لقي مشروع قرار أميركي تبنّاه مجلس الأمن بغالبية 14 صوتاً وامتناع دولة واحدة عن التصويت هي سورية، ترحيباً من السلطة الفلسطينية لإشارته، للمرة الأولى، الى قيام دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية. ورحّبت اسرائيل، بدورها، بالقرار، خصوصاً في اجزائه المتعلّقة بوقف العنف، متجاهلة انه يدعو ايضاً الى قيام دولة للفلسطينيين. وعلى رغم ان معظم فصائل المعارضة الفلسطينية رحّبت بالقرار على أساس انه يُمثّل "تقدماً"، إلا انها اجمعت أيضاً على انه ناقص ولا يلبّي مطالب الفلسطينيين. رحّبت السلطة الفلسطينية واسرائيل أمس بأجزاء مختلفة من قرار اصدره مجلس الأمن، ليل الثلثاء - الاربعاء، ويتضمن، للمرة الأولى، إشارة إلى دولة فلسطينية. وفي حين أيدت القرار 14 دولة من اعضاء المجلس، امتنعت سورية، العضو غير الدائم، وحدها، عن التصويت على أساس ان مشروع القرار "ضعيف". وقال السفير الأميركي لدى الاممالمتحدة جون نيغروبونتي ان هذا القرار الذي قدّمته بلاده "قوي" ويُسجّل قاعدة إجماع عريضة على الأهداف والخطوات اللاحقة في العملية السلمية، كما يتخذ موقفاً قوياً ضد الارهاب. واضاف ان ذكر دولة فلسطينية لا يشكل تغييراً في سياسة واشنطن، مشيراً إلى ان الرئيس جورج بوش أعلن ذلك بنفسه. وطالب المجلس في قراره رقم 1397 ب"الوقف الفوري لكل اعمال العنف، بما في ذلك اعمال الارهاب والاستفزاز والتحريض والتدمير". ودعا الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني الى "التعاون في تنفيذ خطة تينيت وتوصيات ميتشل لاستئناف المفاوضات والتوصل الى تسوية". وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية سي. آي. اي جورج تينيت وضع في حزيران يونيو 2001 مذكرة تنص على آلية لوقف النار بين الفلسطينيين والاسرائيليين. اما تقرير لجنة السيناتور السابق جورج ميتشل، فيوصي بوقف العنف واتخاذ اجراءات ثقة ومنها وقف الاستيطان واستئناف مفاوضات السلام. وأعرب مجلس الأمن عن "تأييده جهود الأمين العام كوفي أنان والجهات الأخرى الرامية الى مساعدة الطرفين على وقف العنف واستئناف عملية السلام". وأكد، في فقرات القرار التمهيدية، "رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان، اسرائيل وفلسطين، جنباً الى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها". ورحّب ب"مساهمة الأمير عبدالله، ولي عهد المملكة العربية السعودية"، و"الجهود الديبلوماسية للمبعوثين الخاصين للولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي، والمنسق الخاص للأمم المتحدة، الرامية الى تحقيق سلام شامل ودائم في الشرق الاوسط"، وشجعهم على بذل مزيد من هذه الجهود. وأشار المجلس الى القرارين 242 و338 بصفتهما أساس تسوية سياسية للنزاع. وبرر سفير سورية في الأممالمتحدة السيد ميخائيل وهبة امتناع بلاده عن التصويت على القرار بقوله انه لم يتناول جذور النزاع وهي مسألة الاحتلال الاسرائيلي. وقال ان سورية امتنعت عن التصويت من أجل "ارسال رسالة" وكي لا تكسر وحدة مجلس الأمن. واضاف في اعلان تُلي خلال الجلسة قبل التصويت على القرار "انه يضع الجلاد وضحاياه على قدم المساواة". وكانت سورية قدّمت مشروع قرار لم يلق موافقة اعضاء المجلس. ووصف مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة القرار بأنه "مهم"، وقال انه كان صوّت لمصلحته لو كان يحق له التصويت. أما السفير الاسرائيلي ايهود لانكري فاعتبر القرار "متوازناً". وقال السفير الفرنسي جان دافيد لوفيت انه "للمرة الاولى منذ عقود اخذت الولاياتالمتحدة المبادرة بشأن قرار حول الشرق الاوسط". ترحيب فلسطيني ورحبت "الحياة، ا ف ب، رويترز السلطة الفلسطينية أمس بقرار مجلس الامن، بينما اعتبرته فصائل المعارضة "غير متوازن" مع انها اقرت بأنه "تطور". وقال نبيل ابو ردينة، مستشار الرئيس ياسر عرفات، في تصريح الى "فرانس برس": "قرار مجلس الامن مهم، وهو يشكل للمرة الأولى إجماعاً دولياً في مجلس الامن على مفهوم اقامة الدولة الفلسطينية. وهذه المرة الأولى التي