سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تطرح أفكارا لمنع تسرب أصوات الناخبين العرب الى الاحزاب الصهيونية . الاحزاب العربية في اسرائيل تستعد للانتخابات : نحو "قائمة موحدة" وخلاف على الترشح لرئاسة الحكومة
يبدو ان الاحزاب العربية في البرلمان الاسرائيلي الكنيست أخذت على حين غرة بالتطورات الحاصلة على صعيد حل البرلمان وتقديم موعد الانتخابات، ومرد ذلك الى الاعتقاد السائد لدى ممثلي هذه الاحزاب بأن التوليفة الدينية اليمينية الحاكمة أقوى من ان تتهاوى في مشروع حجب ثقة أو قرار برلماني للحل. وفيما كان العرب يعدون لانتخابات في العام 2000 فإن الاتفاق بين حزبي العمل وليكود على تقديم موعدها، وضعهم أمام معادلة مختلفة وبكر في ضرورة قيامهم بالمهام المطلوبة. وكانت ردة الفعل الأولى لهذه الاحزاب غريزية، اذ تمسكت بالوضع الحاضر، وجاءت الدعوات متلاحقة لخوض الانتخابات في قائمة انتخابية موحدة كي تفوت على الأحزاب الصهيونية فرصة اقتناص أصوات العرب 20 في المئة من مجمل الأصوات باعتبار ان نسبة التصويت عند العرب أعلى دائماً من مثيلتها عند اليهود، فالتنافس بين الاحزاب العربية المختلفة سيقود حتماً الى نفور الناخب العربي. ويرى مراقبون ان رد الفعل هذا كان تلقائياً واتخذ منحى اجرائياً بعيداً عن البرنامج الانتخابي وما يهم المواطن الخاضع للتمييز والمهددة أرضه بالمصادرة لحساب التوسعات اليهودية. والمهام المطروحة أمام النائب العربي معروفة، لكن المطلوب الآن، كما يقول العرب أنفسهم، هو ان يثبت النائب للناخب انه يقوم بما يجب عليه ولا يكتفي برفع الشعارات الكبيرة مثل المساواة على صعيد الساحة الداخلية في اسرائيل ومساندة الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وأول من طرح مسألة الوحدة هو النائب عزمي بشارة، رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي الذي رأى ان الحال تفترض وحدة انتخابية تنفرط في اليوم الأول لظهور نتائج الانتخابات هدفها تجنيب الشارع العربي النزاعات غير المطلوبة مع المحافظة في الوقت ذاته على الاستقلالية الخاصة لكل حزب أو حركة سياسية. ويعتقد بشارة ان وحدة كهذه ستضيف للعرب مقعدين آخرين على الأقل ليصبح عدد النواب العرب في الكنيست 15 وستمنع تسرب أصوات العرب لقوائم الاحزاب الصهيونية كما ستحد من الأصوات غير المحسومة أو العائمة، وهو يعتقد ان هذه الوحدة ممكنة. ويؤكد سكرتير الحزب عوض عبدالفتاح ان الانتخابات البرلمانية المقبلة "فرصة ذهبية لتوحيد الصوات العربي اجتماعياً وقومياً لمواجهة السياسة الرسمية الاسرائيلية الهادفة الى تجزئة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر الى حمائل وقبائل". ويرى ان هذا هو الوقت الملائم لكي "تتعامل المؤسسة الرسمية الاسرائيلية معنا كقومية". ويقول هاشم محاميد الذي انسحب أخيراً من الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة الحزب الشيوعي الاسرائيلي وأسس الجبهة الوطنية ان من شأن إقامة تحالف القوى العربية ان يؤثر بشكل كبير على توحيد الجماهير الفلسطينية وبالتالي المزيد من القوة في الشارع والكنيست وفي القضايا الملحة التي تواجهها. ويدرك القائمون على الاحزاب العربية ان الوحدة رغم ايجابياتها ستمس الخصوصية التي يتسم بها كل حزب أو حركة سياسية وستدفع هذه الاحزاب الى