نبه معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز ال الشيخ ائمة وخطباء المساجد والجوامع الى وجوب الالتزام بالهدي النبوي في القيام بواجبات الامامة والخطابة، مشددا على ان واجبات الجميع في هذه الوظائف مؤصلة شرعا، ومكتسبة بأصل الشرع قليلها من هو متحقق بها بالاوصاف المعتبرة شرعا، وقال: التفريط في هذه الواجبات تفريط فيما كان ايجابه بأصل الشرع.. واعاد معاليه - خلال لقائه بالائمة والخطباء في مساجد وجوامع تبوك - التأكيد على ان من اهداف الخطيب في خطبته النصح، والوعظ، والارشاد، وليس التشهير بالناس، وقال: ان هذا امر شرعي مطلوب وليس من اهدافه، بل لا يجوز له ان يجعل الخطبة موضع تشهير باشخاص، أو تشهير بدول، او بوضع معين ونحو ذلك. الوظائف الشرعية المكتسبة وقال معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ - في مستهل حديثه للائمة والخطباء في تبوك: ان اللقاء بيننا يتجدد كما تعلمون بين الحين والاخر لغرض التشاور والبيان فيما نعلمه مصلحا لاداء الامانة في عمل الائمة والخطباء والمؤذنين في المساجد.. وكما يعلم الجميع ان هذه الوظائف المتعلقة بالمسجد هي وظائف شرعية ومعنى كونها وظائف شرعية انها مكتسبة بأصل الشرع فيها من هو متحقق بها بالاوصاف المعتبرة شرعا، واصله في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم اقرأوهم لكتاب الله، فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة.. الحديث) وقد نص الفقهاء - رحمهم الله تعالى - في كتبهم على انه يقدم الاقرأ الافقه، وهذا بيان لان اصل العمل مطلوب شرعا، فتولية الامام والمؤذن والخطيب هي تولية بأصل الشرع، ولذا امر الامام ولي الامر به. واضاف معاليه قائلا: والاصل ايضا ان اجر هذه الاعمال الشرعية لا يؤخذ من الرزق والمكافآة من بيت المال عليه انما هو للاعانة على القيام بهذه الوظائف الشرعية وليس من قبيل الاجرة، لأن الأجرة في العبادات غير سائغة، والنبي - صلى الله عليه - قال: (واتخذ مؤذنا لا يأخذ على اذانه اجرا) يعني لا يستأجر لكي يؤذن، كما انه لا يستأجر لكي يؤم الناس، ولا يستأجر لكي يخطب بالناس خطبة الجمعة، وانما ما يأخذه هؤلاء الأئمة والخطباء والمؤذنون انما هو رزق ومكافأة واعانة لهم من بيت المال، وهذا لا يسهل المسؤولية، بل يعظم المسؤولية لانهم انما يأخذون بأصل الشرع، هذا يجعل حرص الجميع على اداء الامانة ورعاية هذه الواجبات من اعظم ما يكون. وحذر معاليه من التفريط من رعاية هذه الواجبات فالتفريط فيها هو تفريط فيما كان ايجابه بأصل الشرع ولهذا يترتب على هذا مسائل، المسألة الأولى: ان الواجب على الخطيب ان يؤدي الامانة في خطبته، والخطبة - خطبة الجمعة - وليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، ولم يكن في عهده - عليه الصلاة والسلام - مسجد - أي في المدينة - يخطب فيه الا مسجد الرسول - صلى الله وسلم - ولم يكن ثم خطيب آخر للجمعة، وكذلك في عهد ابي بكر، وعمر، وعثمان حتى افتى بعض اهل العلم بانه اذا احتاج الناس الى ان يكون في البلد مسجدان ان يجمع فيها فلا حرج للحاجة. خطب الرسول موجودة وافاد الشيخ صالح ال الشيخ ان الخطيب هو في مقام النيابة في هذا الامر، هذا امر عظيم جدا، وذلك يقتضي ان يتحرى في خطبته السنة لانه يقوم مقام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - موجودة لا تكاد الخطبة الواحدة منها تزيد على صفحتين بالخط رواه جمع من الائمة كالبيهقي، وابن قتيبة في التنصيص على خطب الجمعة، وغيرهما في ان النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب: فقال - نصوصا كاملة -، ونستفيد من ذلك ان خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لها سمات، من سماتها انها كان الاغلب فيها تعظم الله - جل وعلا - بالشهادة له بالوحدانية، وتعظيم مقام الرب - جل وعلا - ومقام الوقوف بين يديه فكان فيها التوحيد، والتذكير بالموت، والجنة، والنار والايلولة الى الرب - جلا جلاله - وتقدست اسماؤه. ومضى معالي الوزير آل الشيخ قائلا: ومن سماتها انها كانت قصيرة: لم تكن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - طويلة، لهذا قال: (ان قصر خطبة الرجل وطول صلاته فانه مئنة على فقهه) يعني دليلا على فقهه.. لأن الصلاة المقصود منها ان يحسن العبد صلته بالله - جل وعلا - في العبادة، والخطبة وسيلة للتذكير بحق الله - جل وعلا - ولا يصلح ان تكون الوسيلة اعظم من الغاية، لهذا اطالة الخطب ليست من سمة خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمة سمات خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - انها كانت جامعة في كلماتها تحفظ فتنقل، وذلك لاختصار الكلمات ولوقوعها موقعها، والكلام اذا قل حفظ ونقل، واذا كثر البس بعضه بعضا كما قالت عائشة - رضي الله عنها - لواعظ مكة عبيد بن عمير قالت: (ياعبيد بن عمير اذا وعظت فأوجز فان كثر الكلام ينسي بعضه بعضا) رواه مسلم في الصحيح، يعني ان الكلام الكثير يخرج الناس لا يعرفون ماذا قيل يتذكر بعض الاشياء، ولكن اذا كان قليلا مركزا فيه جوامع الكلم حفظوه فنقلوه حتى في بيوتهم. سمات خطبة الجمعة واوضح معاليه ان من سمات خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخطب السلف على وجه العموم انها كانت تفتتح بتمجيد الله - جل وعلا - بالحمد لة، والشهادة له بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، والوصية بتقوى الله - جل وعلا - وقراءة القرآن فيها، كان كثيرا ما يقرأ آيات وربما قرأ سورة، كما كان يقرأ حيانا سورة (ق والقرآن المجيد) ولهذا العناية بكثرة الاستدلال، العناية بالوصية لتقوى الله - جل وعلا - بكثرة الاستدلال بالقرآن والسنة في الخطب، وقراءة القرآن، هذا موضع مهم، فسأل معاليه ما الفرق بين الاستدلال بالقرآن وقراءة القرآن الذي جاء في حديث جابر وفي غيره؟، مجيبا معاليه بقوله: انه كان يقرأ القرآن - عليه الصلاة والسلام - يعظ الناس، والوعظ مقصود بالخطبة، وقراءة القرآن مقصودة، لذلك نص الفقهاء - رحمهم الله تعالى - بالاتفاق على انه يقرأ آية فصاعدا فاستفاد جمع من اهل العلم من نص (كان يقرأ القرآن) انه يقدم قبل القراءة بالاستعاذة يقول: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم للتفريق في ايراده للاية ما بين الايراد مستدلا، والايراد قارئا وتاليا، ولأن الله سبحانه وتعالى يقول: (فاذا قرأت القرآن فاستعد بالله من الشيطان الرجيم) والحديث نص قال: (كان يقرأ القرآن يعظ الناس) هذا هو الذي كان عليه ائمة الاسلام وائمة هذه الدعوة بالخصوص، حيث كانوا في خطبهم المدونة يقرأونها وخطب المسلمون يحرضون على انهم اذا قرأوا آية في آخر الخطبة ان يقولوا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم لان الفقهاء اشترطوا لصحة الصلاة ان يقرأ اية فصاعدا، والقراءة ان يكون من آدابها ان يكون قبلها قول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ترقيق القلوب وواصل معاليه حديثه في كلمته عن سمات خطب الرسول قائلا: من سمات خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - انه فيها الوعظ، والوعظ مقصود للترقيق، فاذا اراد الخطيب ان يرقق القلوب فليس ثم مثل الوعظ، اما الكلام العقلي والقضايا الكبيرة هذه اكثر العوام لا تصلحه سلوكا، لاتصلحه عبادة قد