يصدر عن المجلس موقف مهم وله ابعاد سياسية". ورحّب كبير المفاوضين الفلسطينيين السيد صائب عريقات، من جهته، ب"الرؤية التي تضمنها قرار مجلس الامن". وقال: "نحن نرى في هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح". لكنه شدد على انه "لا بد من التركيز على ان تتحول الرؤى السياسية الى مسار سياسي واقعي يضمن اولاً وقف العدوان الاسرائيلي ويضمن ثانياً ايجاد آليات الزامية لتنفيذ القرارين الرقم 242 و338 لمجلس الامن وانهاء الاحتلال". وأعلن الامين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني السيد احمد عبدالرحمن ان قرار مجلس الامن يشكل "تقدماً بالنسبة الى كفاح الشعب الفلسطيني الذي تنكر حكومة ارييل شارون وجوده وتعمل علناً على ازالة السلطة الفلسطينية". وأقرت فصائل المعارضة بأن قرار مجلس الامن يعتبر "تطوراً" ولكنه "غير متوازن". وقالت حركة "حماس" في بيان تلقته "الحياة"، ان "مجرد الحديث النظري عن دولة فلسطينية" في قرار مجلس الأمن "من دون توفير الآليات التي تُلزم الكيان الصهيوني بالانسحاب لا معنى له إلا تخدير المشاعر، ولا يكفي من مجلس الأمن ان يتحدث عن مجرد شعارات وعناوين ثم يترك المعالجة العملية للولايات المتحدة المعروفة بانحيازها الكامل للكيان الصهيوني". واعتبر ان مجلس الأمن "يُصر على المساواة بين الضحية والجلاد وبين العدوان الصهيوني وبين المقاومة المشروعة". وختم ان "حماس" لن "تعترف بأي شكل من اشكال الشرعية للاحتلال الصهيوني لارضنا الفلسطينية" وستبقى متمسكة ب"برنامج الجهاد والمقاومة". ورأى اسماعيل هنية، احد قياديي "حماس" في قطاع غزة ان "هذا القرار القديم الجديد تحصيل حاصل". وقال نافذ عزام، أحد قياديي حركة "الجهاد الاسلامي" في غزة: "قد يكون هناك تطور في هذا القرار لكنه لا يرقى الى الحد المطلوب"، معتبراً انه "كان من الضروري ان يكون هناك بند في هذا القرار يتحدث صراحة عن المجازر البشعة التي ترتكب ضد الفلسطينيين وكلام صريح ومباشر بوقف العدوان في شكل فوري وحازم". واضاف عزام: "نحن نقرأ تغيراً. وهناك تطور لكنه غير كاف". كذلك اعتبر جميل المجدلاوي، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، "هذا القرار غير متوازن وينظر الى الامور نظرة ضيقة ومحدودة تنطلق اساساً مما يعتبره القرار في هذه اللحظة عنفاً من كل الاطراف". وقالت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، في بيان من دمشق، ان القرار "خطوة في الاتجاه الصحيح" لكنه "جاء ناقصاً لانه لم يؤكد على وجوب رحيل الاحتلال حتى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967". الموقف الاسرائيلي ورحب وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز بالتصويت على القرار الدولي رقم 1397 الذي اشار للمرة الاولى الى "رؤية" لقيام دولة فلسطينية. وقال إن "اسرائيل ترحب بالجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لادراج فصل في قرار مجلس الامن يدعو الى وقف فوري للارهاب والتحريض على العنف". واضاف ان "اسرائيل تعتزم التوصل الى وقف فوري لاطلاق النار وتهدئة لتطبيق تقريري تينيت وميتشل ورسم السبيل لاستئناف عملية السلام والعودة الى طاولة المفاوضات". وتجاهل المسؤولون الاسرائيليون الفقرة التي تضمنها قرار مجلس الأمن والتي تشير الى قيام دولة فلسطينية. وفي موسكو، وصف وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف القرار بأنه "مهم". وقال: "ثمة دولتان، اسرائيل وفلسطين، ينبغي ان تعيشا جنباً الى جنب في سلام". وفي باريس، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ان القرار "مشجع من وجهة النظر الديبلوماسية ومهم". وفي ستراسبورغ، قال رئيس البرلمان الاوروبي بات كوكس امام النواب الاوروبيين: "علينا دعم بصورة فاعلة الدعوة لوقف اطلاق النار التي وجهها امس مجلس الامن". كما رحب وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكيه الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، بذكر مجلس الامن للدولة الفلسطينية.