تكبدت أسواق الاسهم الدولية خسائر حادة أمس وواصل الدولار تراجعه امام العملات الرئيسية بعدما كشفت شركة "وورلدكوم"، ثاني اكبر شركة اميركية للاتصالات الدولية، انها فصلت كبير المديرين الماليين بعد اكتشاف اخطاء محاسبة تصل الى نحو اربعة بلايين دولار، في احدث فضيحة مالية تعصف بالمؤسسات الاميركية الكبرى. لندن - "الحياة"، رويترز - قالت شركة الاتصالات الاميركية العملاقة "وورلدكوم" انها ستستغني عن 17 الف موظف يمثلون اكثر من 20 في المئة من قوتها العاملة وذلك اعتباراً من يوم غد الجمعة في خطوة لخفض النفقات تستهدف توفير 900 مليون دولار سنوياً. وأضافت الشركة، التي تتخذ من مسيسيبي مقراً رئيسياً لها، ان مخالفات المحاسبة التي تتعلق بنفقات سُجلت تجاوزاً على انها انفاق رأسمالي، ما ادى الى تضخم السيولة النقدية لديها وانه بغير ذلك كانت الشركة ستعلن تسجيل خسائر صافية عن عام 2001 وفي الربع الاول من سنة 2002. وتضمنت المخالفات التي لا تتفق مع معايير المحاسبة المقبولة تحويلات بين حسابات داخلية تبلغ 3.06 بليون دولار عام 2001 و797 مليون دولار في الربع الاول من السنة الجارية. وكانت شركة "اندرسن" للمحاسبة تتولى تدقيق ومراجعة البيانات المالية ل"وورلدكوم" عام 2001، وهي شركة المحاسبة نفسها التي عملت كمدقق لحسابات شركة الطاقة الاميركية المنهارة "انرون". وهوت اسهم "وورلدكوم" في المعاملات الالكترونية عقب انتهاء جلسة التعامل الرسمية أول من أمس اثر انباء اكتشاف الشركة اخطاء محاسبة. وهبط السهم الى 20 سنتاً بعد ان اغلق على 83 سنتاً في التعاملات الرسمية في سوق "ناسداك". وكان سهم الشركة يجري تداوله بسعر يصل الى 16.06 دولار خلال 52 اسبوعاً مضت. وكانت القيمة السوقية للشركة سجلت خلال ذروة ارتفاع اسهم التكنولوجيا في الاسواق العالمية نحو 180 بليون دولار، وبلغت نحو 2.5 بليون في نهاية التعامل أول من أمس. وقالت "وورلدكوم" انها فصلت كبير المديرين الماليين سكوت سوليفان وقبلت استقالة ديفيد مايرز من منصب نائب رئيس الشركة والمراقب المالي. وقال جون سيدجمور، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي منذ اقل من شهرين: "ان فريق الادارة يشعر بالصدمة من هذه الاكتشافات. واود ان اطمئن عملاءنا وموظفينا الى ان الشركة لا تزال قادرة على البقاء ... وخدماتنا لم تتأثر بأي حال بما حدث". وتولى سيدجمور المنصب عقب استقالة برنارد ايبرز احد مؤسسي الشركة في نيسان فبراير الماضي نتيجة ضغوط من مجلس الادارة. وبدأ التداول في بورصة نيويورك أمس بتراجع مؤشر "داو جونز" ما يزيد على 150 نقطة. وكانت الاسهم الاميركية هبطت بشدة أول من أمس وقبل الكشف عن الفضيحة المالية الجديدة، واغلق مؤشر "داو جونز" الصناعي للاسهم الممتازة منخفضاً 155 نقطة او 1.67 في المئة الى 9281.82 نقطة، فيما هبط مؤشر "ناسداك" المجمع الذي تغلب عليه اسهم شركات التكنولوجيا المتطورة 36.34 نقطة او 2.49 في المئة ليغلق على 1424.01 نقطة، وهو ادنى مستوى اغلاق له منذ ان هوت السوق الى ادنى مستوياتها في ثلاثة اعوام في الحادي والعشرين من أيلول سبتمبر الماضي. وانخفض مؤشر "ستاندارد آند بورز" القياسي المؤلف من اسهم 500 شركة 16.58 نقطة أو 1.67 في المئة ليغلق على 