تحولت أزمة إعلان نتائج انتخابات المتن بين المعارضة وبعض السلطة، الى ازمة داخل الحكومة بعد ان اتهم وزير الداخلية الياس المر رئىس الحكومة رفيق الحريري بالتدخل لدى القضاء والضغط على احد القضاة، ليل الأحد الماضي، لتغيير النتيجة لمصلحة عمه مرشح المعارضة غبريال المر. وفي وقت كانت جلسة مجلس الوزراء شهدت اول من امس نقاشاً هادئاً، أكد فيه رئىس الجمهورية اميل لحود ان لا احد يقرر نتائج انتخابات المتن سوى لجان القيد القضائية المولجة بالتدقيق النهائي في حساب الاصوات وما تقرره هذه اللجان سيطبق، أكد الحريري بعد الجلسة ان لا تغيير في النتائج اعلان الوزير المر الثلثاء الاصوات لمصلحة غبريال المر لكن هناك اجراءات قانونية يفترض اتباعها. وقال وزير الاعلام غازي العريضي عن نتائج البحث في مجلس الوزراء ان "النتائج اعلنت ولجان القيد ستكرسها قانونياً". الا ان الوزير المر ادلى بعد الجلسة، التي تغيب عنها بحديث الى جريدة "النهار"، عاد فيه عن اعلانه النتائج لمصلحة غبريال المر، قائلاً انه فعل ذلك من أجل "تبريد الاجواء". وأشار الى ان والده ميشال المر "قام بجردة حساب وتبين انه نتيجة الضغط على الارض حصلت اخطاء كثيرة في أقلام اخرى وبالتالي فإن تسمية غابي المر نائباً منتخباً خطأ فميرنا المر شقيقة الوزير هي النائبة". بيروت - "الحياة" - اجتمع رئيس الجمهورية اميل لحود مع النائب المعارض نسيب لحود في اول خطوة حوار بعد انتخابات المتن الشمالي، في سياق الجهود التي بذلت لتأكيد المعارضة ان معركتها في الانتخابات الفرعية لم تكن موجهة ضد رئىس الجمهورية. ودام الاجتماع ساعة ونصف الساعة وتناول الحوار الكثير من القضايا. وعقد الاجتماع في ظل استمرار تفاعلات رفض وزير الداخلية الياس المر ووالده ميشال المر الاقرار بفوز غبريال المر. وكان وزير الداخلية قال انه مستعد للاستقالة حفاظاً على كرامة 35 ألف ناخب متني الاصوات التي ايدت شقيقته ميرنا. وأوضح بيان صادر عن المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري أن لحود جدد التأكيد في لقائه مع نسيب لحود ان موقفه "كان واحداً قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها، وهو الاستناد الى النصوص القانونية المتعلقة بمجريات العملية الانتخابية ودقائقها وان هذا الموقف لن يتغير لأنه يستند الى القانون وليس الى اي معيار آخر". وأشار البيان الى "ان البحث مع النائب لحود تركز ايضاً على الوضع السياسي العام في البلاد والتطلعات المستقبلية في هذا المجال". وعقد النائب لحود مؤتمراً صحافياً في حضور الرئىس أمين الجميل والنائب بيار الجميل والنائب المنتخب غبريال المر. وأبرز لحود المحضر الاساسي للجنة القيد العليا في دائرة المتن الانتخابية الذي كان تبلغه من اللجنة ليل الاحد - الاثنين الماضي، ويحمل توقيع القضاة الياس ابو ناصيف رئىساً والاعضاء سمير عقيقي ومنصور ضو ونورما مجدلاني ومؤرخ ب3-6-2002 ويتضمن مجموع الاصوات التي حصل عليها كل مرشح ويظهر فوز غبريال المر ب34894 صوتاً على منافسته المرشحة ميرنا المر التي نالت 34891، ولا يتضمن المحضر اي اشارة الى صندوق حملايا. وذكر لحود انه حين تبلغ بالنتيجة رسمياً كان النائب ميشال المر هناك سرايا الجديدة "ونحن غادرنا وبقي هو هذا ما حصل ليل الاحد ويضاف الى ذلك المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الداخلية الياس المر ولا نفهم اليوم كيف يحصل تشكيك في هذه القضية". وعن زيارته قصر بعبدا قال: "كما تعرفون خلال الحملة الانتخابية حاول الطرف الآخر زج رئىس الجمهورية في عملية الانتخابات ونحن أكدنا اكثر من خمس مرات ان المعركة الانتخابية لا تستهدف قطعاً رئاسة الجمهورية ونحن نحيدها عن هذا الموضوع، واليوم وبعد انتهاء العمليات الانتخابية لم نبد فقط كل ايجابية وتعاون وكل محاولة لتبريد الاجواء انما طلبت موعداً من رئىس الجمهورية ومنحني اياه بسرعة وطلعت الى عنده وأكدت تكراراً امامه انه غير مستهدف وان زيارتي له هي تكريس لذلك لحرصنا على موقعه ومكانة رئاسة الجمهورية". وأشار الى ان البحث تطرق مع