سأقفُ أمامكِ مذهولاً. عندما نلتقي سألمسكِ برفْق كما تلمسُ أوراق الخريف الأرضْ. عندما نلتقي سأندفع نحوكِ كحفيدٍ يغوصُ في عباءَةِ جدِّه. عندما نلتقي سأنتحبْ. عندما نلتقي سأبحثُ عن عصا من الخيزران وأضرربك بقسوةٍ على إِليتكْ. سأضربك كحليمٍ فقد صوابهْ. عندما نلتقي عليكِ ان تخبريني لماذا تهربتِ مني طوال العمر، كلما أوشكْتُ أن أَلمسكِ اختفيتِ، وكأنّ بوابةً رهيبةً ماثلةٌ بيننا، وكأنّ مفاتيحي صدئة، أو مثلومة. أورثني حبكِ تشققاً في القدمين، ورجةً في الروح مات أكثر جسمي ومات أكثر المحتشدين فيّ. أيتها الكاملة المكتفيةُ بذاتك، أما علمتِ أبداً بتلك الأهوال؟ كان الهواء يتحولُ الى تمثالٍ صخري من الهواء، هكذا يحسُّ الناجون من المذبحة عندما تنغلق الفجوة الرائعة بين اللهاة والحلق. وهل أطلقتِ سِرْباً من الكلاب خلفنا لنواصِلَ الركضَ نحوكِ على سُلَّمٍ من الفواجعِ لا ينتهي؟ أسماءُ أصدقائي تجمدت على شواهد القبورْ والأقل حظاً قُبروا في الأخاديد. أيتها الشرهة كمسقط شلاّل أيتها القاتلة، كسقفٍ يهوي في أوج الحفلة أيتها الشغوفةُ بالمراثي وهي تغطّي القتلى بالخوصِ الأشهبِ المُبتل، ما كان أجدر بنات الثانوية بقصائدنا، وهُنّ يُسمِّرن أجسادنا على الطرقاتْ بمشيتهنَّ القادرة على تثبيتِ البَرْقْ! وما كان أجدر حقول عبّاد الشمسْ بالالتفاتِ الى وجوه امهاتِنا، لو لم تهدّم ملامحهن المصائبْ. يا من تجمعين الضحايا كحاطبِ ليل. سأُعاقبك على افساد العمرِ الوحيد الذي منحتهُ لي أمّي! سأعاقبكِ على عنادك الشبيه بعناد البِغالْ. سأضربك كما يضرب المطرُ السقيفة. سأضربك كما تضرب اجنحة الدجاج عيدان القفص. وسأُصلّي لك في صمتٍ كصمتِ ناقوسِ المعبدِ بين دقتين. سأُقبلُ جبينكِ سبعَ مرّات، سأقبّل خاصرتك وساقيكْ سأمسح خصلاتِ شَعرك، سأشم رائحتكْ. ستستعيدُ مسامي وخلايايْ رائحة حقل لوزٍ يُفضي الى حقل ليمونٍ يُفضي الى كُهوف الساحراتِ وهنَّ يَجرشن التوابل ليصنعن رُقيةً لصبيٍّ مسَّهُ العِشق. سألثمُ أطراف أصابِعك وأتكورُ بين ذراعيكِ كالكنغرِ الصغير أو سأقفُ الى جواركِ مُعتدلَ القامة، وأرفع يدكِ اليُسرى عالياً عالياً عالياً وأتركُ دموعي تسيلْ حتى تلامِسَ ابتسامتي... فقط... لو ألقاك أيَّتُها الحُريَّة!