في وقت تهدد الولاياتالمتحدة الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية للعراق تواصل انفتاحها الاقتصادي والتجاري على بعض دول شمال افريقيا المغرب وتونس الواقعة في "المنطقة المناهضة للارهاب والصديقة القديمة للولايات المتحدة" كما تقول واشنطن. ونشر البيت الابيض نص المذكرة التي ارسلها الرئيس جورج بوش الى الكونغرس يشعره فيها بنية الادارة بدء مفاوضات تجارية مع المغرب لاقامة منطقة للتجارة الحرة بين البلدين طبقاً للصلاحيات التي خولها الكونغرس للرئيس في مجال التجارة الخارجية. وقال الممثل التجاري روبرت زوليك انه اطلع اعضاء الكونغرس على فحوى رسالة الرئيس بوش في شأن اطلاق مفاوضات تجارية مع المغرب تؤدي الى ابرام اتفاق لاقامة منطقة تجارة حرة هي الثانية مع دولة عربية بعد الاردن. واعتبر ان دعم الكونغرس ضروري لانجاح المفاوضات التجارية مع المغرب وصولاً الى اقامة منطقة حرة تسمح بتدفق السلع داخل منطقة تعتبرها الولاياتالمتحدة "حيوية لمصالحها". واثنى زوليك على نجاح الانتخابات الاشتراعية في المغرب وقال: "انها تعزز الاستقرار والتنمية داخل بلد صديق للولايات المتحدة". وتوقع توصل الطرفان الى ابرام اتفاق المنطقة الحرة قبل نهاية السنة المقبلة ودعا الكونغرس الى ابداء الرأي حول تقرير يتعلق بانعكاسات الاتفاق على الاقتصاد الاميركي كانت اعدته لجنة نيابية لهذا الغرض بالتعاون مع السفارة الاميركية في الرباط. وحسب وزارة التجارة الاميركية فان الاصلاحات التي ادخلها المغرب على اقتصاده طيلة العقدين الاخيرين تؤهله لتوقيع اتفاق منطقة حرة مع الولاياتالمتحدة لزيادة صادراته الى الولاياتالمتحدة وزيادة حجم الاستثمارات الاميركية في شمال افريقيا المقدرة بنحو 700 مليون دولار. ومن جهته قال وزير الدولة في وزارة الخارجية المفوض المغربي للعلاقات الاميركية الطيب الفاسي الفهري: "ان الرباط جاهزة للبدء في المفاوضات التجارية مع الولاياتالمتحدة للتوصل الى منطقة تجارية حرة على غرار تلك الموقعة مع الاتحاد الاوروبي وبعض الدول العربية". وأشار في تصريحات صحافية الى ان المفاوضات ستنطلق قريباً وتشرك معها رجال الاعمال والفاعلين الاقتصاديين وممثلين عن المجتمع المدني. وكان نائب وزير الدولة الاميركي في التجارة صموئيل بودمان الدي زار المغرب الاسبوع الماضي اكد ان بلاده عازمة على التوصل الى اتفاق تجاري مع الرباط وان المفاوضات التي اعطي الضوء الاخضر في شأنها ستتناول 10 قطاعات اقتصادية يُفترض ان تشهد اصلاحات عدة. وتطالب واشنطنالرباط بتحرير بعض القطاعات التي ظلت تحت اشراف الدولة والاسراع في اخراج قانون جديد للعمل ورفع القيود على تملك الاراضي الزراعية وتحرير الاسعار كافة. واعتبر ان الاتفاق يجب ان يتضمن تنازلات من الطرفين تثير بعض المخاوف لدى الفاعلين الاقتصاديين من الجانبين حالياً. التأثير في تشكيل الحكومة ويعتقد المراقبون ان استحقاقات المنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة ستتحكم الى حد بعيد في ملامح الحكومة الجديدة المرتقبة في المغرب لجهة الاستمرار في نهج خطة الاصلاح والانفتاح الاقتصادي والعمل باقتصاد السوق. وحسب المراقبين فإن الاحزاب التي ستشارك في الحكومة ستتبنى موقفاً قريباً من الولاياتالمتحدة او على الاقل غير معارض لها وهو الاحتمال الذي يُبعد امكان اشراك جهات مقربة من التيار الاسلامي والابقاء على صيغة قيادة الاتحاد الاشتراكي للحكومة بدعم من حزب تجمع الاحرار والاستقلال أو الحركات الشعبية. وكانت التيارات الاسلامية في المغرب دعت في السابق الى مقاطعة البضائع الاميركية احتجاجاً على موقف واشنطن من قضايا الشرق الاوسط والعراق لكنها لم تفلح في ذلك على اعتبار ان السلع الاستهلاكية المسوقة تُنتج محلياً بترخيص اميركي بينما تشمل السلع الاخرى المستوردة مجال الطائرات والمعدات والتكنولوجيا والقمح وهي بقيمة 650 مليون دولار. وكان موضوع النزاع في الشرق الاوسط ابعد من الحملة الانتخابية الاسبوع الماضي بسبب حساسيته واكتفت الاحزاب بإثارة قضايا العمل والصحة والتنمية الريفية والنمو الاقتصادي التي تثير اهتمام الناخبين. من جهة ثانية وقعت الولاياتالمتحدة اتفاقاً للتجارة والاستثمار مع تونس فيفا واقامة مجلس للخبراء من البلدين للبحث في قضايا الاستثمار الاميركي في تونس والمبادلات الثنائية بهدف زيادة العلاقات التجارية والاقتصادية التي قدرت العام الماضي بنحو 400 مليون دولار. وكان زوليك اجتمع الى وزراء المال والاقتصاد في دول المغرب العربي على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي في واشنطن ووعد بدعم بلاده للعمل على استقرار وتنمية شمال افريقيا التي قال "انها حيوية للمصالح الاميركية".