رغم أن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يشكلون 20 في المئة من سكان الدولة العبرية، إلا أن نسبة أصحاب حق الاقتراع لا تتعدى 14 في المئة (نحو نصف العرب دون سن 18 عاماً)، أي أنه لو صبت أصواتهم جميعها للأحزاب العربية الوطنية والإسلامية، لكان ممكناً أن تتمثل هذه الأحزاب ب 17 مقعداً برلمانياً. لكن عدد المقاعد التي حصدتها القوائم العربية الثلاث لم يتعد في أحسن الأحوال 11 مقعداً، وأسباب ذلك كثيرة أبرزها تدني نسبة تصويت المواطنين العرب للكنيست (50-55 في المئة) وذهاب نحو ربع ألأصوات إلى قوائم صهيونية. وكما عشية كل انتخابات، تصدر أصوات لتوحيد صفوف القوائم الرئيسية الثلاث، إلا أنها تبقى مجرد صرخة في واد يطلقها أصحابها «لرفع العتب»، من دون أن تكون وراءها نيات حقيقية حيال التنافس الشديد والشرس في أحيان كثيرة على تزعم الجماهير العربية داخل إسرائيل. ومنذ أكثر من عقدين، تراجع تصويت العرب للأحزاب الصهيونية في شكل لافت. ويتمثل العرب في الكنيست الحالية ب: 4 نواب عن «القائمة العربية الموحدة» التي تضم «الحركة الإسلامية–الشق الجنوبي» (إبراهيم صرصور ومسعود غنايم)، و «الحزب العربي» (طلب الصانع)، و «الحركة العربية للتغيير» (أحمد طيبي)، و4 عن «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» وفي مركزها الحزب الشيوعي الإسرائيلي وهو حزب عربي يهودي (محمد بركة وحنا سويد وعفو أغبارية والشيوعي اليهودي دوف حنين). و3 نواب عن الحزب «التجمع الوطني الديموقراطي» (جمال زحالقة وحنين زعبي وسعيد نفاع الذي فصل عن الحزب وبقي في الكنيست كتلةً مستقلة). وبالإضافة إلى النواب العرب العشرة المذكورين أعلاه، مثّل نائبان عربيان حزبيْن صهيونييْن هما غالب مجادلة (العمل) وأحمد ذباح (كديما). كذلك مثّل الطائفة الدرزية أربعة نواب آخرون (إضافة إلى نفاع) ينتمون إلى أحزاب صهيونية هم حمد عمار عن حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بزعامة أفيغدور ليبرمان، وأيوب القرا عن المعسكر المتطرف في «ليكود»، ومجلي وهبة وأكرم حسون عن «كديما». وفي ظل انزياح الشارع الإسرائيلي منذ 16 عاماً نحو اليمين والتطرف، انحسر تأثير ممثلي الأحزاب الوطنية والإسلامية في الكنيست، وهو نفوذ ضئيل في الأصل، إذ إن رؤساء الحكومات المتعاقبة لم يأخذوا في حساباتهم ذات مرة ضم حزب عربي وطني أو إسلامي إلى حكوماتهم، في الوقت الذي ترفض الأحزاب ذاتها المشاركة في حكومات تعتبرها متطرفة تصرف جل موازنتها على الأمن والحروب، وتميز ضد المواطنين العرب، وتنتهج سياسة احتلال للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحيال هذا الواقع، وبالإضافة إلى رفض أوساط أخرى من عرب الداخل المشاركة في «اللعبة الديموقراطية» وتبني المقاطعة (الحركة الإسلامية – الشق الشمالي بزعامة الشيخ رائد صلاح، وحركة أبناء البلد وغيرها)، تتدنى نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية لدى العرب، فيما يقاطع بعضهم الانتخابات بداعي أن لا تأثير للنائب العربي في الكنيست على جدول أعماله. وقبل 130 يوماً على الانتخابات (ستجري في 22 كانون الثاني يناير المقبل)، لا يبدو أن القوى الرئيسة الثلاث ستتفق على تشكيل قائمة موحدة يطالب بها كثيرون، أو أن تحصل اصطفافات جديدة تبقي على الساحة تحالفيْن لا أكثر. وطبقاً لآخر الاستطلاعات، فإنه لو جرت الانتخابات اليوم لحصلت «القائمة العربية الموحدة» على خمسة مقاعد، و «الجبهة» على أربعة، و «التجمع» على مقعدين، لكن هذه الأرقام تعني أن «التجمع» يتأرجح حول نسبة الحسم، وثمة مخاوف من أن لا ينجح في اجتيازها، وهو ما يستبعده قادة الحزب الواثقين، عبر تصريحاتهم، بأن الحزب سيحافظ على مقاعده الثلاثة، مذكّرين بأن استطلاعات الرأي عشية كل انتخابات أخطأت في توقعاتها بألاّ يجتاز الحزب نسبة الحسم.