الحد من ارتفاع سقفها السياسي والعقائدي، اذ يحتاج بناء "جبهة وطنية" الى الاتفاق على حد أدنى سياسي وعقائدي كبرنامج للاجماع الوطني الذي يتعين على ممثلي الاحزاب العمل على تحقيقه. من هنا حرص المنادون بالوحدة على تأكيد "اجرائية" الوحدة التي لا تمس عمق البرنامج السياسي وتعفي الجميع من تبعات وحدة اندماجية، اذ انها ستنتهي حال ظهور النتائج. ويقول النائب توفيق الخطيب، من الحركة الاسلامية، ان الانضمام الى القائمة الواحدة لا يعني انصهار الاحزاب والحركات في جسم واحد وانما "منع تشرذم القوى والسعي الى تقوية التمثيل الديموقراطي للعرب في الكنيست للدفاع عن حقوقهم كل حسب معتقداته". لكن التقويمات الصادرة عن الاحزاب المختلطة تتفاوت في نظرتها لتأثير الوحدة على البرنامج ومن هنا أعلنت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة معارضتها هذه الفكرة. ويبرر النائب صالح سليم وهو واحد من أربعة أعضاء عرب في الجبهة التي تشغل خمسة مقاعد في الكنيست الخامسة تمار جوغبنسكي رفضه للانضمام الى القائمة العربية الموحدة بثلاثة أسباب أولها "منح حرية الاختيار للجماهير العربية التي فيها الغني والفقير والمتدين والمسلم واليسار واليمين"، موضحاً ان العرب "ليسوا قطيعاً". والسبب الثاني في اعتقاد سليم هو ان المصلحة النهائية للشعب الفلسطيني في الخارج والداخل "ليست في التقوقع القومي بل في التغلغل في صفوف الشارع الاسرائيلي وكسب الصوت الاسرائيلي اليساري الى جانب الحقوق الفلسطينية". وثالثاً يستخدم النائب عن الجبهة المبرر ذاته الذي يستخدمه المنادون بالوحدة وهو "عدم انتقال أصوات العرب الى الأحزاب الصهيونية اليمينية". ويزيد التباين في الآراء بين المنادين بتشكيل قائمة موحدة عندما يجري الحديث عن الفكرة الانقلابية التي أعلن عنها "التجمع الديموقراطي" والمتمثلة بترشيح شخصية عربية لمنصب رئيس حكومة اسرائيل. وفيما يؤكد القائمون على التجمع ان الفكرة "تربوية تثقيفية تهدف الى حمل الاسرائيليين على التعامل مع الفلسطينيين كشعب وكقومية"، يرى النائب محاميد ان هذه الفكرة "عشوائية وقد تكون بمثابة اطلاق الرصاص على رؤوسنا". أما النائب الخطيب فلا يجد مبرراً لعدم تنافس عربي على هذا المنصب في ظل الظروف الحزبية الراهنة واختيار اليمين المتطرف ممثلاً عنه وهو النائب بني بيغن. في المقابل، تتفق القوى العربية في ما يبدو على انه في حال تطبيق فكرة التحالف العربي على أرض الواقع في انتخابات الربيع المقبل، سيكون للعرب القرار الفصل في تحديد من يرأس الحكومة الاسرائيلية المقبلة في الجولة الثانية للانتخابات لأن أصواتهم الموحدة داخل الكنيست ستقرر انتصار إما اليميين بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مرشحهم الأقوى حتى الآن وإما زعيم المعارضة العمالية ايهود باراك أو الجنرال المتقاعد أمنون شاحاك من معسكر الوسط. ومع ذلك، يرى النائب محاميد انه في ظل الغموض الذي يكتنف الخارطة الرئاسية للانتخابات سيكون من الصعب على العرب ان يقرروا لمن سيعطون أصواتهم ما دام برنامج زعيم حزب العمل يشكل "نسخة" عن برنامج نتانياهو. ويسأل: "لماذا ينتخب الناس الصورة اذا كان الأصل موجوداً". لكن على ممثلي الاحزاب والحركات العربية داخل الكنيست قبل كل شيء الجلوس معاً والتفاوض على الفكرة التي تبلورت في أذهان الجميع.