تحولت انتخابات الرئاسة في زيمبابوي الى قضية عالمية مع وجود حملة على تجاوزات الرئيس روبرت موغابي في الحكم، وفي ادارته الانتخابات، وهو اتهم أخيراً منافسه على الرئاسة مورغان تسفانغراي بالخيانة العظمى، بعد ان اتهمه بالاتصال بشركة استشارية كندية السنة الماضية ل"تصفية" موغابي. لست خبيراً في شؤون أفريقيا، جنوب الصحراء، ومعرفتي بزيمبابوي لا تتجاوز حدود قراءتي اليومية من صحف وتقارير مراكز الأبحاث وغيرها، ولا أعتزم بالتالي التعليق على سير حملة الانتخابات في ذلك البلد، وانما كانت السطور السابقة مقدمة لموضوع آخر، فالمشكلات مع موغابي بدأت عندما زار لندن في تشرين الأول أكتوبر سنة 1999 للتسوق. ونصب بيتر تاتشل، وهو من دعاة حقوق الشاذين جنسياً، كميناً خارج فندق بتهمة ان الشاذين مضطهدون في زيمبابوي، فعاد موغابي الى بلاده، وبدأت بعد ذلك حملة حكومته وحزبه وأنصاره على المزارعين البيض، وهي حملة أدت الى سقوط قتلى وجرحى، وتدمير مزارع وحرق منازل وممتلكات أخرى. وإذا كان لي من ملاحظة فهي ان مثل هذه الأمور الشخصية جداً يجب ان تبقى بعيدة عن التجاذب العلني. لا أدين هنا موغابي أو تاتشل، وانما أقول ان انهيار العلاقات التدريجي بين حكومة موغابي وبريطانيا، ثم الدول الغربية الأخرى، بدأ بتلك المواجهة. تذكرت محاولة تاتشل "اعتقال" موغابي في لندن، وأنا أتابع انتخابات زيمبابوي وزيارة الملكة اليزابيث نيوزيلندا واستراليا، ومع هذا وذاك فأمامي أخبار كثيرة عن مواضيع الشذوذ الجنسي في الغرب ممارسو هذا النوع من الجنس يصفون أنفسهم بأنهم "أحاديو الجنس"، ولا يعتبرون أنفسهم شاذين. مرة أخرى، لا أدين أحداً وانما انقل ما أقرأ، فصحف لندن هذا الأسبوع نشرت أخباراً وصوراً عن مصافحة الملكة جورجينا باير، وهي نائبة في برلمان نيوزيلندا من شعب الماوري، أو السكان الأصليين للبلاد، لدى وصولها الى ولنغتون. كانت النائبة باير ضمن اركان الحكومة الذين تقدمتهم الليدي سيلفيا كارترايت، المحافظ العام، وما كان وجودها ليثير أي تساؤل لولا ان الآنسة جورجينا ولدت ذكراً اسمه جورج برتراند، قرر وهو في السابعة عشرة أن يعيش كأنثى، وأجريت له عملية جراحية سنة 1984 وتحول الى امرأة. ولا بد من ان هناك قضايا مهمة كثيرة في العلاقات بين بريطانيا ونيوزيلندا، الا انها جميعاً تراجعت الى الخلف فيما احتلت صورة اليزابيت وجورجينا الصدارة في الأخبار عن الجولة الملكية. وكنت قرأت قبل ذلك خبراً جعلته جريدة "الاندبندنت" هذا الشهر "مانشيت" الصفحة الأولى، خلاصته ان الحكومة البريطانية قررت ان يعطى "رفيق" وهي كلمة محايدة من عندي كل نائب يمارس الشذوذ، ويقيمان معاً، حق التقاعد كالزوجة. وطالب موظفو الحكومة الآخرون فوراً بالمساواة بين الشاذين في البرلمان وخارجه. وضم الخبر قائمة بالوزراء والنواب من هؤلاء، وكان بينهم وزير الصحة آلان ميلبورن ووزير النقل ستيفن باير، والنواب كريس سميث وستيفن تويغ وبن برادشو. وهذا الأخير وزير في وزارة الخارجية مسؤول عن الشرق الأوسط، وهو ممتاز كسياسي معتدل يعرف موضوعه جيداً. وكنت رأيته في مناسبة اجتماعية عربية قبل شهرين، وأعجب بعض الحاضرات بشبابه ووسامته، واجتمعن حوله، ودعته اثنتان لزيارة لبنان، ولم أشأ أن أفسد عليهن السهرة بشرح ميوله الجنسية. وتقضي الموضوعية أن أسجل شيئاً على الصحافة. فقد كنت أقرأ خبراً في "الغارديان" عن خلفية سبق صحافي حققته جريدة أخرى، وقرأت ضمن التفاصيل ان غاي بلاك، مدير لجنة الشكاوى الصحافية، يقيم مع مارك بولاند، نائب السكرتير الصحافي لولي عهد بريطانيا. لا أريد ان أقف هذه الزاوية على الانكليز، فأنتقل الى النرويج، حيث أصبح وزير المالية بير - كريستيان فوس، رئيساً للوزراء بالوكالة في غياب رئيس الوزراء كييل ماغني بوندفيك، ليصبح أول شاذ معروف يتسلم رئاسة الوزارة في بلد غربي، وكان فوس احتفل قبل ذلك ب"الزواج" من صديقه... فلا أقول سوى مبروك وبالرفاه، ولكن من دون بنات أو بنين طبعاً. مرة أخرى، لا أدين أحداً وإنما اسجل خبراً يكاد يكون يومياً ملاحظتي الوحيدة عليه، هو ان القانون البريطاني يسمح بالشذوذ "بين بالغين برضاهم"، وكنت افترض ان يكون الموضوع علاقة خاصة بين الراغبين من دون طبل أو زمر وأخبار شبه يومية في الصحف. واختتم بمصر، وليس فيها أي وزير شاذ، فكلهم فالنتينو عصره، والحاج متولي نفسه يحسدهم على انتصاراتهم النسائية، غير انني قرأت خبراً يقول ان بارني فرانك، عضو مجلس النواب الأميركي، رفض دعوة لحضور ندوة في القاهرة برعاية الحكومة المصرية، مندداً بمعاملة هذه الحكومة للشاذين. لا أقول للنائب فرانك سوى "ان شاء الله عمرك ما زرت مصر أو غيرها"، والشذوذ الجنسي بسيط بالمقارنة مع شذوذ السياسة الأميركية.