بدأ وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكيه محادثاته في بيروت والتقى على التوالي رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير الخارجية محمود حمود. وقال بيكيه بعد لقائه لحود، يرافقه المبعوث الشخصي للاتحاد الاوروبي الى المنطقة ميغيل أنخيل موراتينوس: "تحدثنا عن الوضع في المنطقة، وعن الصراع في الشرق الأوسط. ونحن صدمنا بأحداث الأمس في اسرائيل ودنّا بكل قوة هذا النوع من الأعمال الارهابية. ومن المهم جداً تقديم المسؤول عن هذه الاعمال الى المحاكمة، ومواصلة الجهود من كل الاطراف للتوصل الى حل لهذه الدوامة المستمرة من العنف والارهاب، وإطلاق مسيرة السلام من جديد، من دون ان نستسلم الى اليأس الذي يسببه هذا النوع من الأعمال". وأضاف: "عبّرنا للرئىس اللبناني عن وجود بعض الأفكار لدينا لاطلاق مسيرة برشلونة المتعلقة بالحوار الأوروبي - المتوسطي، على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية كافة، وعلى صعيد الحوار الثقافي والاجتماعي بين الحضارات والثقافات". ولاحظ "ان الجهد الأوروبي في اطار الشراكة المتوسطية يجب ان يُفعّل من دون ربطه بتطورات عملية السلام وتداعياتها"، معتبراً ان مؤتمر فالنسيا الذي سيعقد في نيسان ابريل المقبل "مناسبة للبحث في هذا التفعيل". وسئل: هل قدّمتم بعض الافكار من اجل اطلاق عملية السلام على المسار اللبناني - الاسرائيلي؟ فأجاب: "تكلمنا عن كل مسارات عملية السلام، واهتمامنا الأساسي ينصب حالياً على المسار الفلسطيني، لأن الوضع مأسوي وصعب ومقلق. ونعرف جميعاً ان السلام في الشرق الأوسط، ليكون عادلاً، يجب ان يكون شاملاً. هناك بعض الأمور التي يجب حلها على المسار اللبناني، وهناك ايضاً المسار السوري الذي ناقشناه امس مع المسؤولين السوريين". وأمل الرئيس لحود في ان تتمكن اسبانيا التي تترأس الاتحاد الاوروبي "من تفعيل دور الاتحاد في الجهود المبذولة لتحريك العملية السلمية في منطقة الشرق الاوسط". وأبلغ الوزير الاسباني "ان مواقف الدول الأوروبية عموماً، واسبانيا خصوصاً، من النزاع العربي - الاسرائيلي، كانت تتسم بالحياد الأمر الذي يمكنها من لعب دور مهم في السعي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة". ولفت لحود الى "ان استعمال القوة على النحو الحاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لن يحقق أي نتيجة، بل سيزيد الأمور تعقيداً، وعلى المجتمع الدولي ان يكثف جهوده من اجل تطبيق القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية، ومواجهة الضغوط المستمرة لتجميد هذه القرارات وتجاهلها". وتناول بيكيه مع بري موضوع عملية السلام في الشرق الاوسط. وأكد رئيس المجلس النيابي ان "لا حل إلا في العودة الى مبادئ مؤتمر مدريد"، مستغرباً "هذه البدعة الجديدة في العالم عن انه لا يمكن التفاوض إلا بوقف اطلاق النار وتحديد مهلة زمنية من جانب المحتل سبعة ايام". وقال: "ان الارهاب هو الخروج عن القرارات الدولية". الاصلاح الاقتصادي وقال بيكيه بعد لقائه الحريري انه تم استعراض العلاقات والوضع في الاراضي الفلسطينية والتعاون الثنائي والاصلاح الاقتصادي في لبنان. وأضاف رداً على سؤال عن امكان عقد مؤتمر "مدريد-2" انه "في الظروف الراهنة وإذا أردنا ان نتحدث في شكل موضوعي، ليس في امكاننا ان نتكلم عن انعقاد مدريد - 2. هناك اولوية واضحة للوضع بين الفلسطينيين واسرائيل وهي اولوية امنية. علينا ان نعمل اولاً كي نتوصل الى ايجاد أفق سياسي جديد نأمل ان يؤدي الى مؤتمر جديد بالسرعة الممكنة، وعلينا ان نخرج من المأزق الذي نحن فيه في الوقت الحاضر قبل ان نتقدم الى مرحلة اخرى". وعن تقويمه توقيع لبنان اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي ومدى انعكاس ذلك على اقتصاده؟ اجاب: "انا اقوّم هذا التوقيع في شكل ايجابي جداً". وعلمت "الحياة" ان الحريري والوزير الاسباني عرضا مطولاً اهمية اتفاق الشراكة اللبنانية - الاوروبية وبحثا في امكان تحديد موعد 22 نيسان ابريل المقبل موعداً للتوقيع النهائي على هامش انعقاد مؤتمر فالنسيا. وتم الاتفاق على تثبيت الموعد في اتصالات لاحقة تجرى بين بيروت والاتحاد الاوروبي. كما عرض الوزير الاسباني نية دول الاتحاد الاوروبي إنشاء بنك اوروبي - متوسطي، للاستثمار، يتولى توفير القروض للدول المتوسطية والعربية بفوائد تشجيعية. وأبدى الحريري رغبة لبنان في إنشاء فرع للبنك في بيروت. وانتقل الوزير الاسباني والوفد المرافق الى وزارة الخارجية واجتمع مع الوزير محمود حمود ثم عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وقال بيكيه: "نحن واعون اننا امام وضع دقيق وجدّي وصعب ونحن في حاجة للهدوء وللإرادة السياسية وللتنسيق الدولي، وهذا مرتبط بالوضع السائد في كل مرحلة والوضع الداخلي لكل دولة. من جهته، قال حمود: "التزمنا ولا نزال بمرجعية مدريد وبقرارات الأممالمتحدة ومبدأ الارض مقابل السلام وما زلنا عند هذا الالتزام". الاسد وكان بيكيه التقى في دمشق أول من امس الرئيس السوري بشار الاسد الذي اكد ان بلاده ستنظر الى حين توافر "رغبة لدى الشارع الاسرائيلي" بتحقيق السلام. واوضح وزير الخارجية فاروق الشرع ان "ما نلمسه لا يعطي الانطباع" بتوافر رغبة جدية لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لاستئناف مفاوضات السلام السورية - الاسرائيلية المجمدة مند سنتين. وقال الأسد ان سورية "كما كانت في الماضي هي الآن وستبقى في المستقبل مع السلام المستند الى قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، وانها لا تتعامل مع الاشخاص وانما مع متطلبات قضية السلام في المنطقة. وهذه المتطلبات هي الثقة التي توفرها الأطراف الراعية في الدرجة الاولى لنجاح الجهود المؤدية الى السلام، وسورية مستعدة للتعاون مع الجهة الراعية للسلام التي تحظى بثقتها لأنها تلتزم اي موقف تتخذه او كلام تقوله كسابق عهدها". وبعدما اكد الاسد: "اننا لسنا متشائمين رغم مضي عشر سنوات من دون ان يتحقق شيء على أرض الواقع"، وقال ان حكومة شارون "تعبر عن رغبة الشارع الاسرائيلي وسورية ستبقى تنتظر حتى يرغب هذا الشارع بالسلام". واوضح الشرع في مؤتمر صحافي عقده مع بيكيه: "الحديث عن السلام شيء والفعل شيء آخر. نحن نسمع منذ بضعة اسابيع ان هناك رغبة في استئناف المفاوضات على المسار السوري، لكن ما نلمسه لا يعطي هذا الانطباع. طبعا الاتحاد الاوروبي يبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال. لكني أود ان أكون صريحاً وأقول ان الولاياتالمتحدة ما دامت منشغلة في الوضع في افغانستان لن تستطيع ان تقوم بدورها المطلوب في عملية السلام".