زادت حاجة الاقتصاد المغربي الى تمويلات داخلية وخارجية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 39 في المئة، قياساً اليها قبل سنة، متأثرة بتراجع الموارد المالية من العملة الصعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الأوروبية وتنامي عجز الموازنة العامة نتيجة تزايد النفقات وتباطؤ النشاط الاقتصادي المحلي. وأفادت مصادر مالية بأن الخزانة العامة حصلت على قروض في السوق المالية المحلية، عبر طرح سندات سيادية، بقيمة 41 بليون درهم مغربي (4,8 بليون دولار)، لتمويل عجز الموازنة وتسديد ديون حان موعد استحقاقها. ولا تشمل تلك القروض تسهيلات يقدمها المصرف المركزي المغربي للمصارف التجارية بمعدل فائدة 3 في المئة، تقدر قيمتها الشهرية بنحو 52 بليون درهم. وأضافت المصادر أن ديون المغرب السيادية ارتفعت الى 385 بليون درهم (45 بليون دولار)، بزيادة نسبتها 11,4 في المئة منذ مطلع السنة، منها ديون خارجية قيمتها 11,7 بليون دولار، وداخلية تبلغ 34 بليوناً دولار. وتتجنب الرباط منذ فترة العودة الى السوق المالية الدولية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة نتيجة أزمة اليورو، لكنها تتفاوض مع مؤسسات مالية دولية وعربية وأوروبية وإسلامية لتحصيل قروض إضافية للإنفاق على مشاريع كبيرة في البنى التحتية. وتتخوف مصادر اقتصادية من احتمال ارتفاع معدلات الفائدة المصرفية من جديد واحتمال زيادة الديون الهالكة بسبب الاعتماد المكثف من قبل الخزانة على الموارد المالية المحلية. ووصفت المصادر الوضع المالي في المغرب بأنه «الأصعب» منذ أكثر من عقد، إذ تحتاج الخزانة الى زيادة اعتمادها على التمويلات المختلفة لمواجهة ضعف الموارد الخارجية كالتحويلات والسياحة والاستثمارات الأجنبية. وكانت صادرات السلع والخدمات تراجعت 3,1 في المئة في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، في حين كانت تنمو 8 في المئة قبل سنة، بينما زادت الواردات 2,7 في المئة. وسجل الدخل الوطني الإجمالي تراجعاً من نقطتين في الفترة المذكورة. وقدرت «المندوبية السامية في التخطيط» حاجات التمويل للاقتصاد المغربي ب 10,6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 11 بليون دولار، عوضاً عن 7,8 في المئة مسجلة عام 2011، وهي اكبر نسبة عجز خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. وكان معدل الادخار الوطني بلغ 26,2 في المئة من الناتج الإجمالي خلال الفصل الأول، متراجعاً من 27,7 في المئة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. ورفعت الحكومة أسعار بعض السلع، منها المحروقات وبعض الرسوم والضرائب لتمويل جزء من عجز الموازنة، ما أثار حفيظة الطبقات الوسطى التي تتخوف من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض مستويات المعيشة تحت وطأة غلاء الأسعار.