أكد وفد الترويكا الأوروبية في القاهرة بعد لقائه الرئيس حسني مبارك ان "توصيات ميتشل" هي مفتاح التوصل الى مفاوضات الحل النهائي. واستقبلت إسرائيل الوفد بهجوم عنيف عبرت فيه عن رفضها أي نشاط ديبلوماسي أوروبي يحاول البحث عن حلول للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. في المقابل، طالبت السلطة الفلسطينية بموقف أوروبي واضح من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني. عقد وفد الترويكا الأوروبية اجتماعاً مع الرئيس ياسر عرفات في رام الله مساء أمس، في ثاني محطة له في جولته في المنطقة، وتشمل إسرائيل والأردن وسورية ولبنان. وكان الوفد الذي يضم رئيس الوزراء البلجيكي غي فير هوفشتاد ووزير خارجيته لوي ميشيل ورئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، توقف أولاً في القاهرة حيث التقى الرئيس حسني مبارك ووزير خارجيته أحمد ماهر. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ل"الحياة" قبل استقبال الوفد إن "الوقت حان لتتخذ أوروبا موقفاً واضحاً من الإعتداءات والعدوان الإسرائيلي واختراق مناطق سيادة السلطة والاغتيالات. على الأوروبيين أن يشيروا بوضوح إلى الجهة التي تبادر الى العنف وتختلق المشاكل وهي اسرائيل". وأعرب عن تفاؤله حيال موقف أوروبي - أميركي من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، متوقعاً أن يشمل بيان وزير الخارجية الأميركي كولن باول غداً "موقفاً ليس بعيداً عن الموقف الأوروبي". وقال ان الفلسطينيين يتوقعون أن يمارس الأوروبيون ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية برئاسة آرييل شارون للشروع فوراً بتطبيق توصيات "ميتشل" ووقف عدوانها وسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية. وقال شعث في رد على سؤال عن سبب التفاؤل الذي أعرب عنه سولانا في القاهرة، ان التفاؤل مبني على الموقف الاميركي الجديد الذي يبدو انه قريب الآن من الموقف الأوروبي خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وقال وزير الحكم المحلي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات إن المطلوب الآن مبادرة شاملة تعلن عنها الولاياتالمتحدة وأوروبا. وأوضح أن الموقف الأوروبي غير مسبوق في هذه المرحلة، اذ تقف بريطانيا إلى جانب فرنساوبلجيكا ودول الاتحاد الاوروبي مطالبة بإنهاء الاحتلال وتطبيق قراري الأممالمتحدة 242 و 338. وفي اسرائيل، نقلت الاذاعة عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء ارييل شارون قوله ان الاتحاد الاوروبي لن يلعب دوراً أكثر فاعلية في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية لأن "مواقفه منحازة الى الطرف الفلسطيني خصوصاً والعرب عموماً". واتهم الاتحاد الأوروبي بالتغاضي عن "الإرهاب الفلسطيني" و"عدم قيام الرئيس ياسر عرفات بأي خطوة لمحاربته والقضاء عليه، وعوضاً عن ذلك يدين الاتحاد اسرائيل كلما دافعت عن نفسها". واضافت الاذاعة ان الوفد وتحديداً رئيسه فير هوفشتاد سيسمع من شارون انتقاداً شديداً ل"اللعبة المزدوجة" التي تؤديها بروكسيل مع اسرائيل "فإلى جانب الرسائل المطمئنة التي بعثت بها لتقول إنها تنوي تعديل القانون البلجيكي لوقف الإجراءات القضائية ضد شارون، فإنها تشجع عناصر وجهات في بلجيكا لمهاجمة دولة إسرائيل وسياسة شارون"، في إشارة واضحة الى قرار التلفزيون البلجيكي بث البرنامج الوثائقي "المتهم" الذي انتجته "بي. بي. سي." عن ضلوع شارون في مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982. وتابعت ان توقيت البرنامج عشية زيارة رئيس الوزراء البلجيكي لاسرائيل يؤكد سياسة بلجيكا المنحازة الى العرب. وكان وفد الترويكا وصل إلى الأراضي الفلسطينية قادماً من القاهرة حيث التقى مبارك وماهر. وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي في مؤتمر صحافي مع ماهر ضرورة قيام دولة فلسطينية، إلى جانب تحقيق الأمن الإسرائيلي، مشدداً على أهمية البدء في تنفيذ خطة "تينيت" وتقرير "ميتشل". وقال: "سنناقش مع عرفات وشارون الإجراءات الأمنية اللازمة للحد الأدنى لتطبيق خطة "تينيت" وتقرير "ميتشل". وصرح برودي أن مبارك أكد للوفد أهمية بدء تحركات مشتركة بين كل الأطراف المهتمة بعملية السلام مثل الولاياتالمتحدة وأوروبا ومصر وروسيا والأممالمتحدة لاستئناف المفاوضات. وأعرب عن اعتقاده بأن الأجواء الحالية في المنطقة ليست مشجعة بشكل كبير، لكنّ هناك إمكاناً للتأثير من خلال العمل المشترك. واضاف ان الوفد يسعى إلى الضغط على شارون وعرفات لإعادتهما إلى مائدة المفاوضات. وأشار الى ان الاتحاد الأوروبي من أكثر الأطراف التي تعطي منحاً ومساعدات للمنطقة وهذه أداة مهمة لا يمكن إغفالها. من جهته، أكد سولانا أن هناك أملاً في تحريك الأمور، وقال: "نأمل بأن يتم خلال الأسابيع المقبلة حدوث أشياء إيجابية لصالح السلام، كلنا في حاجة الى هذا التقدم... ولا يمكن أن ننسى أننا في القارب نفسه". ونفى أن تكون لدى الوفد افكار جديدة بل سيبحث في كيفية وضع العناصر الأساسية لتقرير "ميتشل" موضع التنفيذ. وأكد ماهر اهتمامه بالخطاب المنتظر لباول، إلا أنه دعا إلى عدم الاكتفاء بالانتظار، وقال: "إن الجهود مستمرة وستستمر قبل الخطاب وبعده"، وشدد على أهمية رفع "فيتو" شارون عن تقرير "ميتشل" وهو الذي يشترط وقف العنف لمدة 7 أيام، وقال إن "هذا غير معقول ولا يمكن أن نرهن عملية السلام بأكملها على فيتو الحكومة الإسرائيلية". وعما ذكره مبارك عن سعي الدول العربية لامتلاك اسلحة نووية لمجابهة التسلح الإسرائيلي، أكد ماهر أن تصريح مبارك تم تفسيره بشكل خاطئ. وعن فكرة الرئيس جاك شيراك عقد مؤتمر "مدريد 2"، أعاد ماهر التأكيد أن "مدريد 2 سيكون فرصة لإسرائيل للتنصل من التزاماتها. أما عقد لقاء بين الدول المهتمة فهي فكرة مهمة سيأتي وقتها".