قالت مصادر اقتصادية مطلعة ل"الحياة" ان المفوضية الاوروبية في بروكسيل طلبت من المغرب استئناف المفاوضات في شأن ملف الصادرات الزراعية بهدف التوصل الى صيغة لادراج المنتجات الغذائية ضمن قائمة السلع المشمولة باتفاق الشراكة بين الطرفين، الذي وقع عام 1996 ودخل حيز التنفيذ في أيار مايو عام 2000. وكانت المفاوضات الزراعية توقفت في ربيع العام الماضي بعد فشل تجديد اتفاق الصيد البحري مع اسبانيا، وما تبع ذلك من تأزم في العلاقات بين الرباطومدريد واستدعاء السفير الاسباني في الرباط. وأضافت المصادر ان المفاوضات التي ستستأنف الاسبوع المقبل في بروكسيل على مستوى الخبراء تعتبر الاهم من نوعها منذ ستة أعوام، وتشمل المنتجات البحرية والحوامض والبواكر التي تمثل نحو ثلث الصادرات المغربية الى الاسواق الاوروبية والتي تبلغ قيمتها نحو ثمانية بلايين دولار سنوياً. وحسب المصادر فان ضغوطاً تمارس حالياً على اسبانيا، التي ترأس الاتحاد الاوروبي، لتخفيف حدة خلافها مع المغرب على رغم ان مدريد كانت حتى وقت قريب من اشد المعارضين لاستئناف مفاوضات الملف الزراعي انتقاماً من الرباط لموقفها في قضية الصيد البحري. واعلن المنسق الاوروبي للسياسة الخارجية خافيير سولانا أول من أمس في مدريد انه يعتزم القيام بواسطة بين البلدين لتقريب وجهات النظر واستئناف المفاوضات في شأن القضايا العالقة لخدمة المصالح الاوروبية التي ترغب في اقامة علاقات شراكة قوية مع الدول العربية الموقعة على "اعلان اغادير" وهي المغرب ومصر وتونس والاردن، وانضمت اليها الجزائر اخيراً لتصبح العضو العربي السادس الذي يوقع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي. وقال سولانا ان استمرار الخلاف المغربي الاسباني سيعيق المبادرات الاوروبية في المنطقة المتوسطية. وتزامن اعلان استئناف المفاوضات المغربية - الاوروبية في شأن الملف الزراعي مع تواجد ممثل التجارة الخارجية الاميركي روبرت زوليك في الرباط حيث اعلن نية واشنطن تحريك "مبادرة ايزنشتات" لاقامة منطقة حرة للتبادل التجاري تشمل المغرب والجزائر وتونس. وقال زوليك ان الولاياتالمتحدة تعتبر المغرب احد اهم حلفائها الاقتصاديين في المنطقة وتنوي ابرام اتفاق للتبادل التجاري الحر مع الرباط خلال الشهور القليلة المقبلة. ولم تستبعد المصادر ان تكون الاطراف الاوروبية تعرضت لضغط اميركي لفتح الملف الزراعي مع المغرب، خصوصاً ان جزءاً من الاستثمارات الاميركية في المغرب باتت تتجه نحو القطاعات الغذائية والزراعية. وكانت اسبانيا وايطاليا واليونان تعارض بشدة البحث في موضوع الملف الزراعي مع المغرب، بسبب المنافسة القوية للصادرات الزراعية المغربية خصوصاً في فترة الشتاء ومطلع الربيع، وضغط اللوبي الزراعي الاوروبي لتحصيل دعم اكبر للقطاع من المفوضية في بروكسيل، وهو ما يعتبر مناقضاً لاتفاق الشراكة. وتوقعت المصادر المغربية ان تدوم المفاوضات شهوراً عدة وتشهد جولات من "الكر والفر" قد تمتد الى نهاية السنة بسبب الضغوط المنتظرة من عدد من الجهات داخل الاتحاد الاوروبي. وحسب المصادر فإن اي توقيع محتمل قد يكون وارداً في النصف الثاني من السنة على أقل تقدير بعد انتهاء رئاسة اسبانيا للاتحاد الاوروبي. ويتوقع المغرب، في حال تحرير الصادرات الزراعية، ان يحقق توازناً في مبادلته التجارية مع الاتحاد الاوروبي الذي يسجل معه عجزاً يقدر بنحو اربعة بلايين دولار سنوياً. وكان الاتفاق السابق للشراكة الموقع في خريف عام 1995 ينص على فتح ملف الصادرات الزراعية مطلع عام 2000، لكن الخلاف مع اسبانيا حول الصيد البحري حال دون ذلك. وذكرت الرباط انها باتت تخسر 200 مليون دولار سنوياً من خفض حقوق ورسوم الجمارك على الواردات الصناعية الاوروبية تنفيذاً للاتفاق في وقت لم تلتزم الاطراف الاوروبية العمل بالمثل في مجال الصادرات الزراعية المغربية.