أثارت قضية "صفقات المعدات العسكرية" المزعومة للعراق، صراعات سياسية وعرقية في كل من البوسنة وصربيا، فيما اعتبرت مصادر حكومية أن الاجراءات ضد عدد من المسؤولين في المجالات العسكرية والتجارية "اتخذت ترضية للولايات المتحدة". ودعت الصحف، "المسلمة والكرواتية"، الصادرة في البوسنة إلى معاقبة الكيان الصربي "الذي ألحق أضراراً فادحة بكل البوسنة". وقالت صحيفة "اوسلوبوجينيا" الصادرة في ساراييفو، إن "الفضيحة تتطلب السرعة في احالة جميع المسؤولين عن تلك الصفقات، والذين تستروا عليهم في حكومة الصرب، إلى المحاكم، لمعاقبة المذنبين وتبرئة دولة البوسنة - الهرسك من الاتهامات التي تعرضت لها". وأصدرت رئاسة الجمهورية الصربية كيان صرب البوسنة بياناًَ أوضحت فيه أن استقالة وزير الدفاع سلوبودان بيليتش ورئيس أركان الجيش الجنرال نوفيتا سيميتش "تمت بناء على رغبة المسؤولين الدوليين في البوسنة والمجتمع الدولي". وأضافت انه "لا توجد أدلة على ضلوع بيليتش وسيميتش في أي صفقات أسلحة للعراق". وكانت حكومة صرب البوسنة أقالت رئيس شركة "اوراو" أي الصقر الخاصة بقطع غيار الطائرات، التي مقرها مدينة بييلينا شمال شرقي الكيان الصربي وعدداً من المسؤولين فيها. وجاء ذلك، بعدما أعلنت الولاياتالمتحدة أن لديها "أدلة واضحة" في شأن تعاون شركة "اوراو" بالتعاون مع شركة "يوغو امبورت" مقرها في بلغراد لتصليح محركات طائرات حربية عراقية من طراز "ميغ 21"، ما يعدّ "انتهاكاً لعقوبات الأممالمتحدة". ودهمت القوات الدولية سفور في البوسنة، بطلب أميركي، مقار ومصانع لشركة "اوراو"، وذكرت أنها "عثرت على وثائق وأدلة عن تورط الشركة في صفقات مع العراق، تنتهك القرارات الدولية واتفاق دايتون" الذي اوقف الحرب البوسنية. ولم يفصح المسؤولون الدوليون عن تفاصيل الأدلة التي حصلوا عليها، ما جعل وسائل الإعلام الصربية تعتبر "أن الأمر لا يتعدى شكوكاً أو ذرائع لممارسة المزيد من الضغوط على الصرب". وعقد مجلس الدفاع الأعلى في بلغراد، اجتماعاً طارئاً حضره الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، أقر تشكيل لجنة حكومية ل"التحقيق في قضية صفقات الأسلحة للعراق، والتوصل إلى نتيجة حاسمة حول الموضوع". وقال وزير الدفاع الاتحادي فيليمير رادوييفيتش، بعد الاجتماع، أن يوغوسلافيا "لا علاقة لها بأي تصدير للسلاح إلى العراق، ولم تنتهك قرارات الأممالمتحدة في هذا الشأن". وأكد أن الوزارة "لم تمنح أي اجازة تصدير أسلحة إلى العراق، ولا تمانع اجراء التحقيقات اللازمة، لأنه لا يوجد ما تخشاه". وأوضح رادوييفيتش ان المعلومات المتوفرة "تقتصر على ما تعلنه الولاياتالمتحدة، ولا يوجد ما يؤيدها محلياً". ونقلت وكالة "تانيوغ" عن شركة "يوغو امبورت" أن "ليست لديها عقود تجارية سارية المفعول بشأن تصدير معدات عسكرية للعراق". وأشارت الشركة إلى أن وزير الداخلية الصربي دوشان ميخايلوفيتش يرأس مجلس إدارتها "وهو مطلع على كل الأمور المتعلقة بها". وكانت الحكومة اليوغوسلافية أقالت كلاً من نائب وزير الدفاع الاتحادي ومدير شركة "يوغو امبورت" بطلب من السفارة الاميركية في بلغراد". ورأى محللون عسكريون في البلقان، أن من الصعب ابرام الصفقات التي تتحدث عنها الولاياتالمتحدة "بسبب استحالة نقل محركات الطائرات العراقية إلى البوسنة لتصليحها، كما أنه لا يمكن ايصال المعدات العسكرية إلى العراق بسبب الحظر المفروض والرقابة الدولية المشددة عليه". ويضيف المحللون انه "حتى لو ساعدت قطع الغيار، كما تقول المصادر الأميركية، على استمرار تشغيل الطائرات الحربية العراقية، فإن هذه الطائرات أصبحت قديمة وهي غير قادرة على المساعدة في مواجهة الأسلحة المتقدمة التي تملكها واشنطن والتي تهدد العراق بها". واستغل رئيس الحكومة الصربية زوران جينجيتش الاتهامات الأميركية، لشن حملة على الرئيس كوشتونيتسا باعتباره القائد الأعلى للجيش اليوغوسلافي وتحميله مسؤولية الضغوط التي يتعرض الصرب لها.