علمت "الحياة" من مصادر أميركية ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني أوعز لمساعديه ب"اجراء اتصالات مع الفلسطينيين لترتيب لقاء" مع الرئيس ياسر عرفات في رام الله مساء امس. لكن مصدراً فلسطينياً قال ل "الحياة" في ساعة متأخرة مساء امس انه لم تجرَ أي ترتيبات لزيارة تشيني للمناطق الفلسطينية. وكان تشيني بدأ زيارته لاسرائيل امس بلقاء مع رئيس وزرائها ارييل شارون دعا خلاله الرئيس الفلسطيني الى "التخلي عن العنف كوسيلة سياسية"، مكرراً التشديد على الاهمية التي توليها الولاياتالمتحدة لأمن اسرائيل. راجع ص 4 وتزامن وصول تشيني الى اسرائيل مع تقدم في جهود وقف النار أحرزه المبعوث الاميركي الجنرال المتقاعد انتوني زيني الذي نجح في عقد لقاء امني بين مسؤولين عسكريين فلسطينيين واسرائيليين تحت اشرافه. وأسفر اللقاء امس عن اعلان وزارة الدفاع الاسرائيلية ان قواتها ستنسحب خلال الليل من الاراضي الفلسطينية التي اعادت احتلالها اخيراً و"ستسلم الفلسطينيين المسؤولية الامنية" فيها. كذلك اعلن مسؤول اميركي في واشنطن ان لقاء امنياً جديداً سيعقد غداً في القدس للبحث في تطبيق خطة "تينيت" وتوصيات "ميتشل". وعلى رغم اعلان مصادر امنية اسرائيلية سقوط صاروخين فلسطينيين من نوع "قسام-2" داخل الاراضي الاسرائيلية من دون وقوع اصابات، وقتل فلسطيني يشتبه في انه كان ينوي شن هجوم انتحاري قرب نقطة المراقبة في "كيسوفيم" بين اسرائيل وقطاع غزة، الا انه لا يتوقع ان يؤدي هذان الحادثان الى الاضرار بالزخم الذي اتخذته جهود التوصل الى اتفاق وقف النار. في غضون ذلك، شهدت جدة أمس مشاورات سعودية - اردنية وسعودية - فلسطينية تناولت مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية على ضوء مهمة زيني لوقف العنف، وكذلك التحضيرات الجارية عربياً لضمان نجاح قمة بيروت. وكشفت مصادر اميركية ان نائب الرئيس الاميركي قرر اجراء تغييرات على جدول اعماله في المنطقة وادراج اجتماع مع عرفات في رام الله، بعد ان اكد الفلسطينيون ان احداً منهم لن يلتقيه اذا حاول تجاهل الرئيس الفلسطيني. ويأتي الموقف الفلسطيني في اطار قرار اتخذته القيادة الفلسطينية بالاجماع، قبل اسبوع، ويقضي برفض اي لقاء مع اي مسؤول اجنبي يرفض الاجتماع مع عرفات شخصياً. وفي خطوة تمهيدية على ما يبدو، اعلن تشيني في الكويت انه سيحدد جدول اعماله في اسرائيل والاراضي الفلسطينية في ضوء لقائه زيني. وفي خطوة غير مسبوقة في العلاقات الاميركية - الاسرائيلية، اعلنت مصادر اسرائيلية ان تشيني سيجتمع مع اعضاء المجلس الوزاري الاسرائيلي للشؤون الامنية والسياسية اليوم قبل ان يختتم زيارته بلقاء شارون مجدداً وعقد مؤتمر صحافي مشترك في القدس. واعلن وزير الاعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه في بيان ان "الاسرائيليين عرضوا خطة امنية سنقوم بتقويمها انطلاقاً من مطالبنا في ما يتعلق بالانسحاب الاسرائيلي ونأمل في اعلان وقف لاطلاق النار حين نتفق، مع الاميركيين والاسرائيليين، على خطة امنية"، مضيفاً ان "اللجنة الفلسطينية المكلفة الشق السياسي للمفاوضات ستجتمع قريباً للاتفاق على خطة موازية بهدف تطبيق توصيات لجنة ميتشل ودرس كيف يمكن العودة الى المفاوضات من اجل التوصل الى تسوية نهائية" للنزاع. ومع تصاعد الانتقادات الدولية للسياسة الاسرائيلية، كتب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في رسالة بعث بها الى شارون، ان المعركة التي تشنها القوات الاسرائيلية في مخيمات اللاجئين والمدن الفلسطينية لها كل سمات الحرب التقليدية. واحتجّ على خرق الجيش مبادئ وقواعد القانون الدولي الانساني وقانون حماية المدنيين اثناء النزاع المسلح، كما طالب بضمان عدم استخدام القوات الاسرائيلية اسلحة ثقيلة ضد المدنيين الفلسطينيين تنفيذاً لالتزاماتها الانسانية وتوصيات لجنة "ميتشل". وتواصلت امس المشاورات العربية - العربية، اذ عقد ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إجتماعاً بعد ظهر أمس مع رئىس الوزراء الاردني علي ابو الراغب الذي سلمه رسالة من العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني لم يكشف مضمونها. وكان ابو الراغب وصل الى الرياض قادماً من القاهرة حيث تحدث وزير الخارجية المصري احمد ماهر عن تأييد عربي عام وشامل للمبادرة السعودية، معرباً عن ثقته بأن قمة بيروت ستبلور هذه الافكار في شكل مبادرة عربية تطرح على العالم. من جانبه، اعلن وزير الخارجية اللبناني محمود حمود انه ليس في مصلحة اسرائيل منع عرفات من حضور القمة، مشيراً الى اتصالات اميركية واوروبية وعربية لتمكينه من الحضور. ومن المقرر أن يلتقي الامير عبدالله في جدة اليوم المبعوثين الفلسطينيين امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ووزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث اللذين اجتمعا مع الامير سعود الفيصل وبحثا في المبادرة السعودية ونتائج مهمة زيني والموقف الفلسطيني الذي عرض عليه لوقف إطلاق النار وإعادة المفاوضات وفق ضمانات سياسية تحقق ما تم الإتفاق عليه سابقاً.