على بركة الله... يفتتح المنتخب السعودي مشاركته الثالثة على التوالي في نهائيات كأس العالم لكرة القدم عندما يلتقي نظيره الألماني اليوم في الساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت المملكة، الثامنة والنصف صباحاً بتوقيت غرينيتش على ملعب سابورو في اليابان في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الخامسة التي تشهد اليوم ايضاً لقاء جمهورية ايرلندا مع الكاميرون. وعلى رغم ان المباراة تبدو صعبة على الورق، فان حظوظ المنتخب السعودي فيها تتساوى تماماً مع منافسه، لأن المباراة الأولى لكل منتخب في مثل هذه المناسبات الكبيرة لا تعترف ابداً لا بالتاريخ ولا بالاسماء ولا بسجلات الفوز والخسارة. وإجمالاً استعد المنتخب السعودي للمونديال بأكثر من معسكر داخلي وخارجي، أثبت خلاله اللاعبون المختارون أنهم قادرون على تشريف الكرة السعودية خصوصاً والعربية عموماً، في هذا المحفل العالمي الكبير. والمهم، ان المدرب ناصر الجوهر مطمئن الى الكوكبة التي اصطحبها معه الى اليابان لأنها الأفضل حالياً لهذه المناسبة. ولا تقل طموحات اللاعبين عن مدرّبهم، وهم عاقدو العزم على تأكيد ذلك منذ الدقيقة الأولى من المباراة. وينتظر ان يعمل الجوهر في هذه المباراة تحديداً على تقوية خط الدفاع تحسباً للهجمات الألمانية الكثيفة المتوقعة، لكن من دون ان يهمل طبعاً تدعيم خط الوسط بأكبر عدد من اللاعبين في حال الدفاع، وتدعيم خط الهجوم بعدد مقبول اثناء العمليات الهجومية. وينتظر ان تتكوّن تشكيلة المنتخب السعودي من محمد الدعيع لحراسة المرمى، واحمد الدوخي ورضا تكر وعبدالله سليمان وحسين عبد الغني للدفاع، ومحمد نور وخميس العويران ونواف التمياط وعمر الغامدي وسامي الجابر للوسط، والحسن اليامي للهجوم. ويتضح من التشكيلة ان الجوهر سيلعب بطريقة 4-5-1 وهي ربما جديدة على اللاعبين السعوديين، بيد ان معطيات اللقاء تفرض عليه هذه المتطلبات. والمهم هو ان يحسن لاعبي الخط الوسط القيام بالدورين الدفاعي والهجومي على أكمل وجه. وفي المقابل، ينتظر ان يقوم الألمان بتكثيف هجماتهم منذ اللحظات الأولى بهدف تخويف المنتخب السعودي، ولذا فعلى الأخير ان يتجاوز الدقائق الأولى بثبات وتركيز شديدين لأن ذلك يعني دخوله في أجواء المباراة بعزيمة حديد. وعلى أي حال، فان المنتخب الألماني يعاني في الفترة الاخيرة من عقم تهديفي مؤثر، وهو ما يعني ان المدافعين السعوديين سيلعبون مرتاحين... لكن حذاري من التقدم خلف المهاجمين بطريقة غير محسوبة، لأن الهجمات المرتدة في هذه الحال ستشكل خطراً جسيماً على مرمى الدعيع. واللافت، الألمان غير مطمئنين لدرجة ان الحارس الشهير أوليفر كان شبهها بالمباراة النهائية في المونديال "ونتمنى ان نحقق نتيجة جيدة تمكننا من مواصلة مسيرتنا باطمئنان". من جانبه، أعلن المدرب رودي فولر ان لاعبيه مستعدون للرد على منتقديهم من خلال مباراة اليوم تحديداً "أحترم منافسنا ولا يمكنني ان أقلل من قدراته، انه منتخب قوي وأثبت ذلك في غير مناسبة". والتشكيلة المتوقعة للألمان، والتي ستلعب حتماً بطريقة 4-4-2، مكوّنة من أوليفر كان لحراسة المرمى، وتوماس لينكه وكارستن راميلوف وكريستوف ميتزلدر وكريستيان تسيغه للدفاع، تورستن فرينغر وبرند شنايدر وديتمار هامان وميكايل بالاك لخط الوسط، وميروسلاف كلوز وكارستن يانكر للهجوم. وفي المجموعة ذاتها، تلتقي جمهورية ايرلندا مع الكاميرون في مباراة قوية سيعمل الأفارقة خلالها على إثبات أنهم جاؤوا الى هذا المونديال بعزيمة "ايطاليا 90" حين أبهروا العالم ووصلوا الى الدور ربع النهائي قبل ان يخسروا أمام انكلترا 2-3. وفي المقابل، سيعمل المدرب الايرلندي ميك مكارتي على تأكيد صحة إبعاد القائد روي كين وإعادته الى بلده من خلال تحقيق نتيجة ايجابية في هذا اللقاء. وفي مباراة ثالثة ضمن المجموعة الأولى، تلتقي أوروغواي مع الدنمارك. حفلة الافتتاح وكانت النهائيات قد انطلقت أمس بحفلة الافتتاح المبهرة التي تميزت بتراث المنطقة، وصبت فقراتها المتنوعة بمعنى واحد ان آسيا تمد أياديها من اجل التواصل مع العالم والعيش بسلام ومحبة من خلال الاجيال المقبلة. وعبرت مجموعات الاطفال التي قادت مراكب الخيل من كوريا واليابان باتجاه الغرب بأمل لقاء أطفاله والتواصل معهم قبل ان