976.14 نقطة وهو أيضاً أدنى مستوى اغلاق له منذ الحادي والعشرين من أيلول الماضي. وقال احد المتعاملين: "اجواء السوق مروعة في هذه المرحلة. لا احد يريد الاحتفاظ بالاسهم". طوكيو هبطت الاسهم الآسيوية بشدة أمس عقب الكشف عن فضيحة شركة "وورلدكوم"، وخسر مؤشر "نيكاي" للاسهم اليابانية الممتازة 4.02 في المئة أمس ليغلق على ادنى مستوى في اربعة اشهر. وقاد سهم شركة "ادفانتست كورب" هبوط اسهم شركات التكنولوجيا وخصوصاً الاتصالات . واخفق تدخل بنك اليابان المركزي لكبح جماح ارتفاع الين في وقف عمليات بيع الاسهم الممتازة لكبار المصدرين وهو ما عزز المسار الهبوطي أمس. واغلق مؤشر "نيكاي" المؤلف من 225 سهماً على 10074.56 نقطة، بخسارة 422.11 نقطة من الاقفال السابق وهو أدنى مستوى منذ 20 شباط فبراير الماضي. أوروبا هوت الاسهم الاوروبية بشدة أمس مع تراجع ثقة المستتثمرين بعد الكشف عن فضيحة "وورلدكوم". وقادت أسهم البنوك والنفط والاتصالات هبوط مؤشر "فاينانشال تايمز 100" للاسهم الرئيسية المدرجة في بورصة لندن، الذي خسر نحو اربعة في المئة من قيمته في الساعة الاولى من التداول، اذ هبط ما دون مستوى 4500 نقطة. وهبط مؤشر "كاك" للاسهم الفرنسية 4.54 في المئة صباح أمس في حين خسر مؤشر "داكس" للاسهم الالمانية 4.4 في المئة. اليورو اقترب سعر صرف اليورو من التعادل مع الدولار في الاسواق الاوروبية أمس مع هبوط العملة الاميركية تحت وطأة فضيحة المحاسبة الجديدة التي كشفت عنها شركة "وورلدكوم" الاميركية أول من أمس، وسط شكوك في شأن سياسة الصرف الاجنبي التي تتبعها واشنطن. وشق اليورو طريقه بسهولة صاعداً الى 0.9944 دولار بزيادة 1.5 في المئة على سعره السابق، مسجلاً أعلى مستوى منذ شباط فبراير عام 2000. وقال متعاملون ان من المرجح ان يشهد الدولار مزيداً من الخسائر، خصوصاً اذا استمر هبوط الاسهم الاميركية. كما انخفض الدولار الى أدنى مستوى منذ سبعة شهور أمام الين الياباني على رغم تدخل بنك اليابان المركزي مراراً بائعاً للين. وقال نيل باركر خبير استراتيجية الاسواق لدى "ار. بي. اس فاينانشال ماركتس: "السبب هو وورلدكوم. لا اعتقد ان سوق الاسهم كانت بحاجة لمزيد من الانباء السيئة فقد تلقينا اعلان شركتي فيدكس وكوانتم عن ارباح سيئة للغاية". وهبط الدولار أكثر من واحد في المئة أمام الجنيه الاسترليني الذي سجل أمس 1.5292 دولار مقابل 1.501 دولار أول من أمس. وقال محللون ان حجم هبوط الدولار قد يقلق الان بنوكاً مركزية أخرى تخشى من امتداد اثر الاضطراب الى اسواق أخرى. وأضاف المحللون انه من المستبعد ان يرفع مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي اسعار الفائدة، بل ان من المرجح الان ان تستقر أسعار الفائدة لعدد من الاشهر يزيد على ما كان متوقعاً من قبل. وأصبح المتعاملون يعدون انفسهم الان لوصول اليورو الى نقطة التعادل مع الدولار بل والارتفاع عنها. ومنذ بداية السنة الجارية ارتفعت العملة الاوروبية الموحدة بنسبة تتجاوز 11 في المئة مقابل الدولار وفي شهر حزيران يونيو الجاري ارتفع اليورو سبعة سنتات تقريباً مع تزايد الشكوك في الانتعاش الاقتصادي الاميركي وانخفاض الاسهم الى مستويات لم تشهدها منذ الفترة التي أعقبت هجمات 11 أيلول.