نقل العراق مواجهته مع الولاياتالمتحدة إلى مرحلة جديدة، بعد إعلانه أمس وقف صادراته النفطية ودعوته البلدان العربية والاسلامية إلى دعم معركته مع واشنطن، في وقت بدا واضحاً أمس أن "بازاراً" للمساومات الدولية سيبدأ في الشهور المقبلة بين واشنطن والدول المتفهمة لمواقف بغداد، لاقناعها بالتخلي عن العراق وتأييد توجيه ضربة عسكرية له. وبعد أقل من 12 ساعة على انتهاء القمة الأميركية - البريطانية في تكساس، التي أظهرت وجود تفاهم بين لندنوواشنطن على استراتيجية من ثلاثة محاور: لضرب العراق، وبناء تحالف دولي، واقامة نظام عراقي بديل، سارع الرئيس صدام حسين صباح أمس إلى إعلان قطع إمدادت النفط لمدة شهر، أو أقل من شهر، "حسب موعد انسحاب القوات الاسرائيلية من المناطق الفلسطينية". ودعا العراق الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" إلى مساندة موقفه. واشترطت ايران وليبيا لمساندة الاجراءالعراقي حصول إجماع عربي، وهو ما عارضته السعودية وقطر والجزائر راجع صفحة 2، وسبق للكويت أن أعلنت قبل أسبوع رفضها الاقتراح. وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي: "نحن ملتزمون سوقاً مستقرة وسعراً عادلاً وامدادات مستقرة وذات اعتمادية. ولا أعتقد ان هناك ما يهدد موثوقية الامدادات النفطية على مستوى العالم، أما موثوقية السعودية تحديداً في هذا الاتجاه فأعلن عنها في اكثر من مناسبة". راجع ص 2 و11 ورفض النعيمي ربط تطورات الشرق الاوسط باحتمال حصول تغييرات مفاجئة في أسعار النفط، بعد قرار العراق وقف تصدير نفطه احتجاجاً على الاعتداءات الاسرائيلية، قائلاً: "الموقفان غير مرتبطين. يظل الاول سياسياً والاخر اقتصادياً". وفي أسواق النفط الدولية، قفز سعر خام برنت في عقود تسليم أيار مايو إلى 43،27 دولار للبرميل، بعد قرار العراق وقف ضخ النفط، وعقب التقارير التي أشارت إلى توقف موقت لصادرات النفط الفنزويلية بسبب اضرابات داخلية. وقال محللون أمس إن المواجهة بين العراقوالولاياتالمتحدة تتخذ شكلاً مباشراً، وإن كان كل جانب يبحث عن استقطاب الحلفاء، في ظل ادراك بغداد أن أي تهدئة تفرضها اشنطن في الأراضي الفلسطينية، ستتبعها المباشرة في بناء تحالف اقليمي ودولي، يمهد لضرب العراق وتغيير نظام الحكم فيه. وأشار المحللون إلى أن التصريحات المنسوبة أمس الى السفير الأميركي في موسكو والتي أدلى بها إلى صحيفة "نيزافيسمايا غازيتا" معلناً تعهد واشنطن تعويض موسكو خسائرها عن تغيير نظام الرئيس صدام حسن، ستفتح "بازاراً" تحاول كل دولة وعدها العراق بامتيازات اقتصادية، أن تقايض فيه موقفها من بغداد بدعم مالي واقتصادي مباشر. وأوضحوا أن أحد الأهداف الاستراتيجية للرئيس صدام حسين، عبر حظر النفط، قد يكون تعريض الاقتصاد الأميركي ومعه الاقتصاد الغربي إلى صدمة نفطية، تطيح بآمالهما في الانتعاش. وعندئذ فإن هامش المناورة أمام الرئيس بوش لحشد الحلفاء، ومكافأتهم، سيكون محدوداً للغاية. وفي باريس قال المدير العام لوكالة الطاقة الدولية، روبرت بريدل، ل"الحياة" إن "الاجراء العراقي غير مناسب، خصوصاً أنه جاء في وقت تمر به السوق بشيء من التوازن". وأضاف: "سننتظر لنرَ ما إذا كان المنتجون الآخرون سيزيدون الانتاج في حال استمر اجراء الحظر العراقي". وأعلن بريدل ان خط سيهان النفطي بين العراق وتركيا قد أغلق، وأن الوكالة تحققت من ذلك. واوضح ان أقصى انتاج بلغه النفط العراقي كان 2 مليون برميل في اليوم وأن 50 في المئة منها تذهب الى السوق الاميركية.