تتشابك أيادي كل اطفال العالم بلوحة تضامنية رائعة. وفي هذه اللحظة تحديداً "هطلت" عشرات الآلاف من كرات كرة القدم على الملعب والمتفرجين للتأكيد على ان الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً وكأس العالم تحديداً يمكن ان تعمل على أن يتحد العالم بأكمله على المحبة والخير والسلام. ثم قامت فنانة ال"بوب" الشهيرة جداً في كوريا الجنوبية انستاسيا بانشاد أغنية كأس العالم التي لم يخرج مضمون كلماتها كثيراً عما جاء في الأوبريت الرائعة. على ايقاع صافرة بوجسيم ومن ثم انطلقت المنافسات من صفارة الحكم الاماراتي علي بو جسيم في بادرة هي الأولى من نوعها. وما زاد من قيمتها ان المساعد الأول له كان السعودي علي الطريفي ومعهما المساعد الثاني الارجنتيني خورخي راتالينو. البداية على غير ما كان متوقعاً كانت سنغالية ووصلت الكرة الى مرمى الحارس الفرنسي فابيان بارتيز قبل ان تصل الى نظيره طوني سيلفا، لكن سرعان ما دخل أبطال العالم في اجواء المباراة وكثفوا هجماتهم في اتجاه المرمى السنغالي... من دون أن يعني ذلك أي انكماش سنغالي أو أي تأثير واضح لغياب زين الدين زيدان. واستمر الحال على المنوال ذاته... هجمات متبادلة بلا خطورة حقيقية على المرميين الى ان رد القائم الأيسر كرة من تسديدة متقنة من القدم اليمنى لدافيد تريزيغيه 22. وفي الوقت الذي شدد الفرنسيون هجماتهم، استغل الحاج ضيوف هجمة مرتدة وانطلق بالكرة من ناحية اليسار ثم عكسها أرضية أمام منطقة المرمى التي شهدت ارتباكاً واضحاً من بارتيز قبل ان ينجح بابا بوبا ديوب في اسكانها الشباك الفرنسية 29. بعد الهدف ارتبك الفرنسيون، وظهرت الحاجة الملحة ل"المعلم" زيدان لضبط إيقاع اللعب في وسط الملعب وبدء تنظيم الهجمات الفاعلة على مرمى السنغاليين. ومع اقتراب الشوط من نهايته زاد الضغط الفرنسي واستأسد الدفاع السنغالي ومن خلفه حارسه، الذي تصدى لأكثر من كرة خطيرة وحافظ على تقدم بلاده في حين نال ايمانويل بوتي أول انذار في البطولة في الوقت بدل الضائع. وفي الشوط الثاني، شمّر الفرنسيون عن سواعدهم منذ دقيقته الأولى، وسارت المباراة في اتجاه واحد نحو المرمى السنغالي... ونال بابا مالك ديوب الانذار الثاني في المباراة. وتواصلت الهجمات الفرنسية الخطرة على السنغاليين، وبدا واضحاً ان الدفاع السنغالي الى انهيار. ومع هذا تحمل طويلاً... وأنقذ سيلفا مرماه من هدفين محققين في دقيقة واحدة 57. ومع هذا الضغط الفرنسي بدأ مدرب السنغال الفرنسي برونو ميتسو يفقد أعصابه ويخرج من المنطقة الفنية المخصصة لاعطاء التعليمات، فحذّره بو جسيم بهدوء. وأجرى مدرب فرنسا روجيه لومير أول تغيير له 60، فأخرج يوري دجوركاييف وأدخل كريستوف دوغاري، ولم تتأخر نتيجة هذا التبديل أكثر من ثلاث دقائق لكنها جاءت عكسية اذ ردّت العارضة تسديدة صاروخية من قدم خاليلو خاديغا 65، قبل ان يردّ عليه تييري هنري بتسديدة مماثلة ارتطمت بالعارضة السنغالية وخرجت الى خارج الملعب. وفي وسط الهجمات المتتالية للفرنسيين، كاد خاديغا يفعلها عندما انفرد بالمرمى الفرنسي بيد ان تسديدته علت العارضة. وعلى الفور أجرى لومير تبديله الثاني، ودخل جبريل سيسي مكان سيلفان ويلتورد 80، وكاد يثمر التغيير سريعاً لكن ضربة رأس تريزيغيه علت العارضة وتلاه فرانك لوبوف بتسديدة لم يجد سيلفا صعوبة للامساك بها. ومع مرور الوقت، زاد ارتباك الفرنسيين وقلق لومير... وما زاد في الطين بلة ان فرصة التعادل الأكيدة التي لاحت للفرنسيين في الدقيقة الأخيرة افسدها الحارس السنغالي عندما تصدى ببراعة لكرة خطرة جداً من سيسي 89. اللقاء انتهى بفوز تاريخي للسنغاليين، لكن هل يمكننا القول ان "فرنسا" فازت على فرنسا على اعتبار ان اللاعبين السنغاليين يلعبون في أندية فرنسية ومدربهم فرنسي أيضاً؟... ربما. وأكثر ما يهمنا في هذه المباراة ان بو جسيم قادها بكل اقتدار وكان عند حسن الظن به، وجاءت قراراته كلها سليمة ولم تخيفه رهبة المناسبة أو أهميتها. وهو أحسن صنعاً عندما أنذر بوتي وديوب في وقت كادت الحماسة تأخذ المباراة الى منحى آخر، فأعادها الى طبيعتها. وما يبهج القلب ان مساعده السعودي علي الطريفي كان في احسن حال، وقام بدوره على أكمل وجه وكان وجهاً مشرفاً ومشرقاً للرياضة السعودية في أول مشاركة عالمية له.