لا يزال مصير آلاف الباكستانيين الذين قاتلوا في صفوف حركة "طالبان" غامضاً، في ظل عجز الحكومة الباكستانية عن المطالبة بالإفراج عنهم، خشية أن يسبب ذلك في غضب الطرف الأميركي، خصوصاً وأن احداً لا يعرف مدى ارتباطاتهم بتنظيم "القاعدة". واكتفى رئيس الحكومة الأفغانية الموقتة حميد كارزي بالقول خلال زيارته الاخيرة لباكستان: "سنميز بين الصالح والطالح من هؤلاء الأسرى"، من دون أن يكشف عن المعايير لذلك. ويقدر البعض عدد الأسرى الباكستانيين أو المفقودين في شكل عام، بحوالى سبعة آلاف، من أصل عشرة آلاف باكستاني توجهوا إلى القتال في صفوف "طالبان"،إلا أن منظمة الصليب الأحمر الدولية أحصت اخيراً 895 باكستانياً في معتقلات تحالف الشمال. وتراوح أعمار هؤلاء بين 25 و60 عاماً. ويتوزع هؤلاء المعتقلون بين سجون الميليشيات الاوزبكية بقيادة عبدالرشيد دوستم في شبرغان شمال أفغانستان، وبين قاعدة قندهار التي تديرها القيادة الأميركية ويتوقع أنها تضم حوالى 500 معتقل باكستاني، اضافة إلى معتقلين في كابول وكابيسا لدى قوات مجلس "شورى نظار" الذي كان يقوده القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، وهناك مجموعة من الباكستانيين المعتقلين في غوانتانامو. وكان المعتقلون الباكستانيون الذين وقعوا في أسر القادة الأفغان في الشرق الأفغاني أطلقوا جميعاً لسببين: الأول بسبب الدلالة الباكستانية على هؤلاء القادة، والثاني كون القادة يتشاطرون مع الاسرى الانتماء الى العرق البشتوني. ويحرص زعماء الحرب الأفغان على الحصول على فدية في مقابل الإفراج عن كل باكستاني معتقل لديهم. وكشف احدهم ويدعى سلطان خان من منطقة دير القريبة من بيشاور، أنه كان معتقلاً في منطقة كابيسا مع جماعة مسعود ولكن افرج عنه في مقابل 55 ألف روبية باكستانية أي ما يعادل ألف دولار. وينتشر سماسرة في باكستان من أجل الإفراج عن أي باكستاني معتقل لدى قادة تحالف الشمال وذلك في مقابل ثلاثة آلاف دولار أميركي. وروى بعض الأسرى الباكستانيين الذين أفرج عنهم تفاصيل عن المعاملة القاسية من جانب سجانيهم، كما شكا هؤلاء من بعض قادة "طالبان" الذين باعوا أنفسهم في مقابل حفنة من الدولارات وضحوا برفاقهم من الباكستانيين والعرب. والغريب أن الصمت لم يشمل الحكومة الباكستانية تجاه هؤلاء المعتقلين فقط وإنما تعداه إلى الجماعات الإسلامية الباكستانية التي لعبت الدور الأساس في تحريض هؤلاء الشباب على القتال في صفوف "طالبان"، وتفسر مصادر هذه الجماعات صمتها إلى أنها لا تملك أي نفوذ لدى تحالف الشمال، اضافة إلى مخاوفها من إمكان لجوء الولاياتالمتحدة إلى وصمها بالإرهاب.