أعطى المسؤولون عن الشؤون النقدية في الدول الصناعية الكبرى اشارة قوية الى الأسواق بأنهم غير راضين عن تراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية وخصوصاً الين واليورو، عندما تدخل بنك اليابان المركزي في الاسواق يوم الجمعة الماضي بمساندة البنك المركزي الاوروبي ومجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي بائعاً الين. ويبدأ التعامل في اسواق القطع الدولية اليوم وسط توقعات بأن المصارف المركزية ستتدخل مجدداً لمنع الين واليورو من الارتفاع مقابل الدولار، لكن المحللين يعتقدون ان تأثير التدخل سيكون محدوداً نظراً الى النظرة السلبية التي تحيط بالدولار والاصول الاميركية في أعقاب الفضائح المحاسبية التي عصفت بالاسواق الاسبوع الماضي، مع احتمال كشف عدد آخر من الشركات الاميركية الكبرى عن مخالفات محاسبية. لندن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - اقترب اليورو مرتين من التعادل مع الدولار خلال اسبوع التعامل الاخير، ليتراجع في اللحظات الاخيرة من التعامل مدعوماً في المرة الثانية بتدخل المصارف المركزية. وسجل اليورو يوم الجمعة الماضي 99.90 دولار خلال التعاملات الاوروبية واختتم الاسبوع عند 99.01 دولار، في حين بلغ سعر الدولار 120.36 ين قبل ان يتراجع الى 119.52 ين وارتفع الاسترليني الى 1.5323 دولار. وتكبدت أسواق الاسهم الدولية خسائر حادة الأسبوع الماضي بعدما كشفت شركة "وورلدكوم"، ثاني اكبر شركة اميركية للاتصالات الدولية، انها فصلت كبير المديرين الماليين بعد اكتشاف اخطاء محاسبية تصل الى نحو اربعة بلايين دولار، علماً انها استعادت جزءاً من الخسائر في اواخر الاسبوع. وكان بنك اليابان المركزي تدخل في الاسواق سبع مرات خلال الشهرين الماضيين لوقف ارتفاع الين نظراً الى ان الين القوي يضر بالصادرات اليابانية التي يعتمد عليها الاقتصاد الياباني للخروج من اسوأ فترة ركود منذ الحرب العالمية الثانية. وكان التدخل يوم الجمعة الماضي المرة الاولى بمساندة المركزي الاوروبي ومجلس الاحتياط منذ فترة طويلة. ويتساءل كثيرون عما حدث لسياسة "الدولار القوي" التي ظهرت للوجود في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون وبدت متخبطة في عهد الرئيس الحالي جورج بوش. ويلقي كثيرون اللوم على وزير الخزانة الاميركي الحالي بول اونيل الذي لا يملك الشعبية في الاسواق وليس قادراً على تهدئة الاسواق في الازمات، على عكس وزير الخزانة روبرت روبين في عهد الرئيس كلينتون الذي كان يلقى تقديراً واحتراماً في الاسواق والاوساط الاقتصادية وكان قادراً على بعث الثقة بالاقتصاد في الاسواق. ويعاني الدولار من هروب المستثمرين من الاصول الاميركية وانتقالهم الى الاسواق الاوروبية وغيرها خصوصاً في اعقاب 11 أيلول سبتمبر الماضي، ويتوقع ان تدفع الفضائح المالية والمحاسبية الاخيرة الى ازدياد انعدام الثقة بالأسهم الاميركية واستمرار تراجع الدولار. لكن من الناحية الايجابية يتوقع المحللون ان يساهم الدولار الضعيف في انعاش الصادرات الاميركية واتجاه المستهلك الاميركي الى البضائع الاميركية، ما يساهم في تعزيز الاقتصاد الذي حقق نمواً نسبته 6.1 في المئة في الربع الاول من السنة الجارية ويتوقع ان يحقق نمواً نسبته ثلاثة في المئة في الربع الثاني الذي انتهى أمس. الاتحاد الاوروبي أعرب الاتحاد الاوروبي عن قلقه من ارتفاع سعر اليورو. ونقل عن بيدرو سولبيس مفوض الشؤون النقدية في الاتحاد الاوروبي قوله ان قوة العملة الاوروبية الموحدة أمر طيب لمنطقة اليورو، لكنه اشار الى ان سرعة صعوده امام الدولار أمر يدعو للقلق. وقال سولبيس في مقابلة مع صحيفة "البايس" الاسبانية ان تعادل اليورو والدولار "موضوع غير ذي صلة على الاطلاق" وليست له اهمية اقتصادية وانما هو مسألة ضجة اعلامية. واضاف: "اهم شيء هذه الايام ان اليورو يعيد تقويم نفسه... أو ربما يكون الدولار يخفض من قيمته". وتابع ان هذا يوضح ما كان المسؤولون الاوروبيون يقولونه وهو ان علاقة سعر الصرف بين العملتين لا تعكس "قوة الاقتصادين" الاميركي والاوروبي. لكن سولبيس قال ان "السرعة والتقلب اللذين تحدث بهما هذه العملية يدعوان للقلق... لكن يتعين ايضاً ان نعي ان قوة اليورو انباء طيبة لاقتصادنا... على رغم انها قد تسبب مشاكل للمصدرين في المدى القصير". "وورلدكوم" فصلت شركة الاتصالات الاميركية "وورلدكوم" كبير المديرين الماليين سكوت سوليفان وقبلت استقالة ديفيد مايرز من منصب نائب رئيس الشركة والمراقب المالي، وقررت الاستغناء عن 17 الف موظف يمثلون اكثر من 20 في المئة من قوتها العاملة وذلك اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، في خطوة لخفض النفقات تستهدف توفير 900 مليون دولار سنوياً، بعد الاعلان عن مخالفات محاسبية تصل الى اربعة بلايين دولار. وتتعلق المخالفات المحاسبية بتسجيل النفقات تجاوزاً على انها انفاق رأسمالي، ما ادى الى تضخم السيولة النقدية لديها واعلانها تسجيل ارباح عوضاً عن تسجيل خسائر صافية عن عام 2001 والربع الاول من سنة 2002. وتضمنت المخالفات التي لا تتفق مع معايير المحاسبة المقبولة تحويلات بين حسابات داخلية تبلغ 3.06 بليون دولار عام 2001 و797 مليون دولار في الربع الاول من السنة الجارية. وكانت شركة "اندرسن" للمحاسبة تتولى تدقيق ومراجعة البيانات المالية ل"وورلدكوم" عام 2001، وهي شركة المحاسبة نفسها التي عملت كمدقق لحسابات شركة الطاقة الاميركية المنهارة "انرون". "زيروكس" وبعد ثلاثة أيام من فضيحة "وورلدكوم" كشفت شركة الاجهزة المكتبية الاميركية "زيروكس كورب" يوم الجمعة الماضي انها ستعدل ايراداتها عن الاعوام الخمسة الماضية بخفضها نحو بليوني دولار، مع توقعات بأن تصل التعديلات الى ستة بلايين دولار. كما ترددت اشاعات في الاسواق الاسبوع الماضي مفادها ان شركة "جنرال موتورز" اكبر مصنعي السيارات في العالم موضع تحقيق محاسبي، لكن الشركة نفت ذلك وأكدت انها لم ترتكب أي مخالفات محاسبية.