تكون عنده مشاعر واحاسيس، وتنمى عنده اشياء لكن من حيث السلوك والعبادة التي يحتاجها الناس اثرا فان هذه بالوعظ لهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعظ الناس. واوصى معالي الوزير آل الشيخ الائمة والخطباء بالرجوع الى خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وان تروا سمات هذه الخطب، النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهده كان فيه جهاد، وكان فيه قتال وفيه اعداء، وهناك منافقون وهناك، وهناك، ولكن خطبة الجمعة كانت لها سمات لم يكن فيها مثل هذه الموضوعات بكثرة مثل ما يطرقه الان بعض الخطباء يكثرون من موضوعات لم تكن على عهد النبوءة على عهد السلف ويتركون موضوعات كانت هي الموضوعات في خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخطب الخلفاء الراشدين، وخطب السلف الصالح، فالانتباه الانتباه لعدم مخالفة السنة في هذا العصر. التأثير في الناس وشدد معاليه على الخطيب ان يستعد لخطبته، وان يتنبه في خطبته من حيث الاسلوب، ومن حيث الزمان والمكان، وكيف يؤثر على الناس في طريقة الالقاء، والنبي - عليه الصلاة والسلام - كما هو معلوم كان اذا خطب في الناس كأنه علا صوته واحمرت عيناه، كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم هذا لشدة عنايته - عليه الصلاة والسلام - بالتأثير في نواحي الخطبة، الناس يختلفون في كيفية الاسلوب الذي تصل به الى التآثر، وقال معاليه: فاذا كان الأسلوب الأمثل لهم الموعظة العامة - المقصود اصلاح النفوس - اذا كان عندهم مشكلة من مخالفة شرعية في تقصير في الواجبات، او خلل ربما في بعض المسائل العقدية، او ارتكاب لبعض المحرمات، فيولي الخطيب هذه العناية، ويستعد له بكلام بليغ وجيز ينقل فيحفظ ويؤثر على الناس. وابان معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ان البلاغة كما هو معلوم في كل مقام بحسبه، ليس البليغ هو الذي يكون حديثه في كل مكان بنفس الوتيرة، البليغ الذي بلغ من الفصاحة والعناية مبلغها هو الذي يختلف كلامه بحسب المتلقي له، مشيرا معاليه الى قصة يوردها البلاغيون في اول كتب البلاغة الشاعر بشار بن برد قال له احد الناس الادباء: يا بشار عجبنا لك في شعرك وجدناك تعلو فتقول: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليلا تهاوى كواكبه المعنى العظيم والتصوير والتشبيه والالفاظ تعلو، فتقول: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليلا تهاوى كواكبه اذا بك تسهل - يعني تبلغ الأدنى - فتقول: ربابة ربة البيت تصب الخل في الزيت لها سبع دجاجات وديك حسن الصوت اين هذا من هذا؟ فقال بشار له: ربابة جارتي وقولي لها هذا احب اليها من (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)، فاراد ان يؤثر عليها بالعمل في الشغل فخولها بهذه الكلمات التي تنشط، فاذا الخطيب لابد ان يكون في مستوى من يخاطب، فاذا كان يخطب في اناس مستواهم العلمي، والفهم او التأثر على نحو معين يتواخهم بما يصلحهم لا يعطي الناس شيئا يمر فوق رؤوسهم ولا يستفيدون منه، لأن من الكلام ما هو جميل في نفسه لكنه يمر فوق الرؤوس ولا يخالط رأسا ومن الكلام ما ينزل فيدخل في الرؤوس في العقل، ومنه ما ينزل ويدخل في القلوب. وهذه بحسب فصاحة الرجل وقدرته على مخاطبة الناس بما يصلحهم، لذلك اسلوب الخطيب مهم. البعد عن التشهير كما نبه معاليه الخطيب الى ان من اهدافه في خطبته، النصيحة لانها امر شرعي مطلوب، وليس من اهدافه، بل لايجوز له ان يجعل الخطبة موضع تشهير باشخاص، تشهير بدولة، تشهير بوضع معين، ونحو ذلك ليس هذا موضع الخطبة، موضع الخطبة، هو النصح لعباد الله - جل وعلا - والتشهير ليس من الشرع الا ان يكون التشهير بعقوبة تعزيرية هذه يحكم بها القاضي في مواطنها، مستدركا معاليه بقوله: لكن الخطيب يتحول بدل ان يكون واعظا: وداعية، ومرشدا، وناصحا ومؤثرا الى مشهر، هذا مخالف للسنة.. النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد ان ينصح تجنب التشهير، فقال في خطبته لما اشترطوا على عائشة - رضي الله عنها - في البيع بيع البريرة كما هو معروف خطب فقال: (ما بال اقوام، وفي رواية ما بال رجال (أي في البخاري) يشترطون شروط) ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وان كان مائة شرط، فقال (ما بال اقوام) من هم هؤلاء الأقوام لا أحد يعرف، فاذا تحول الحديث الى تشهير بمعين فقد خالف نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته، ونصيحته، وعلاجه ولذلك لا تجد في خطب الخلفاء الأربعة، ولا في خطب السلف الذين أمرنا بالاقتداء بهم من الصحابة، والأئمة، والتابعين لا تجد فيها اي حجة لمن يجعل في الخطبة انواعا من التشهير، بل تجد ذلك مباينا لفعله فهم ينصحون ولا يشهرون. واستدل معاليه - في هذا الصدد - بذكر ما قاله الحافظ بن رجب في كتاب له نفيس للغاية في هذا المقام سماه (الفرق بين النصيحة والتعبير)، وذكر مسألة التشهير واسباب ذلك، وانها مناقضة لمبدأ النصيحة، التشهير قد يكون للقاضي، يكون لعالم من علماء المسلمين يرد على خصم من خصوم الاسلام في الكتاب، ونحو ذلك او الرد على كلمة، او تحذير الناس من شيء، لكن ان يكون التشهير بهذا الوضع الذي يعرض له بعض الخطباء هذا غير مقصود، لذلك الواجب المتعين على الخطيب ان يتحرى السنة وآداب الخطابة، وان يبتعد عما يخدش ذلك ما استطاع الى ذلك سبيلا. مراعاة المصالح والمفاسد واضاف معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ يقول: من آداب الخطيب التي ينبغي له العناية بها ايضا ان يراعي المصالح والمفاسد، احيانا الخطيب وهو يخطب يتجاوز من شيء الى شيء لعروضه لذهنه في ذات اللحظة التي يخطب فيها، ومعلوم ان بعض المسائل الكبار في الفاظه التي يقولها، وتناوله للموضوع لا يمكن انه يتحرى المفاسد والمصالح ويوازن بينها، والموضوع طرأ على ذهنه التو، او يسترسل في الكلام سيما من يخطب ارتجالا، واما من يخطب من ورقة فأحيانا يتأخر، يكتب هذه الخطبة من واقع غيره و اندفاع في نفس اليوم يوم الجمعة، ويأتي ويخطب، واذا نظرت الى المصالح والمفاسد تجد ان المفاسد راجحة، ومعلوم ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقد يكون هو عنده في مخيلته فيه مصلحة ولكن اذا كان فيه مفسدة فدرء المفاسد يقدم على جلب المصالح، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في رسالته في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: (من أمر بمعروف ويغلب على ظنه ان الناس لا ينتقلون الى هذا المعروف بل قد ينتقلون الى مفسدة اشد يغلب على ظنه، فانه لا يجوز له ان يأمره، واذا نهى عن منكر وغلب على ظنه ان الناس قد ينتقلون من هذا المنكر الى ما هو اشد منه فانه لا يجوز له ان ينهى عن ذلك)، مستشهدا معاليه بأخذ قصص من امام ابن تيمية مع طلابه لما اتوا الى بعض التتار الذين يشربون الخمر. وشرح معاليه - في السياق نفسه - قائلا: المقصود من ذلك ان الخطيب اذا كتب او ارتجل الخطبة فينبغي له ان يراعي هذه القاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصلح) وهنا المفاسد كثيرة ومتنوعة لاسيما في هذا الزمن.. المفاسد ليست قليلة، مؤكدا معاليه انه الان خطب الخطباء قد تكون محببة للاسلام لغير المسلمين، وقد تكون منفرة، خطب الخطباء قد تكون مؤثرة على