كما عشية كل انتخابات برلمانية في اسرائيل، تعود مسألة تشرذم القوى السياسية العربية الى واجهة اهتمامات المواطنين العرب، فتصدر النداءات بضرورة الارتفاع فوق البيت المنقسم وتوحيد الجهود والصفوف لخوض الانتخابات في قائمة عربية واحدة تضمن أوسع تمثيل لهم في الكنيست يفوق المقاعد ال11 التي تتوقعها استطلاعات الرأي العام وتحول دون ضياع آلاف الأصوات على قوائم صغيرة لا تجتاز نسبة الحسم، فضلاً عن سد الطريق على الاحزاب الصهيونية من التغلغل في البلدات العربية بحثاًَ عن الأصوات في مقابل الرشوة والوعود، خصوصاً من الاحزاب الكبرى الممثلة في الوزارات. وعلى رغم ان الاحزاب العربية، وفقاً للاستطلاعات، لن تشكل لسان الميزان أو بيضة القبان بين اليمين واليسار في اسرائيل، في ظل توقع فوز كاسح لليمين، إلا ان تعاظم قوة تمثيلها يحول دون هزيمة شنيعة لمعسكر اليسار فضلاً عن انه يؤكد ان الطلاق بين المواطنين العرب والاحزاب الصهيونية الذي أعلنوه في الانتخابات السابقة لرئاسة الحكومة هو بالثلاثة. لكن دراسة لواقع الأمور تقود الى نتيجة ان الوحدة بين الاحزاب العربية تحتاج الى ما يشبه المعجزة حيال التباين في برامجها أولاً ثم الاشكالات القائمة منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أدت الى مزيد من الشرذمة، فالقائمة العربية المشتركة التي تمثلت بخمسة نواب انقسمت على حالها وأصبحت ثلاث قوائم، فيما التحالف بين التجمع الوطني الديموقراطي والحركة العربية للتغيير الذي أوصل ممثلين الى الكنيست لم يصمد سوى اشهر قليلة. يُضاف الى ذلك موقف الجبهة الديموقراطية للسلام الحزب الشيوعي الذي يصر على منح مقعد لشيوعي يهودي. وإزاء هذا الاحتمال الوارد ثمة من يدعو الى تشكيل قائمتين واحدة تضم "الجبهة" و"التجمع" واخرى "الاسلامية" تنضم اليهما احزاب صغيرة اخرى تصر على خوض الانتخابات على رغم افتقارها لثقل شعبي كبير، على ان تبرم القائمتان اتفاق فائض أصوات للحيلولة دون ضياع الآلاف منها كما حصل سابقا. وأصدر رئيس القائمة العربية الموحدة، ممثل الحركة الاسلامية النائب عبدالمالك دهامشة الاسبوع الجاري بياناً جاء فيه ان قرار الجناح الجنوبي للحركة كان وما زال خوض الانتخابات، فيما اكد رئيس الجناح الشمالي الشيخ رائد صلاح معارضته المشاركة في الانتخابات، مانحاً أنصار حركته حرية التصويت. ودعا دهامشة الى تشكيل قائمة عربية موحدة "في ظل الظروف العنصرية التي تواجهها جماهيرنا" على ان يحافظ كل حزب فيها على توجهه الايديولوجي ولونه الخاص. ورأى رئيس كتلة الجبهة النائب محمد بركة ان الحديث عن قائمة واحدة سابق لأوانه، مضيفاً ان الجبهة معنية بأوسع تحالف على اساس برنامج مشترك وقواعد سلوكية مشتركة "وعدم زج المواطنين العرب في اتجاهات انعزالية". واضاف ل"الحياة" ان تجربة "الوحدة" عام 1999 تجعله ينظر اليها بقلق في اعقاب الانقسامات التي شهدتها "القوائم الموحدة". وتابع انه لا يرى تشكيل قائمة واحدة احتمالاً واقعياً ازاء التمايزات بين الاحزاب. وختم بتأكيد وجوب تكريس المعركة ضد الاحزاب الصهيونية. واعتبر رئيس "التجمع" النائب عزمي بشارة، الانتخابات الوشيكة المفصل الثاني بعدما كانت احداث تشرين الأول اكتوبر عام 2000 المفصل الأول و"هي في غاية الأهمية". وتابع ان طرح فكرة الوحدة سليم وصحي يؤيدها تياره القومي، لكنه أضاف ان ثمة من يطرحها من باب رفع العتب أو كضريبة كلامية وثمة من يطرحها بجدية عندما يطرح معها آليات تنفيذها كالاعتماد على استطلاعات الرأي أو اجراء انتخابات تمهيدية لمرشحي القائمة، "ونؤكد ضرورة ان تكون الوحدة سياسية وليست وحدة بين النواب". استطلاع: "التجمع" في المقدمة ونشرت اسبوعية "كل العرب" الصادرة في الناصرة نتائج استطلاع للرأي اجرته في أوساط المواطنين العرب الذين قال 70 في المئة منهم انهم سيشاركون في الانتخابات، فيما نادى 62 في المئة بتشكيل قائمة عربية موحدة. ودل الاستطلاع على ان الانتخابات الوشيكة ستأتي بحزب "التجمع" بزعامة بشارة قوة أولى في الوسط العربي 16.4 في المئة تليه "الجبهة" 14.9 ف"الاسلامية" 13.8، فيما لا تجتاز "الحركة العربية للتغيير" النائب أحمد طيبي و"الديموقراطي العربي" النائب طلب الصانع و"القومي العربي" النائب محمد كنعان نسبة الحسم.