لقد اصبح من المألوف ان يخلط مراسل "الحياة" في تونس رشيد خشانة - المحرر بين مواقفه الحزبية وصفته الاعلامية التي تفترض الحياد والموضوعية والنزاهة. هذه المرة سخر المراسل قلمه لينتقد مصادقة البرلمان التونسي على قانون دستوري يضمن التعددية للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستشهدها تونس سنة 2004. وبقطع النظر عن ان المقال صدر في "الحياة" في اليوم نفسه 24 تشرين الاول/ اكتوبر ص 9، صفحة "الرأي"، عنوانه "عكس التيار" الذي اصدر فيه الحزب الذي ينتمي المراسل الى هيئته التنفيذية بياناً عبر فيه عن الموقف نفسه، فإن الطروحات التي تقدم بها هي اقرب الى المغالطات منها الى اي شيء آخر. فالقول إن "القانون تضمن شروطاً تنال من حرية المنافسة" هو من باب قلب الحقائق رأساً عى عقب. فالهدف من القانون هو، أولاً، ضمان تعددية الترشحات للانتخابات المقبلة التي تضمنها القوانين السارية حالياً، لكن الخريطة السياسية وموازين القوى بين الاحزاب التونسية قد لا تتيح ذلك، نظراً لضعف احزاب المعارضة الذي ينعكس على ضعف تمثيلها داخل الهيئات المنتخبة، ما قد يعيق شرط تزكية اي مترشح الى الرئاسة من جانب ثلاثين من المنتخبين. كما ان عدم توفق المعارضة في التنسيق بينها يزيد من صعوبة الامر. لذلك بادر الرئىس زين العابدين بن علي الى سن هذا القانون الدستوري الجديد الذي لا يضمن التعددية فحسب، وإنما يوسع نطاقها، وذلك بالتنصيص على انه في امكان اعضاء الهيئات القيادية لأحزاب الترشح لرئاسيات 2004، بعدما كان الامر مقتصراً على المسؤول الاول لكل حزب منها. وقد اغفل كاتب المقال هذه النقطة اغفالاً تاماً لا يمكن، بأية حال ولأي محلل موضوعي، ان يسمح لنفسه بارتكاب هذا الطمس للحقائق، اللهم ان تكون له دوافع حزبية. اما القول ان تونس تسبح "عكس التيار"، فهو كلام مردود على صاحبه، لأن تونس تتبوأ الريادة ليس في مجال الاصلاح السياسي فحسب، وإنما كذلك في مجالات الرقي الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بشهادة شخصيات وهيئات دولية نحسب انها اكثر صدقية من محترفي الخلط بين الحسابات السياسوية والعمل الاعلامي. لندن - محمد بوقمرة المستشار الاعلامي بسفارة تونس