بغداد - أ ف ب - أبدى العراق تفاؤله أمس، غداة المحادثات التي أجراها مع الاممالمتحدة حول مشكلة نزع سلاحه الشائكة، لكنه اكد انه سيبقى "عصياً" على مخططات الولاياتالمتحدة التي تسعى لضربه. واتفق الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان ووزير الخارجية العراقي ناجي صبري على عقد لقاء جديد منتصف نيسان ابريل بعد محادثات بينهما الخميس في نيويورك تناولت عودة محتملة لمفتشي نزع الاسلحة الدوليين الى العراق وهو شرط تضعه الولاياتالمتحدة. لكن العراق الذي انهكت شعبه عقوبات تفرضها الاممالمتحدة منذ آب اغسطس 1990، يطالب برفع الحظر من دون شروط مسبقة. وقال صبري انه طلب من أنان رفع الحصار المفروض على العراق بعدما اجتاحت قواته الكويت في آب 1990. وأوضح صبري في تصريح اوردته وكالة الانباء العراقية: "لقد التقينا في جلستين صباحية ومسائية مع وفد الامانة العامة للامم المتحدة أثرنا فيهما مشاغل العراق المشروعة وفي المقدمة منها رفع الحصار ووقف العدوان المستمر على أرضه". وهذا اللقاء هو الاول بين العراقوالاممالمتحدة على هذا المستوى منذ سنة، وجاء في وقت تتزايد الضغوط الاميركية على نظام الرئيس صدام حسين. ومنذ مساء الخميس بث التلفزيون العراقيمرات عدة مشاهد تظهر صبري مبتسما وهو يصافح الامين العام للامم المتحدة ومن ثم خلال محادثاتهما في نيويورك وهذا أمر لم يحصل خلال لقاءات سابقة مماثلة. وخصصت الصحف العراقية صدر صفحاتها لهذه المحادثات، فاعتبرت صحيفة "العراق" في عنوان عريض ان "حوارا ايجابيا وبناء بدأ بين العراقوالاممالمتحدة"، في حين كتبت "الثورة" الناطقة باسم حزب البعث الحاكم في العراق بخط احمر "بدء الحوار بين العراقوالاممالمتحدة". ورأت "العراق" ان "الحوار الشامل يهدف الى تحقيق التنفيذ القانوني لقرارات مجلس الامن ذات الصلة بالعراق وما نصت عليه من التزامات في المقدمة منها رفع الحصار الجائر"، لكنها شددت على ان العراق سيبقى "عصياً" على المخططات الاميركية الرامية الى ضربه. وقالت الصحيفة: "ليفهم الارهابي الرئيس الاميركي جورج بوش اننا باقون ومنتصرون وهو الذي سيزول، كما زال والده الظالم بوش الاب وكلينتون وكل الحكام الذين شنوا العدوان علينا. وعليه ان يفهم ان ... العراق عصي على مخططاته لانه بلد المناضلين المجاهدين". ومضت تقول: "يبدو ان رئيس هذه الادارة الاميركية الظالمة قد نسي ان اباه القاتل الكبير الذي ابتدأ العدوان الغاشم علينا قد اعد ما لا يستطيع ان يعده غيره للعدوان على العراق من عدد وعدة وحشود، ومن وسائل فنية وتقنية متطورة وائتلاف دول الشر في العالم كلها معه، ولكنها لم تجد اي نفع له ولم تحقق لذاته الهدف الذي كان يسعى لتحقيقه". ويتوقع المسؤولون العراقيون ضربة اميركية حتى لو وافقت بغداد على عودة المفتشين الدوليين الذين غادروا بغداد في كانون الاول ديسمبر 1998 عشية حملة غارات اميركية-بريطانية على العراق. وقال نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز الاربعاء ان "العدوان الاميركي البريطاني متوقع ... ونحن لدينا كل الاستعدادات اللازمة". وهددت واشنطن المدعومة من لندنمرات عدة بمهاجمة العراق وقلب نظام الرئيس صدام حسين المتهم بتطوير اسلحة دمار شامل، في حال رفضه عودة مفتشي نزع الاسلحة. وقال وزير الخارجية الاميركي كولن باول الخميس ان الولاياتالمتحدة لا تخطط في الوقت الحاضر لاي هجوم على الدول التي صنفها الرئيس الاميركي في "محور الشر" وهي العراق وايران وكوريا الشمالية. ولم يستبعد باول قيام واشنطن بتحرك من طرف واحد ضد بغداد مجددا التأكيد ان تغيير النظام يبقى احد اهداف الولاياتالمتحدة مع ان سبل تحقيق ذلك لم تحدد بعد. وقال محللون وديبلوماسيون في لندن ان رغبة العراق في مناقشة مسألة عودة المفتشين الدوليين تبقي خيار احتواء نظام صدام حسين مفتوحا، لكنها لا تكفي وحدها لدرء خطر توجيه ضربة يدفع باتجاهها "صقور" الادارة الاميركية. واضاف هؤلاء انه حتى لو سمحت بغداد بعمليات تفتيش عن اسلحة الدمار الشامل لديها فإن البعض في واشنطن سيظل يفضل التخلص من نظامها بالقوة. وقال الخبير في العقوبات الدولية ديفيد كورترايت ان "مهاجمة العراق من دون سبب مقنع او من دون غطاء قانوني دولي او تأييد من المجتمع الدولي تحمل مخاطر كبيرة. ومما يدعو الى الحذر ان الولاياتالمتحدة تدفع في هذا الاتجاه". ويعتبر المحللون ان "الصقور" في ادارة بوش، الذين انعشهم النجاح العسكري في القضاء على تنظيم اسامة بن لادن وحماته "طالبان" في افغانستان، هم الذين يحددون شروط واشنطن في التعامل مع بغداد. وفي باريس "الحياة"، عبرت فرنسا عن أملها في ان يؤدي استمرار الحوار بين العراقوالاممالمتحدة الى عودة المفتشين الدوليين وفقاً للشروط المحددة لذلك من قبل مجلس الامن. وقال الناطق المساعد باسم وزارة الخارجية: "اننا نتابع باهتمام كبير" استئناف الاتصالات بين انان والسلطات العراقية وقد سمحت محادثات الخميس بتناول القضايا الاساسية مثل عودة المفتشين وموضوع المفقودين بطريقة "صريحة ومفيدة".