} تحاول الحكومة المصرية، عبر العودة الى الاستدانة من الاسواق الدولية بالعملات الرئيسية، الى تمويل العجز في الموازنة العامة وخفض كلفة الدين العام بعدما تجاوز حجم الديون الداخلية مستوى 185 بليون جنيه، الدين الخارجي 27 بليون دولار، بفائدة تراوح بين 9.9 و11 في المئة في حين لا تتجاوز كلفة الفائدة على الدين بالدولار 2.5 في المئة. يتجه الجهاز المصرفي في مصر الى وقف عمليات تمويل الدين العام المحلي لسداد بعض بنود الموازنة العامة حسبما كان يجري سابقاً، وهو التوجه الذي يجد ترجمته المباشرة خلال هذه الفترة في سعي الحكومة الى العودة الى الاستدانة الخارجية مرة أخرى كما هو مُتوقع عند استضافة اجتماع الدول المانحة الشهر المقبل. وتنامى الاتجاه الى الاستدانة الخارجية داخل حكومة الدكتور عاطف عبيد منذ ختام الموازنة العامة العام 2000- 2001 التي انتهت في حزيران يونيو الماضي عندما قررت الحكومة على الاثر طرح السندات الدولارية السيادية في الاسواق الدولية بقيمة 5،1 بليون دولار بعد ان تنامى الدين العام المحلي الى 4،185 بليون جنيه. واذا كان التفكير بهذا التوجه بدأ منذ ذلك التاريخ كما ذكر مصدر مصرفي مطلع ل"الحياة" إلا أنه لم يتبلور كموقف إلا بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر الماضي وتأثيرها على أسعار الفائدة فيما يتعلق بعملة الاستدانة الخارجية للبلاد وهي الدولار الذي شهد تراجعاً شديداً في اسعار الفائدة عليه ترافق مع ميل لدى دول الفائض التي تحتفظ به لعرض اقراضه بأسعار فائدة مغرية حيث يبلغ متوسط سعر الفائدة المعروض بين 25،0 و50،0 في المئة زيادة على سعر "الليبور" سعر الاقراض الدولي في السوق اللندنية وهذا المعدل يقل كثيراً عن كلفة الاقتراض المحلي في مصر التي تصل، في أدنى مستوى لها وكما يتمثل في شهادات الاستثمار التي يقوم البنك الاهلي بجمعها لمصلحة "بنك الاستثمار القومي" التابع للحكومة، الى نحو 11 في المئة ونحو 95،9 في المئة بالنسبة للأذون والسندات الحكومية وهو ما يزيد بالقطع على مستوى سعر الفائدة على القروض الدولارية الدولية مع أخذ فروق اسعار الصرف الاخيرة بين الجنيه والدولار في الاعتبار التي تجعل الاقتراض الخارجي اقل كلفة من الاقتراض المحلي بنسبة لا تقل عن 2 في المئة ما لم يستمر سعر صرف الجنيه في التراجع أمام الدولار على النحو الذي جرى عام 2001. واكد الخبير المصرفي داود محمود أن لجوء الحكومة الى الاستدانة الخارجية يكتسب وجاهة في ضوء اعتبارات عدة على رغم مخاطرها في حال عدم ضمان مردود فعال لأوجه انفاق الدين الجديد. يذكر أن هيكل الدين الداخلي حسب أحدث الارقام الصادرة عن المصرف المركزي المصرفي يتوزع على ثلاثة مصادر، الاول رصيد الارصدة القائمة من الأذون والسندات الحكومية ويصل الى 6،81 بليون جنيه، والثاني رصيد قروض الحكومة من بنك الاستثمار القومي ويبلغ 6،92 بليون جنيه، والثالث صافي الفارق بين ارصدة الحكومة لدى المصارف والتسهيلات التي تحصل عليها منها ويبلغ بعد الخصم 2،11 بليون جنيه تمثل في مجموعها اجمالي حجم الدين المحلي الذي يزيد بمعدل سنوي لا يقل عن 5 في المئة من دون ان تكون لدى الحكومة خطة محكمة لعملية السداد، ما دفع الحكومة اخيراً الى طرح مشروع قانون لتحويل الهيئات الاقتصادية التابعة لها ذات الديون الضخمة 40 بليون جنيه الى شركات قابضة لإخراج ديونها من اجمالي رصيد الدين المحلي وهو ما لم يتم إقراره حتى الآن.