بعض السامعين، وعند بعض السامعين لتنوع الثقافات وتنوع الادراكات يفهم من خطبة الخطيب العكس، يفهم هؤلاء اشده، ويقولون ما يعون العصر، ولا يعيشون السياسات ولا يدركون المصالح، فالمضايق لايدخلها الا من عندهم الحصافة التامة في العقل، والادراك فاذا اشتبهت الامور فعليكم بالامر العتيق، وهذه من قواعد السلف، التي اوصوا بها من بعدهم لان الامر العتيق فيه نجاة، والمشتبه قد تسبب انت شيئا لا تدري ابعاده في هذا الصدد، لذلك رعاية المصالح وتجنب المفاسد في الخطبة واجب الخطيب.. وان يحرص على اتيان المصلحة وتجنب المفسدة. تنوع الثقافات وطرح معاليه سؤالين، الأول كيف تعرف المفسدة؟ والثاني كيف تعرف المصلحة؟، فأجاب قائلا: تعرفها بالعلم بالشرع، والعلم الواقع ايضا، ومن لم يدرك ذلك يشاور اهل العلم الذين عرفوا بالحكمة والاناة حتى يدركوا الصواب من غيره، وقد قال جمع من الحكماء (ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر وانما العاقل الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين)، وقال معاليه: عندنا مشكلة نأتي نريد ان نعالجها، فهل نعالج المشكلة بشيء يحدث مشكلة اخرى؟ لا، هذا غير مطلوب، بل نعالج المشكلة بما يحقق المقصود، ويحقق من هذه المشكلات. اداء الامانة واستطرد معاليه قائلا: ايضا مما ينبغي التنبيه، ويخفف عليه في مثل هذه اللقاءات ان الائمة والخطباء يبذلون جهودا كبيرة في اداء واجب الامانة في الالتزام بمساجدهم، والصلاة بالناس، فنسأل الله ان يثيبهم اجرا، وان يجزل لهم، وان يتقبل منهم اعمالهم، الذي ينبغي على طلبة العلم، وعلى الخطباء والائمة ان يكونوا مثالا لحفظ بعضهم لبعض، وان يكونوا متآخين، ومتناصحين غير متنافرين، والا يسمع الناس منهم قدحا من امام في امام آخر، او من خطيب في خطيب آخر، فاذا كان فيه مجال للنصيحة تذهب اليه وتنصحه ليكون طلبة العلم والأئمة قدوة لان النقص اذا قيل في واحد فهو على الجميع، واذا رضينا بان فلانا المعني يقال فيه كذا، وكذا فانه نقص على الجميع لن يقتصر عليه، وكما قال الأول: (من نقل لك فانه سينقل عنك، ومن تكلم في الاخر عندك فان من ديدنه انه سيتكلم فيك)، لذلك ينبغي ان يكون طلبة العلم من خطباء وائمة المساجد على مستوى القدوة في المودة والاخاء، والتناصح والتشاور فيما بينهم، هذا ايضا ينقلهم الى شيء آخر، وهو ان يكونوا ايضا قدوة للناس في عفاف اللسان، وطيب الكلام، والمشي في حاجة الضعف، والمحتاج، والمسكين والا يعرف الناس منهم انهم وقاعون، سبابون، لا يألفون ولا يؤلفون، وهذه ليست من الصفات الحميدة والمحمودة، بل هذه من الصفات المذمومة. الامام القدوة واكد معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد على ان الامام والخطيب يجب ان يكون عف اللسان لان الامام، قدوة سواء في سلوكه او اجتماعياته، او في خطبته، عف اللسان طيب المقال، وهو القدوة في قوله وفي عمله، اعرف انك اذا تجاوزت القدوة فان الناس سيتجاوزون اكثر، وانك ان حبست نفسك وضبطتها فان تجاوز الناس فسيكون موجودا لكن اقل، لذلك الاصلاح يبدأ من لزوم القدوة من الناس وهم الدعاة، طلبة العلم الخطباء، لزوم اولئك للسمت والهدي النبوي لذلك، وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - اعظم شاهد، قد صبر على من آذاه، صبر على من تكلم فيه قال: (لاينقل الى احدكم شيئا من القول، فاني احب ان اخرج اليكم سليم الصدر)، فالقيل لم يكن يحب ان يسمعه - عليه الصلاة والسلام - يحب ان يخرج سليم الصدر. وابان معاليه ان الناس من طبعهم ان يتكلم بعضهم في بعض، فاذا جاء بعض جماعة الى امامهم، قالوا: ان فلان يتكلم فيك، يقطع الطريق عليهم، لا