي عاناها ويعانيها، والاهتراء الذي اصاب مختلف وجوه العيش، كانت حادثة كهذه، والصاقها برجل بعينه، كفيلة في أن تجعل من هذا الرجل محط انظار عائلته وأبناء قريته. فالسمعة التي نالها "أبو محجن" جراء اتهامه والحكم عليه جعلت منه صاحب سلطة ورأي على عكس ما يمكن ان يعتقده المرء في حال كهذه. لقد تحول "أبو محجن" الى "حال" بحسب تعبير الكثير من سكان مخيم عين الحلوة. وفي مجتمع منهك تتنازعه ازمات من شتى الانواع قد تشكل هذه الحال، وان كانت "خارجة عن القانون"، استقطاباً فعلياً. في البداية كان هو وأخوته وبعض ابناء عمومته ومناصرون قليلون، ثم انضم اليه بعض ابناء بلدته، وأبو عبيدة، وهو المسؤول الحالي والمعلن عن العصبة اليوم في ظل غياب "أبو محجن" او انكفائه، وهو من ابناء طيطبا بلدة "أبو محجن". ولأبي عبيدة اشقاء كثر انضموا الى العصبة وشكلوا نواتها الاولى. وإضافة الى هؤلاء تتشكل الدائرة الثانية في "عصبة الانصار" من مطلوبين الى العدالة بين فلسطينيي مخيم عين الحلوة والمخيمات الاخرى، اما الدائرة الثالثة فتتألف من لبنانيين جاؤوا من مدينة طرابلس بعد احداث الضنية والتحقوا بالعصبة. ويجمع الكثيرون من سكان المخيم على تلك المفارقة التي تخدم "أبو محجن" ويستعملها هو وأشقاؤه في الكثير من المناسبات وهي انه لا يستطيع اي شخص تمييزه عن أشقائه وأولاد عمومه. فهناك خمسة من أشقائه وبعض ابناء عمومه يشكلون صورة طبق الاصل عنه، وهم تعمدوا اضافة ملامح مشابهة له بهدف التضليل.