لا تزال المشاعر وردود الفعل الشعبية في الشارع السعودي متباينة ومتجادلة بشأن مقاطعة السلع الأميركية التي يرى فريق من الناس انها تؤثر في القرار السياسي، ويعتبرها الفريق المقابل مجرد "تنفيس" للمشاعر لا يقدم ولا يؤخر في الخارطة الاقتصادية. وحذر مكتب شركة "غلف هيل آند نولوتون" للعلاقات العامة في السعودية وهي شركة اميركية تأسست عام 1929، من الاثار الاقتصادية السلبية علي المستثمرين السعوديين والعرب من جراء المقاطعة الشعبية للسلع الأميركية. وقال المكتب في تقرير موسع اصدره امس في جدة ان "الأمر لا يتعلق فقط بتنفيس مشاعر الغضب بل أيضاً بمحاذير وعواقب قد تضر بالاقتصاد الوطني لدول المنطقة وليس بأميركا ومن ثم باسرائيل، فبموجب هذه المقاطعة تكتسب اسرائيل صفة الحليف الوحيد، ومن الحمق أن نترك لها الساحة من دون محاولة معالجة هذا الخلل والسعي الى دعم اللوبي العربي وابرازه كأحد اللاعبين المؤثرين في صنع القرار الأميركي". واضاف التقرير أن علاقة الشركات والمستثمرين الذين يشترون حق امتياز انتاج العلامات التجارية الأميركية في المنطقة تنتهي بمجرد الحصول على حق استغلال الاسم مقابل نسبة 6 في المئة فقط من الارباح. وشدد على ان الشركات الأجنبية ليست لها علاقة بإدارة هذه المصانع والاستثمارات الوطنية "ومن ثم يكون من الخطأ مقاطعة هذه المنتجات واهدار مصدر كبير للدخل" من جهته نفى مسؤول العلاقات العامة في المكتب السيد طلال عيد في تصريح ل"الحياة" ان تكون أي من الشركات الأميركية او السعودية الممثلة لشركات اميركية طلبت او مولت كتابة التقرير. وقال ان شركته التي تمثل عشرات الشركات الأميركية بادرت بهذه الخطوة "التي كثر الجدل حولها". ولا يزال الشارع السعودي متفاعلاً مع دعوات المقاطعة للسلع الأميركية التي يري بعض الناس انها غير مؤثرة "لأن حجم التجارة الخارجية للولايات المتحدة لا يتعدى نسبة 8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وهو ما يوحي بأن هذه المقاطعة قد تكون مجدية ولكن ليس على النحو المؤمل به" وبات شعار مقاطعة المنتجات الأميركية يمثل وجهين لعملة واحدة، وجه وطني وسياسي ظاهر ومعلن، ينطوي بدوره على شقين رئيسين: أولهما ايديولوجي يتعلق بموقف شعوب المنطقة الرافض لسياسة الادارة الأميركية في التعامل مع معطيات الصراع العربي - الصهيوني وانحيازها المطلق لاسرائيل. أما الشق الثاني فهو عاطفي، يعكس مشاعر الغضب تجاه هذه السياسة والتضامن مع الشعب الفلسطيني ازاء محنته وصموده في وجه العدوان، والوجه الآخر تجاري باطن وصفته شركة العلاقات العامة "بوقوف جهات معينة وراء الترويج لسلع بديلة من أجل الاستحواذ على حصة أكبر في أسواق الدول العربية، مستغلين مشاعر العاطفة الوطنية المتأججة لشعوب المنطقة". وطرح تقرير "غلف هيل اند نولوتون" سؤالاً مفاده: هل تمتد المقاطعة لتشمل كل المنتجات الأميركية ومن بينها قطع الغيار والمعدات الثقيلة والأسلحة والحاسب الآلي ووسائل التقنيات المتطورة الحديثة، أم أنها ستقتصر فقط على المنتجات الغذائية والمشروبات التي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الواردات الأميركية الى المنطقة. ويشار الى ان معظم ممثلي شركات المطاعم السريعة الأميركية بادروا خلال الفترة الماضية الى تخصيص جزء من مبيعاتهم لدعم الانتفاضة او دعم الفلسطينيين في محاولة للتقليل من احجام بعض السعوديين عن السلع الأميركية الشهيرة "واثبات انهم كيانات منفصلة ادارياً واقتصادياً عن الشركات الام التي اعطتهم حقوق الامتياز التجاري" وتأثر بعض المنشآت السعودية الممثلة لشركات اميركية تأثراً ملحوظا خلال الاشهر القليلة الماضية، خصوصاً في فترة بدايات الانتفاضة والفترة التي اعقبت استشهاد الطفل محمد الدرة على شاشات التلفزيون. سورية من جهة اخرى، قال بيان صادر عن اللجنة الوطنية في سورية لمقاطعة البضائع والمصالح الاميركية ولتفعيل المقاطعة العربية لاسرائيل تلقت "الحياة" نسخة منه امس ان اللجنة عقدت سلسلة اجتماعات درست خلالها مجمل نشاطها في سورية "وقيمت بصورة ايجابية المشاعر الشعبية التي تبدت حول أهدافها العامة ونشاطاتها والنجاح الواضح الذي حققته". واضاف البيان ان من بين "الاهتمام الشديد" الذي قوبلت به نشاطاتها العمل على اصدار قوائم سوداء تتصل بالبضائع والسلع والمؤسسات الاميركية المدرجة في اطار المقاطعة.