يسمع لهم، لأنه القدوة فاذا سمع النميمة، او الغيبة، اوالقيل، لم يتثبت في هذا الصدد فبالتالي قد يضع في نفسه شيئا، وتحدث اشياء غير محدودة، فهو قدوة، مشددا معاليه على اهمية ان يحرص الائمة والخطباء على تمثيل القدوة باقصى ما يستطيعون، وقال معاليه: ان الامام هو امام الصلوات الخمس، امام الفروض ضامن، وهذا يعني ان عليه من المسؤوليات، ما ليس على غيره، هو الموجه للمؤذن، هو المنتبه لنفسه في صلاته، في جماعة المسجد لتعاهدهم بالدعوة والوعظ، والارشاد، والقراءة والمشي في حاجتهم وما ينفعهم. واكد معاليه الوزير الشيخ صالح ال الشيخ على الامام ان لا يكون معزولا، فالامام المعزول لا يتداخل مع الناس، ولا يعرفهم ولا يمشي في حاجتهم يدخل معهم، بعضهم احيانا لا يقول شيئا، ولكن مجرد الحضور والصلة تؤثر في الناس فعلى الامام الا يتردد في الدعوة فالاسلوب الطيب، والقول الجميل، الناس الذي فيه خبر يحتاج منك الى شيء قليل ويؤثر فيه لاسيما مع من هو مشمول بصفات الرجولة والشهامة، ونحو ذلك، فلا يمكن ان يتأخر عن النصيحة، او لا يسمعها او لا يرحب بها. البعيد عن إثارة الناس واوضح معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ ان واجب الامام ايضا الانتباه للمواعظ في المسجد يعظ، ويعظ من الكتب المعتمدة، ولكن اذا جاء احد يعظ في المسجد، ويلقي كلمة في المسجد، وهو غير مأذون له اما بتصريح من الدعاة او الوعاظ المصرح لهم، او ان تكون كلمته ضمن البرامج المأذون لها من الوزارة عبر فرع الوزارة فينبغي للامام الا يسمح لانه لا يعرفه، لاسيما اذا كان لا يعرف هذا المتحدث، ربما يدخل في اشياء منكرة، يدخل في اشياء تأجيجية يدخل في اشياء من واقع ذهنه هو، مثل من يأتي يلقي قصائده بعد الصلاة في مدح فلان ممن لا يرتضى ان يمدحوا في المساجد من اصحاب الانحرافات العقدية، او اصحاب السلوك المشين او نحو ذلك، او يلقي كلمات فيها تأجيج، او اثارة للناس، الواقع ما يعيشه هو في نفسه، لكن لا ينبغي للامام ان يسمح لمن ليس معه تصريح، هذا بلغنا الجميع به عدة مرات، ونؤكد على هذا وهنا نقول: ان الناس قد يحرمون بعض المواعظ، هذا صحيح لكن لو ان الناس التزموا بانهم لا يقولون الا ما ينفع ما كنا احتجنا لذلك ولكن لما جاء اناس وتكلموا كما لا يحس بعضهم دعا الى بعض الفرق المنحرفة الان، بعضهم دعا الى الجهاد الان، وانه يجب عليكم ايها المصلون جميعا ان تنهضوا للجهاد، وهو له سنين قاعد لم يفكر في الجهاد، وهو من الحماس، وهذا ينبغي ان يوضع حد له، والا يسمح لمن ليس معروفا بالوعظ النافع، ويقول كلمات فيها اثارة للناس. ولفت معاليه النظر الى ان المساجد وضعت للصلاة، والصلاح، والاصلاح، والوعظ، والارشاد، واما ان يقال فيها ما ليس موافقا لنهج السلف الصحيح، او لنهج اهل العلم، أو وضعت لما يقره اهل العلم الراسخون بما عليه الدلائل من الكتاب والسنة فان هذا لا ينبغي ان يؤذن له، فعلى الجميع في ذلك التشديد، والعناية، والرعاية، أسأل الله - جل وعلا - لي ولكم التوفيق والسداد، وان يجعلنا واياكم ممن يؤدي الامانة، وان ينصح لعباده، وان يكون مخلصا للخالق، بارا وناصحا للمخلوقين، انه سبحانه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وقد حضر لقاء معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز ال الشيخ بالائمة والخطباء في منطقة تبوك الذي تم في مقر فرع الوزارة في المنطقة، فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محاكم منطقة تبوك، وفضيلة مدير عام فرع الوزارة في المنطقة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز المبارك، وعدد من طلبة العلم والدعاة.