أعلن المصرف المركزي المغربي امس خفض اسعار الفائدة نصف نقطة مئوية الى 3.75 في المئة في محاولة لدفع المصارف التجارية الى تقليص معدلات الفائدة المدينة على القروض المقدمة للشركات والافراد التي كانت قُدرت العام الماضي بنحو 20 بليون دولار. جاء في بيان اصدره المصرف المركزي انه تقرر خفض النسب المرجعية للفائدة الى 3,75 في المئة من 4,25 في المئة على المعاملات الأسبوعية بين المصارف "من اجل تحسين شروط تمويل احتياجات الاقتصاد المغربي وتوفير مناخ مناسب للنمو الاقتصادي مع الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية الداخلية والخارجية". وهذه هي المرة الثالثة التي يُقدم فيها المصرف المركزي على خفض معدلات الفائدة في نحو سنة وسبق له ان قلص النسبة 0.25 في المئة في نيسان ابريل ومرة ثانية بنسبة 0.5 في المئة في تشرين الثاني نوفمبر عام 2001. واعتبر المصرف ان قراره سيحد من ارتفاع محتمل في اسعار الفائدة ويمنح المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين امكانية التحكم بشكل افضل في تصورات المشاريع المستقبلية. وكانت المصارف التجارية المغربية احجمت العام الماضي عن خفض اسعار الفائدة تماشياً مع قرار المصرف المركزي باستثناء "البنك الشعبي" و"سوسيتيه جنرال" اللذين خفضا الفائدة نصف نقطة. ويتوقع المراقبون ان لا يكون للاجراء الجديد انعكاس مباشر على معدلات الفائدة على المدى القصير بسبب عدم حاجة المصارف الى تمويلات معهد الاصدار التابع للمصرف المركزي، واستمرار اعتمادها على السيولة النقدية المتوافرة التي تُقدر بنحو 270 بليون درهم ساهمت في ارتفاعها زيادة تحويلات المهاجرين 3,3 بليون دولار وتطور عائدات السياحة 2,7 بليون دولار وتدفقات الاستثمار الأجنبي الخاص 3,1 بليون دولار. وانتقد المصرف المركزي استمرار اعتماد فائدة مرتفعة في ظل تضخم منخفض 2 في المئة وتوافر فائض مالي في المصارف التجارية ما يحد، برأيه، من توسع الاقتصاد المحلي ويحرم مستثمرين محتملين من فرص تمويل مشاريعهم خصوصاً بالنسبة للشباب منهم. ووصف محافظ المصرف المركزي محمد سقاط موقف المصارف التجارية بغياب الرؤية وغياب التنافسية وعدم تسخير المال لصالح الاقتصاد الانتاجي في وقت يحتاج الاقتصاد المغربي الى تمويلات اضافية لمواجهة العولمة وتوفير فرص العمل في الشركات الصغرى والمتوسطة تُقدرها بعض الجهات بنحو 30 بليون دولار سنوياً. ويضغط المركزي في اتجاه جعل الفائدة بين المصارف مساوية للفائدة الممنوحة من معهد الاصدار الذي يتولى الاشراف على السيولة النقدية، وهي بمعدل 4,5 في المئة في حين تصل الفائدة على القروض التجارية الى 9 في المئة من دون الضرائب وهي تصل 13 في المئة لدى شركات تمويل الاستهلاك وتراوح قروض الاسكان بين 8 و11 في المئة. وتتحفظ المصارف التجارية من جهتها عن خفض معدلات الفائدة وتعتبر ان ارتفاع المخاطر على القروض تُبرر استمرار العمل بالنسب العالية لتعويض الخسائر المسجلة في بعض الديون الدفترية التي بلغت العام الماضي 37 بليون درهم وصنفت كأموال هالكة. الأولوية لخفض المخاطر وقالت المصارف إن الديون غير المستردة تطلبت اعادة تكوين مؤونة مالية من الاحتياط وصافي الارباح ما قلص مردودية الأسهم. وكانت ارباح المصارف المغربية قُدرت العام الماضي بنحو 260 مليون دولار بتراجع عن الارباح التي كانت تُسجل في الماضي. وقال عثمان بن جلون رئيس اتحاد المصارف المغربية: "ان الاولوية في الوقت الراهن لخفض المخاطر على القروض وليس لخفض معدلات الفائدة المدينة". وتطالب اتحادات المصارف التجارية بخفض اسعار الضرائب الحكومية الى 36 في المئة المطبقة على الشركات التجارية عوض 39 في المئة المطبقة على المصارف. ووعد وزير المال فتح الله ولعلو بالبحث في الأمر في لجنة المالية التابعة للبرلمان لدرس انعكاس القرار على عائدات الخزانة. ويعتقد المراقبون ان لجوء الخزانة العامة لتمويل عجز الموازنة وسداد الديون الداخلية نحو 17 بليون دولار بالاعتماد على المصارف التجارية المناقصات الشهرية للاذونات تُقلص حالياً من فرص القطاع الخاص في الحصول على قروض ميسرة، وهو ما يحول دون خفض كلفة المشاريع وتقلص الطلب على القروض غير الضرورية. وكان المغرب عمد في الاعوام الاخيرة الى تجنب الاقتراض الخارجي في محاولة لخفض الديون الخارجية 14 بليون دولار والاكتفاء بتمويلات القروض الداخلية التي زادت بمعدل الثلث.