الناصرة - "الحياة" - فيما انصرفت تعليقات غالبية الصحافيين الاسرائيليين على الأزمة السياسية الداخلية الراهنة الى تحميلها طابعاً شخصياً وحصر اسبابها في المنافسة الشخصية على زعامة الحزبين الكبيرين "العمل" و"ليكود"، تناولت تعليقات اخرى السبب الحقيقي للأزمة المتمثل بغياب تسوية سلمية للنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني وانعكاسات ذلك على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدولة العبرية، ورأت ان الأزمة الناشبة لا تختلف عن تلك التي سبقتها منذ اغتيال اسحق رابين عام 1995 فأصبحت شبه دورية تحول دون تمكن اي حكومة من انهاء ولايتها. وبين امتداح شارون "القائد الرصين الذي لا يرضخ للابتزاز" وتحذيره من عواقب تعيين بنيامين نتانياهو وزيراً للخارجية واساساً احتمال ان ينجح هذا في انتزاع زعامة "ليكود" ورئاسة الحكومة منه، اعترفت التعليقات بفشل حكومة شارون على مختلف الصعد. وكتبت الصحافية سيما كدمون ان قراره حل الكنيست يكاد يكون انجازه الوحيد خلال ولايته. وسخر دورون روزنبلوم في صحيفة "هآرتس" من شعار "لا علاقة" الذي اتبعه شارون منذ تسلمه دفة الحكم ورفضه رؤية العلاقة بين العمليات التفجيرية واحتلال الاراضي الفلسطينية وبين تقويض السلطة الفلسطينية وعزل رئيسها ومطالبتهما بالعمل ضد الارهاب، وبين الأوضاع الأمنية والاقتصادية وبين التصعيد العسكري المتعمد ضد الفلسطينيين واستمرار العمليات التفجيرية وبين مواصلة الاستيطان ووعده بالأمن والسلام. وختم ان الحكومة، حكومة "اللاعلاقة" قد سقطت بعدما عجزت عن مواجهة "العلاقة" بين هذه المسائل كافة "وقد دقت الساعة للنهوض، بغير رغبة، الى العلاقة، المتِعبة والمثيرة للغضب، بين السبب والنتيجة". من ناحيته كتب ايتان هابر في افتتاحية "يديعوت احرونوت" يقول ان الاحزاب الاسرائيلية فقدت صوابها وقد تلاشت الايديولوجيات وأضحت موضع سخرية، فأنصار ليكود يحلمون بدولة فلسطينية، فيما انصار "العمل" يطالبون بمزيد من القمع ضد الفلسطينيين "وأقطاب الاحزاب يثبرون الشفقة عليهم. الجميع يحتقرهم ولا أحد يشتاق لعودتهم الى الحكم". وتابع انه بسبب "خصخصة السياسة" وجعلها "نفعية وغريزية" خرج مارد الانتخابات من القمقم ولا يمكن اعادته، ومن الآن سيرقص داخلنا ويسخر من السياسيين الذين وضعوا مصالحهم الشخصية فوق كل اعتبار "فيما دولتهم تغرق حتى أذنيها في محيط من الويلات والمحن". ولفت الكاتب ناحوم برنياع الى حقيقة انها المرة الأولى في تاريخ الدولة العبرية التي يتم فيها حل الكنيست ليس لمواجهة بين الاحزاب انما على خلفية السباق الشخصي للسيطرة عليها "وبدلاً من ان تجري الانتخابات على زعامة الاحزاب في ظل الانتخابات البرلمانية يحصل العكس". وتابع ان خشية بنيامين بن اليعيزر ان يفقد زعامة "العمل" لمصلحة عمرام متسناع دفعت به الى مواجهة يائسة مع شارون، فيما منعت ملاحقة نتانياهو لشارون الأخير من التنازل والتجاوب مع مطالب بن اليعيزر وحزب "الاتحاد القومي". الى ذلك، تتجه الأنظار الى المعركة الدائرة على زعامة "العمل" بين بن اليعيزر ومتسناع وحاييم رامون، وقد خلع كل منهم القفازات وهاجم منافسه بأشد التعابير. وتعرض متسناع، صاحب الحظوظ الأوفر لكسب المعركة لهجوم من منافسيه فوصفه بن اليعيزر ب"المبتدئ" في السياسة واعتبره رامون "مغموراً غير قادر على القفز من ادارة شؤون بلدية حيفا الى ادارة شؤون الدولة". وحتى التاسع عشر من الشهر الجاري، موعد الانتخابات لزعامة "العمل" يتوقع تصعيد الهجوم على متسناع المحسوب على تيار الحمائم في الحزب، وسط محاولات لاقناع رامون بدعمه لضمان انتخابه في الجولة الأولى اذ يقضي نظام الحزب بضرورة حصول الفائز على 40 في المئة من الاصوات على الأقل.