بات في حكم المؤكد أن تتجه السلطات النقدية في مصر إلى تنويع سلة احتياط النقد الأجنبي الذي يحتفظ به المصرف المركزي لتضم عدداً من العملات الدولية في مقدمها اليورو بعدما كشفت الاتصالات الحكومية الاخيرة مع الدول المانحة ومؤسسات التمويل الدولية عن ميل صريح لدى حكومة الدكتور عاطف عبيد لإدخال تعديل ملموس على هيكل الدين الخارجي وإعطاء "اليورو" الفرصة للدخول ضمن هذا الهيكل. واسفرت الاتصالات عن وعود من الاتحاد الأوروبي بتقديم نحو بليون يورو 4.075 بليون جنيه خلال الفترة المقبلة اضافة الى نحو 100 مليون يورو يقدمها كل من بنك الاستثمار الأوروبي واسبانيا، ونحو 5،1 بليون دولار يقدمها البنك الدولي إلى مصر على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما سيتم التأكيد عليه خلال اجتماعات الدول المانحة اليوم في شرم الشيخ. ويمثل هذا التحول أول مبادرة في هذا الاتجاه، وهو ما كانت مصادر مصرفية أشارت إليه في تصريحات خاصة لپ"الحياة" في ظل تنامي الارتباطات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي إلا أن القلق من إحداث أي تأثير سلبي على سعر صرف الدولار في السوق المحلية المصرية منع الحكومة من اتخاذ أي إجراءات فعلية في الفترة السابقة والاكتفاء بالامتناع عن نفي هذا التوجه وعدم تأكيده. ولم تكتف الحكومة المصرية بذلك التنويع فحسب بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما قبلت قرضاً يابانياً بالين بقيمة 130 مليون دولار إضافة إلى البحث في تلقي قروض باليوان الصيني في ظل تنامي العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين وسعي الصين إلى الاستفادة من احتياطياتها لخلق طلب دولي على عملتها المحلية. وقال الخبير المصرفي داود محمود ان التوجه يمثل تطوراً إيجابياً في السياسة النقدية التي تحاول الحكومة انتهاجها في الفترة الأخيرة منذ لجوئها إلى التقليل من أعباء الدين المحلي والاتجاه إلى التمويل الدولي الأرخص سعراً والأكثر قدرة على تنشيط السوق. ولفت الخبير إلى أن تنويع الاحتياط والتحول إلى سلة عملات يجعل هناك فرصة كبيرة لاختبار السياسات النقدية الفعالة وقياس مدى قدرة الجهاز المصرفي على إدارة أسعار الصرف والاستفادة من فروقها واسعار العائد عليها في استثمار الاحتياط على النحو الأمثل وتقليص هامش المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها. كما أن تنويع هيكل الدين الخارجي وهيكل الاحتياط معاً أمر ضروري لاكساب القرار الاقتصادي المصري مزيداً من المرونة في علاج عمليات سداد الدين وأعباء خدمته من جهة والتعامل مع تقلبات عارضة في أسواق الصرف العالمية من جهة أخرى. يُذكر أن مشروع تحويل الاحتياط الى سلة عملات كان قدم إلى رئيس الحكومة عاطف عبيد قبل نحو ستة شهور عن طريق لجنة من خبراء الجهاز المصرفي ورؤساء مجالس إدارات المصارف العامة.