قال ديبلوماسيون واقتصاديون أمس إن مقاطعة السعوديين السلع الأميركية احتجاجاً على سياسات الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، أدت إلى انخفاض حاد في الصادرات الأميركية إلى السعودية. وأظهرت بيانات رسمية أميركية أن الصادرات انخفضت بنسبة 33 في المئة إلى 8.2 بليون دولار في الفترة من أيلول سبتمبر حتى آذار مارس الماضيين. وفي الربع الأول من هذه السنة انخفضت الصادرات بنسبة 43 في المئة إلى 986 مليون دولار، في مقابل 74.1 بليون دولار في الفترة ذاتها العام الماضي. وتحول عدد من المستهلكين السعوديين عن السلع الأميركية إلى منتجات أوروبية وآسيوية ومحلية، تشجعهم حملة يتولاها ناشطون يوزعون قوائم بالسلع الأميركية عبر الانترنت، وفي المدارس والمساجد. ونقلت وكالة "رويترز" عن بشر بخيت، العضو المنتدب في "مؤسسة بخيت للاستشارات المالية" قوله إن سبب تراجع الصادرات "سياسي"، وان مقاطعة السلع التي تحمل علامة "صنع في أميركا" عامل رئيسي في هذا التراجع. والسعودية هي أكبر مورد للطاقة إلى الولاياتالمتحدة، ويقدر حجم التجارة بين البلدين بنحو 20 بليون دولار. وانخفضت الصادرات السعودية إلى الولاياتالمتحدة أيضاً بنسبة 36 في المئة وأصبحت 44.2 بليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، في مقابل 83.3 بليون دولار في الفترة ذاتها العام الماضي. واعتبرت السفارة الأميركية في الرياض أن مقاطعة السعوديين المنتجات الأميركية مثيرة للقلق، لكنها أشارت إلى عوامل أخرى منها ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض التعاقدات العسكرية مع الشركات الأميركية. وقال تشارلي كستنبوم، المسؤول التجاري في السفارة: "تأثير المقاطعة كبير جداً، ونشعر بالقلق، ولكن يصعب تحديد حجم هذا التأثير من دون دراسة تفصيلية". وزاد ان "العديد من رجال الأعمال الأميركيين ارجأوا خطط سفر إلى السعودية بعد 11 أيلول سبتمبر، وتأجلت مشاريع وألغيت أخرى". وتابع ان الشركات الأميركية زودت السعودية طائرات مدنية وعسكرية قيمتها 777 مليون دولار عام 2000، وكانت القيمة خمسة بلايين دولار عام 1998، وتساءل: "هل هذا يعني أنهم يقاطعون الطائرات الأميركية؟ لا. لا توجد مقاطعة حكومية، بل شعبية". وتوقع أن ينكمش اجمالي الصادرات بنحو 20 في المئة هذه السنة. ونسبت "رويترز" إلى ديبلوماسيين يابانيين أن الأرقام الأولية تظهر أن الصادرات إلى السعودية ارتفعت بنحو 20 في المئة خلال الربع الأول من هذه السنة، فيما قال فيليب فويه، المسؤول التجاري في السفارة الفرنسية، إن الصادرات الفرنسية إلى المملكة ارتفعت إلى 535 مليون يورو خلال الأشهر الأربعة الأولى بنسبة 9.12 في المئة. ولا تزال ردود الفعل في الشارع السعودي متباينة حيال مقاطعة السلع الأميركية والتي يرى فريق أنها تؤثر في القرار السياسي الأميركي، ويعتبرها آخرون مجرد "تنفيس" لمشاعر الغضب من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط "لا يقدم ولا يؤخر" في الخريطة الاقتصادية. ويتبادل المتسوقون والمستهلكون عبر الانترنت والبريد، وكذلك باليد، مجموعة قوائم على شكل جداول توضح نوع المنتج "المطلوب مقاطعته"، والشركة المنتجة والبديل "المقترح" من المنتجات المحلية والعربية والآسيوية والأوروبية. وضمت قائمة حصلت "الحياة" على نسخة عنها 50 من أسماء الشركات الكبيرة، منها "بروكتر اند كامبل" و"كوكاكولا" و"بيبسي" و"مارس" و"باسكن روبنز" و"هاينز" و"كلوكوز" و"نايك" و"مارك اند سبنسر" اليهودية و"بيفرلي هيلز"، وكل شركات مطاعم الوجبات السريعة والسيارات الأميركية. وانخفضت وتيرة العمل في "ماكدونالدز" و"برغر كينغ" بنسب تتراوح بين 20 و30 في المئة خلال الربع الأول من السنة. وكانت أوساط خليجية حذرت من الآثار الاقتصادية السلبية على المستثمرين السعوديين والعرب بسبب المقاطعة الشعبية للسلع الأميركية، باعتبار أنها لا تتعلق فقط بتنفيس مشاعر غضب، بل كذلك بمحاذير وعواقب قد تضر اقتصادات دول المنطقة وليس أميركا، ومن ثم إسرائيل، "فبموجب هذه المقاطعة تكتسب إسرائيل صفة الحليف الوحيد لأميركا ومن الحماقة أن نترك لها الساحة من دون محاولة معالجة الخلل والسعي إلى دعم اللوبي العربي وإبرازه كأحد اللاعبين المؤثرين في صنع القرار الأميركي". ويرى رجال أعمال تحدثوا إلى "الحياة" أن المقاطعة غير مؤثرة "لأن حجم التجارة الخارجية للولايات المتحدة لا يتعدى نسبة 8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، ما يوحي بأن المقاطعة قد تكون مجدية ولكن ليس في الشكل المنشود". ويحذر رجال الأعمال في السعودية من وقوف "جهات معينة" وراء الترويج لسلع بديلة، من أجل الاستحواذ على حصة أكبر في أسواق الدول العربية.