توقع مدير وكالة الطاقة الدولية في باريس روبير بريدل ان يبقى سعر برميل النفط مرتفعاً حتى نهاية الشتاء عندما ينخفض الطلب على النفط. وقال في حديث ل"الحياة" ان سبب ارتفاع السعر الحالي هو غياب الثقة بإمكانية ايجاد المزيد من العرض النفطي. وأضاف بريدل ان قرار منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك رفع انتاجها بمقدار 800 ألف برميل في اليوم لم يقنع السوق من ناحية الكميات، مشيراً الى ان هناك شكوكاً في شأن التزام حكومات الدول في "أوبك" بتعهداتها بزيادة الانتاج. ورأى ان المشكلة تكمن في ان السوق النفطية لا تثق بنظام "أوبك" بالنسبة لتنفيذ ما تعهدت به وان هناك نقصاً في المشتقات النفطية في بعض مناطق العالم. وعما يمكن ل"أوبك" ان تفعله، زيادة على انتاجها الحالي الذي يفوق 29 مليون برميل في اليوم، قال بريدل ان المسألة ليست في تزويد السوق بالمزيد من الكميات النفطية على المدى القصير وانما بعدم ثقة السوق بنظام "أوبك"، مشيراً الى ان قرارات "أوبك" الأخيرة التي نصت على زيادات متتالية جعلت السوق اكثر توتراً ولم تساهم في اعادة الاستقرار اليها. وعن احتمال استخدام الولاياتالمتحدة لمخزونها الاستراتيجي لخفض الاسعار، قال بريدل: "لا أدري، ولكن الموضوع يناقش في واشنطن، على صعيد المسؤولين واعتقد ان الضغوط على سعر النفط في واشنطن الآن أقل مما هي في أوروبا، وذلك في الأيام العشرة الأخيرة". وشرح بريدل كيفية استخدام هذا المخزون الاستراتيجي، من قبل الولاياتالمتحدة، فقال: "اذا قررت الولاياتالمتحدة تحرير بعض الكميات النفطية الموجودة في المخزون فإنها تلجأ الى بيعها لشركات نفطية تلتزم بتسديد قيمتها بواسطة كميات اضافية من النفط في نهاية الشتاء بحيث تعود الكميات النفطية الناقصة الى المخزون الاستراتيجي الاميركي". وعن سبب انخفاض المخزون النفطي العالمي، قال بريدل ان أحد الأسباب هو السياسة الشرائية للشركات النفطية، التي تفضل شراء النفط في موعد فوري، موضحاً ان هناك سبباً آخر جزئي مرده الى ان الشركات اعتقدت خلال العامين والنصف عام الماضيين، ان اسعار النفط لن تبقى عند هذا المستوى المرتفع، ولذا فإنها تجنبت شراء وتجهيز كميات النفط للمخزون، معتبرة ان الاسعار ستنخفض. وعما اذا كانت الشركات مستمرة في هذا الاتجاه، ذكر بريدل انه ليس هناك أي مؤشر على تغيير هذا النهج على الأقل حتى نهاية الشتاء، فالشركات لن تعيد بناء مخزونها الآن لأنها ترى ان الاسعار مرتفعة حالياً وانها ستنخفض فهي تنتظر هذا الانخفاض. وحول ما اذا كان يوافق على نظرية "أوبك" التي تعتبر ان المضاربة في الاسواق هي السبب في ارتفاع الاسعار، أجاب بريدل، ان أي شركة نفطية ينبغي عليها شراء النفط ومعالجته وتكريره، فهذا هو النهج التجاري لمعظم الشركات النفطية، ولكن هناك بالطبع المتعاملين بالاسواق، الذين لا يتعاملون بالكميات النفطية الواقعية، بل يتعاملون بالمضاربات على تقلبات الاسعار، وان الاحوال السائدة حالياً في الاسواق تشجع على هذا النهج من المضاربة. وعن توقعاته بالنسبة للسوق النفطية حتى مؤتمر "أوبك" المقبل، قال بريدل: "انا لا أرى أي مؤشر على زوال التوتر السائد في أسواق النفط". وقال ان السعر سيبقى مرتفعاً ولكنه ليس في وسعه التكهن بمستواه. وبالنسبة لدور التوتر الحالي بين العراق والكويت في ارتفاع السعر، خصوصاً ان بإمكان العراق تخفيض انتاجه النفطي، قال بريدل: "طبعاً هذا عامل له دور خصوصاً وان هناك تبادلاً كلامياً حاداً بين العراق والكويت، والسوق تأخذ ذلك بالاعتبار لأنه خطر". وعن احتمال قيام العراق بخفض انتاجه بما يراوح بين مليون ونصف مليون برميل في اليوم احتجاجاً على عدم حصوله على القطع المطلوبة لتطوير حقوله، قال بريدل: "ان مثل هذا الاحتمال قائم بالطبع، ولكن ليس لدي معلومات حول الموضوع، واذا انخفض انتاج العراق بهذه الكميات فسيكون لذلك بالتأكيد تأثير على السوق". وعما اذا كان هناك أمل بانخفاض سعر النفط، قال ان مثل هذا الأمل يتوافر لو ان دول "أوبك" لجأت الى تصريح واضح بالنسبة لعزمها على زيادة انتاجها مجدداً اذا بقي السعر مرتفعاً، ولو انها ضمنت ذلك بوضوح البيان الذي صدر عن مؤتمرها الأخيرة، لكانت ساعدت الاسعار النفطية على التحسن باتجاه الانخفاض، ولكن بيانها كان مبهماً جداً بالنسبة لنياتها. وعما اذا كان يشارك "أوبك" الرأي حول مسؤولية الدول الصناعية وخصوصاً أوروبا عن رفع سعر المشتقات بالنسبة للمستهلك، بسبب ضرائب تمثل 70 في المئة من سعر النفط، قال بريدل: "صحيح ان الضريبة في الدول الأوروبية تمثل هذه النسبة من السعر، وقد فهم المستهلك الأوروبي هذه الرسالة، ولكن ما هو مبهم هو ان سعر النفط الخام ليس له تأثير على السعر الذي يدفعه المستهلك، ففي السنتين ونصف الأخيرتين، كان ارتفاع سعر النفط الخام هو الذي أدى الى ارتفاع السعر الذي يدفعه المستهلك". وعن تطور الطاقة الانتاجية في دول "أوبك" وخارجها للسنوات المقبلة، قال بريدل ان هناك في العالم حالياً طاقة انتاجية محدودة، وان الطاقة الزائدة موجودة فقط في "أوبك" ولكنها محصورة بدولتين فقط هما السعودية ودولة الامارات، وتقدر بما يفوق بقليل مليوني برميل في اليوم. وعن امكانية زيادة الطاقة الانتاجية العراقية في حال رفع العقوبات، أشار بريدل ان هذا احتمال للمدى الطويل، وان اعادة بناء الطاقة الانتاجية العراقية يتطلب وقتاً طويلاً، اما على المدى القصير فليس بإمكان العراق زيادة انتاجه. وتوقع استمرار الاسعار على ارتفاعها واستمرار التوتر في أسواق النفط الى "ما بعد مرور فصل الشتاء وبدء انخفاض الطلب، اي ربما في كانون الثاني يناير أو شباط فبراير المقبلين".