بدأت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية بتنفيذ برنامج لتأهيل أئمة وخطباء المساجد، ويتضمن البرنامج عقد لقاءات دورية بين الأئمة والخطباء والدعاة وتنظيم زيارات لكبار العلماء ونشرها في الصحف، وعقد ندوات وحلقات علمية ونشر بحوث ودراسات عن أصولها ومضمونها، وجمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين والأئمة في كتاب وتعميمه على خطباء مساجد المملكة. ربما يكون جمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب وتوزيعه على خطباء المساجد أهم خطوة في برنامج تأهيل الأئمة والخطباء الجديد، لأن هذه الخطوة ستفرض مقارنة شرعية وعلمية بين أصول خطب الجمعة في الإسلام وشكلها المعاصر، وسيكشف الكتاب كيف تحولت خطب الجمعة في بعض الأحيان إلى بيانات سياسية استبدلت التشهير والتعميم والتشدد والتحريض بالوعظ والإرشاد ومراعاة مقتضى الحال والاهتمام بثقافة المستمعين وهمومهم ومشاكلهم، فضلاً عن أن هذا الكتاب سيقدم دليلاً لا يقبل الجدل على أن بعض الأئمة يستند في خطبه إلى فكر أحزاب وتيارات سياسية. الإجراء الجديد الذي أعلن عنه وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ليس الأول، لكن البرامج السابقة نفذت في شكل روتيني، ولهذا استمر بعض المنابر يؤدي دوره من دون الالتزام بأصول الخطبة، وجرى التساهل في تعيين خطباء المساجد فأوجدت هذه الحال تفاوتاً في المستويات، وتحول بعض المنابر إلى تعبير ذاتي عن فكر جماعة أو فرد أو بضعة أفراد. وبعد أحداث 11 أيلول سبتمبر أصبح يوفر مادة خصبة للهجوم على السعودية وفكرها الديني وسياستها وموقفها من الآخرين. إن منابر الجمعة أهم وسيلة لقيادة الرأي العام والتأثير فيه، لكن شروط تعيين الخطباء لا تتناسب مع أهمية دورهم، ولعل الإجراء الجديد يقر نظاماً لشغل هذه الوظيفة يمنع تكرار الأخطاء السابقة التي خلقت مشاكل وأوجدت صورة غير حقيقية عن الدين والمجتمع، ويضع حداً للتساهل في اختيار ومتابعة الخطباء وتطوير مهاراتهم.