الرئىس لحود الى النتائج من الناحية السياسية و"أبديت له اهمية ان هذه الانتخابات مكنت من استقطاب بعض القوى السياسية العامة التي كانت في المقاطعة واجتذابها للمشاركة في العمليات الانتخابية والحياة السياسية في لبنان". وأضاف: "قلت لرئىس الجمهورية هذا مكسب وطني كبير للمعارضة انما للدولة ككل وعليها ان تقوم بخطوة ايجابية في اتجاه هذه القوى التي انضمت الى الحياة السياسية بعد عشر سنوات من المقاطعة، وقلت له انه الوقت المناسب لاستكمال طي صفحة الحرب لتحصل خطوة ايجابية ان في اتجاه العماد ميشال عون او الدكتور سمير جعجع كما من الضروري ان تحصل خطوة في اتجاه وقف التدخلات في الاحزاب السياسية إضافة الى طي صفحة 7 آب اغسطس وتداعياتها حتى اليوم على الساحة اللبنانية، وأبديت له حرصنا على توظيف المعركة الانتخابية ونتائجها في سبيل وفاق وطني حقيقي وحوار وطني نأمل ان يكون رئىس الجمهورية راعيه وان يتناول جميع المشكلات المطروحة على الساحة اللبنانية من قانون انتخاب الى قضايا على علاقة بالوضع الاقتصادي. وكان رئىس الجمهورية مرحباً وأبدى استعداده لاستقبال وفد من لقاء قرنة شهوان للتداول في جميع هذه الامور". وأشار الى انه لم يكن مكلفاً نقل هذا الأمر الى رئىس الجمهورية، "لكني سأنقل ترحيبه بهذه الفكرة الى اركان قرنة شهوان". ونفى الاتهام الموجه الى رئىس الحكومة بالتدخل لمصلحة غبريال المر وقال: "ان الرئىس الحريري اعلن مرات عدة تأييده للمرشحة ميرنا المر". وأبدى استغرابه مجدداً "كيف ان وزير الداخلية حتى الآن لم يعلن ما لا يقبل الالتباس ان غبريال المر هو نائب المتن الجديد، لأننا كيفما نظرنا الى النتائج كلها نرى انها تصب في اتجاه فوز غبريال المر". وعلق الرئىس الجميل على القضية قائلاً: "حربنا انتهت بهذا المستند الموجود امامكم الذي يؤكد انتصار غبريال المر وكل ما عدا ذلك لن نتوقف عنده، اما طريقة التعاطي مع الانتخابات فكانت لنا اكثر من ملاحظة، ان لجهة الضغوط المباشرة التي مورست من ضباط في قوى الأمن الداخلي وموظفين كبار، وأتمنى ان يفتح تحقيق يوماً ما بكل معلوماتنا حول هذا الموضوع، وربما من لجنة تحقيق برلمانية". وأوضح النائب لحود "ان قضية احتساب صندوق حملايا او عدم احتسابه حصلت بعدما تبلغنا رسمياً بنتائج الانتخابات وتركنا سرايا الجديدة، ولا نفهم كيف اننا نبلغ رسمياً نتائج الانتخابات والمحضر اكبر دليل وبعد ذلك نسمع اخباراً عن رسائل اخرى وتقارير وخطابات بين وزير الداخلية وهذه اللجنة. كل ما حصل بعد تلاوة المحضر نحن غير معنيين فيه ونعتبر ان لا علاقة له بنتائج الانتخابات". وشهدت الساحة السياسية مواقف عدة دعت الى المباشرة بوضع قانون جديد للانتخاب. وطالب نائب رئىس الحكومة عصام فارس تقسيم الدوائر بما يعبر عن ارادة الشعب ويؤمن سلامة العملية الانتخابية بتحديث آليتها. ودعا الى عدم انتظار اقتراب الانتخابات لوضع المشروع كما جرى في الماضي. وذكر "حزب الوطنيين الاحرار" اهل السلطة الذين عاهدوا اللبنانيين على وضع القانون الجديد وجدد المطالبة بحياد السلطة في الانتخابات مطالباً باشراف حكومة حيادية عليها لتفادي ما شهدناه من تدخل وزارة الداخلية وأجهزتها". وأصدر المرشح لانتخابات المتن غسان مخيبر بياناً شكر فيه الذين ايدوه معتبراً ان الانتخابات بينت مدى الاحتقان الشعبي وتوق الناس للانتفاضة على الممارسات الخاطئة التي اوصلت البلاد الى حافة الانهيار، ومنها عدم استكمال انسحاب القوات السورية وعدم التعاطي بجدية مع تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية. وأضاف: "على رغم انتصار اصوات المعارضة فإن نتائج الانتخابات لن تعيد بذاتها الاستقلال والسيادة والحريات وهذه الاهداف لن تتحقق الا بعمل دؤوب ومستمر لاصلاح النظام". اما على صعيد موقف وزير الداخلية من رئىس الحكومة فقد وصف النائب عدنان عرقجي تهديد الأول بالاستقالة بأنه "دلع سياسي". وذكرت مصادر وزارية ان اتصالات اجريت بالرئىس لحود إثر التصريحات التي ادلى بها الوزير المر ضد الحريري، كي يتدخل لوقفها الا انه تبيّن انه لم يكن على السمع.