حسم لبنان موقفه بعدم حضور اجتماعات الشراكة الأوروبية - المتوسطية يوروميد الثلثاء المقبل في فالنسيا اسبانيا، ليل أول من امس، معلناً تأجيل توقيعه النهائي على اتفاق الشراكة اللبنانية - الأوروبية الذي كان يفترض ان يتزامن مع اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مع وزراء الدول المتوسطية، وبينها اسرائيل. وأعلنت سورية رسمياً أمس مقاطعتها الاجتماعات. وأبدى مسؤولون اسبان تشاؤمهم من فشل مؤتمر فالنسيا بسبب تداعيات الوضع في الشرق الاوسط وقرار بيروتودمشق مقاطعته. وقال مسؤولون اسبان فضلوا عدم كشف اسمهم انهم يأملون الا ينزل سقف المؤتمر الى ادنى من المستوى الذي تحقق في الدورة السابقة في مرسيليا عام 2000. وأفاد هؤلاء ان تعميق البحث في معاهدة الأمن والاستقرار في المتوسط وانشاء مصرف متوسطي للاستثمار، سيتأجلان في فالنسيا نتيجة لذلك. وذكروا انه على رغم التقدم الذي حصل في لقاءات سابقة في اطار "يوروميد" فإن التعمق في الحوار كشف مدى التباعد في تعريف الارهاب ووسائل مكافحته. وحصلت "الحياة" على وثيقة اعدتها اسبانيا تدعو الى توحيد الموقف من الارهاب بالتصديق على قرار مجلس الأمن الرقم 1373. وكان لبنان وسورية طلبا تعليق عضوية اسرائيل في مؤتمر الشراكة وحين رفض طلبهما، أعلنت دمشق امتناعها عن الحضور أول من أمس، وتبعها لبنان لرفضهما الجلوس في قاعة واحدة على مقاعد مؤتمر يوروميد مع وزير الخارجية الاسرائىلي شمعون بيريز في وقت ترتكب اسرائيل المجازر ضد الشعب الفلسطيني. وفي وقت نشطت الاتصالات بعد ظهر أول من أمس من أجل إقناع لبنان بالحضور من أجل التوقيع على اتفاق الشراكة الذي كان تحدد موعده سابقاً، أفضت المشاورات ليل الجمعة الى التمسّك بمبدأ عدم الحضور ما دامت اسرائيل موجودة فيه وطلب تأجيل التوقيع على اتفاق الشراكة الذي سيتم مع رئيس المجموعة الأوروبية وزير الخارجية الاسباني جوزيه بيكيه ووزرائها كافة، "لأن من غير المضمون الا يحضر الوزير الاسرائىلي حفلة التوقيع، وهذا ما نريد تجنّبه بسبب موقفنا المبدئي برفض حضور اسرائيل أو الوجود مع وزيرها في مقرّ الاجتماع". وصدر الموقف اللبناني الرسمي بعد اجتماعات عدة عقدت أمس، فالتقى سفير المجموعة الأوروبية في بيروت باتريك رينو رئيس الحكومة رفيق الحريري في حضور وزير الخارجية محمود حمود، أعلن بعده الحريري أنه شرح لرينو ان تأخير توقيع اتفاق الشراكة لا صلة له بعلاقتنا مع أوروبا أو بالاتفاق الذي نودّ توقيعه في أسرع وقت. لكن لسوء الحظ يأتي في الوقت نفسه لانعقاد "يوروميد" الذي لن نحضره بسبب وجود اسرائيل فيه. إنها مسألة التوقيت ومستعدون ان نذهب الأسبوع المقبل أو بعد أسبوعين أو أي وقت والمفوضية الأوروبية تحدّد التاريخ وسأسعى كي أحضر بنفسي مع الوزير المختص حمود. أما رينو فأكد "اننا ننتظر بفارغ الصبر توقيع الاتفاق لأنه ليس مجرد اتفاق انشاء منطقة تجارة حرّة بل هو اتفاق سياسي مهمّ جداً ونتمنّى ان يتم ذلك في أسرع وقت ممكن". وكان الحريري أدلى بتصريح لاذاعة فرنسا الدولية قال فيه: "الصحف تنشر صور جثث ضحايا اغتالهم الاسرائىليون ونجد من الصعب تجاه الرأي العام في لبنان والدول العربية ان نجلس الى جانب ممثل اسرائيل في فالنسيا، هذا مستحيل. ورئيس الحكومة الاسرائىلية ارييل شارون يواصل مجزرته في حق الفلسطينيين. وأكد ان عدم الحضور لا صلة له بعلاقتنا بأوروبا التي نودّ ان نقيم أفضل العلاقات معها". وصدر عن الخارجية اللبنانية بيان أشار الى "ان اجتماع فالنسيا يأتي في وقت تواصل اسرائيل عدوانها على الأراضي الفلسطينية واحتلالها للمدن والقرى الفلسطينية وارتكابها المجازر ورفضها الانصياع للقرارات الدولية المتعددة. ودانت المنظمات الدولية والاقليمية ولا سيما الصليب الأحمر ولجنة حقوق الانسان هذه الأعمال الإجرامية". وبرّر البيان رفض لبنان مشاركة اسرائيل وتغيّبه بعد الاصرار على حضورها باعتدائها على عضو شريك في مسيرة برشلونة أي السلطة الفلسطينية التي هي عضو مؤسس للشراكة الأوروبية المتوسطية. كما برّرت الخارجية اللبنانية طلب تأجيل توقيع اتفاق الشراكة بسبب وجود جميع أعضاء الشراكة معاً في مكان واحد أثناء التوقيع مع ان موضوع اتفاق الشراكة بين لبنان والاتحاد الاوروبي منفصل تماماً عن الاجتماع.