يرتبط صعود أسعار النفط الى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أشهر أكثر من 29 دولاراً لبرميل برنت بالاضطرابات السياسية في فنزويلا، والكلام المتزايد على الحرب في العراق. فالاضرابات في فنزويلا - وخصوصاً في قطاع النفط - ضد الرئيس هوغو شافيز الذي يتمسك ببقائه في الحكم، على رغم مطالبة متزايدة باستقالته، أدّت الى نقص في السوق الأميركية التي يتحدد فيها سعر النفط العالمي. وفنزويلا عضو أساسي في منظمة "أوبك" ومصدّر أساسي الى الولاياتالمتحدة، بمعدل مليون ونصف مليون برميل من النفط الخام ومشتقاته. ونتيجة للاضطرابات السياسية انخفضت الصادرات في شكل كبير. والعامل الآخر المؤثر في صعود الأسعار هو الحديث المتزايد عن حرب على العراق وتوقع موعدها أواخر كانون الثاني يناير أو شباط فبراير، خصوصاً تصريحات وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي اكد أن للولايات المتحدة قدرة على توجيه ضربة الى العراق وكوريا الشمالية في وقت واحد، إضافة الى تصريحات أخرى أميركية عن عدم كشف بغداد كل ما لديها من أسلحة في الوثائق التي سلمتها الى الأممالمتحدة. يضاف الى ذلك أن صادرات العراق النفطية ما زالت تواجه مشكلة آلية التسعير إذ ان الأممالمتحدة تفرض تسعيرة بمفعول رجعي، أي أن مشتري النفط العراقي لا يعرفون سعره إلاّ بعد بيعه، الأمر الذي لا يشجع على شرائه. وهكذا فإن السوق النفطية، وعلى رغم تأكيدات دول "أوبك" وفي مقدمها السعودية وغيرها من الدول المنتجة، أنها جاهزة لتعويض أي نقص في الأسواق، تشهد توتراً في ظل شح في أميركا ونتيجة اوضاع فنزويلا. ولا يكفي المخزون الاميركي لوقت طويل، والخام الفنزويلي يصعب تأمين بديل منه. وعلى رغم تطمينات الدول المنتجة الكبرى مثل السعودية التي لديها طاقة انتاجية فائضة بأكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم، يبقى القلق قائماً لأن نفط الخليج يحتاج الى شهر ونصف شهر للوصول الى الولاياتالمتحدة. وكان سعر النفط استقر مع أخبار الحرب على العراق عند سعر 26 - 27 دولاراً للبرميل، لكن الاضطرابات في فنزويلا زادته نحو 3 دولارات. وكلما بقي شافيز متشبثاً بالرئاسة واقترب موعد الحرب على العراق، ستواصل أسعار النفط الارتفاع، خصوصاً في موسم الشتاء. ولن يكون بإمكان دول "أوبك" تلبية حاجات أسواق رئيسية مثل الولاياتالمتحدة بالكفاءة التي كانت تؤمنها فنزويلا.