تبادلت الحكومة السودانية ومتمردو "الحركة الشعبية لتحرير السودان" اتهامات في شأن خرق الهدنة القائمة بينهما منذ اسبوع من أجل تهيئة الاجواء لانجاح مفاوضات السلام السودانية الجارية حالياً في بلدة مشاكوس الكينية. ووجه الطرفان شكاو الى وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا إيغاد والرعاة الغربيين في المفاوضات في شأن دعم كل طرف مليشيات مؤيدة في هجمات في الجنوب. وكرر الرئيس السوداني عمر البشير في جنيف امس اتهام الحكومة السودانيةواشنطن بتشجيع الحرب باقرار "قانون سلام السودان". وقال للصحافيين: "هذا قانون للحرب وليس للسلام. انه يساوي بين الحكومة والمتمردين، ويعطي المتمردين حافزاً سواء كانت هناك حرب أم سلام". لكنه اعرب عن تفاؤله بتحقيق السلام "لأن هناك رغبة شعبية فيه، أياً كان دور اميركا على رغم اننا نرجو ان يكون هذا الدور شفافا". نيروبي، الخرطوم، أسمرا، جنيف - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - أعلن السودان امس ان ميليشيا مرتبطة ب"الحركة الشعبية لتحرير السودان" ارتكبت انتهاكات جديدة لهدنة وقعت لتتزامن مع محادثات السلام بمهاجمة بلدتين في الجنوب. وقالت الخرطوم انها ابلغت الوسطاء في محادثات السلام في كينيا بهذا الانتهاك بعد هجوم ميليشيا مرتبطة بحركة جون قرنق بلدتي كوتش وثوركين في غرب اعالي النيل اللتين تسيطر عليهما ميليشيا موالية للحكومة. لكن "الحركة الشعبية" نفت هذه الادعاءات وقالت بدلاً من ذلك ان الحكومة هاجمت بعض مواقعها الخميس. وكان مفترضاً بدء الهدنة الاولى في الحرب الدائرة منذ 19 عاماً الخميس الماضي وان تستمر طوال فترة المحادثات التي من المقرر ان تستمر خمسة اسابيع ويمكن تمديد تلك الهدنة الى نهاية العام إذا دعت الحاجة لذلك. وقال وفد الحكومة السودانية في المحادثات في بيان ان ميليشيا بيتر غاديت وهي متحالفة مع حركة قرنق هاجمت الخميس بلدتي كوتش وثوركين اللتين تسيطر عليهما ميليشيا موالية للحكومة يقودها باولينو ماتيب. واضاف البيان ان هذه الهجمات هي ثالث هجمات على التوالي منذ التوقيع على اتفاق وقف النار في 15 تشرين الاول الجاري. وقال ناطق باسم "الحركة الشعبية" ان "هذه الادعاءات غير صحيحة تماماً. وحكومة السودان هاجمت مركز راير للاغاثة وثلاث قرى اخرى مستخدمة مروحيتين الخميس وقتلت 20 شخصاً". وفي أسمرا، قال الناطق باسم الحركة ياسر عرمان إن حركته ابلغت الوسطاء بخرق الجيش السوداني الهدنة بهجومها على قواته في مانكين في غرب اعالي النيل، كما وفرت غطاء جوياً لميليشيات ماتيب. واستنكر عرمان "ممارسات النظام وتعديه على الطلاب"، في اشارة الى انهاء تظاهرات طلابية يومي الاربعاء والخميس الماضيين. وأكد وقوف حركته الى جانب "حق الطلاب في نشاط حر وانتخاب ديموقراطي لممثليهم في اتحاد الطلاب". وطالب باطلاق جميع المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم زعيم حزب المؤتمر الوطني الشعبي الدكتور حسن الترابي. وفي الخرطوم، وجهت الحكومة السودانية انتقادات حادة الى الولاياتالمتحدة والى القرار الذي اتخذه الكونغرس الاميركي في شأن السلام في السودان وتضمن امكان فرض عقوبات على الخرطوم. وانتقد بيان اصدرته وزارة الخارجية السودانية القرار الذي اتخذه الكونغرس الاميركي في 18 تشرين الاول اكتوبر من دون مداولات و"حدد بغطرسة وبلا تفكير مصير دولة ذات سيادة". وأشار البيان الى ان "أياً من الذين دعموا هذا القانون لم يقم بزيارة الخرطوم او أجرى اتصالات مع مسؤول سوداني. وفي الواقع، فإن عدداً منهم رفض طلبات للقاء مسؤولين سودانيين". واعتبر إن "الذين يقفون وراء القانون مدفوعون بدافع الكراهية الدينية ورفض الآخر وليس هدفهم السلام". وتساءلت الوزارة: "ألا يعني تقديم مئات الملايين من الدولارات الى الحركة المتمردة تشجيعاً على تقسيم البلاد؟". وزادت أن "الولاياتالمتحدة احدى القوى الاساسية في الوساطة لانهاء الحرب في جنوب السودان إلا أن القرار الأميركي يشجع المتمردين على مواصلة الحرب والانفصال". ولاحظ أن "القانون يتجاهل بصورة متعمدة ان الحرب الحالية تعود بدايتها الى العام 1955 ليعطي انطباعا خاطئا بان الحكومة الحالية هي المسؤولة عنها وأنها حرب دينية بينما ان الذي حدث هو أن السودانيين استلهموا الحافز الديني للدفاع عن بلدهم حين اعلنت الحركة أنها تقوم على مبدأ الماركسية ومرة أخرى حين صارت مدعومة بمؤسسات ذات دوافع دينية مثل التضامن المسيحي والمعونة النروجية". واعتبرت أن "الدليل على أنها ليست حرباً دينية لجوء غالبية الجنوبيين من مسيحيين واصحاب ديانات افريقية الى الشمال المسلم وليس للمناطق التي يسيطر عليها قرنق". وفي تطور منفصل، اعلن معارضون سودانيون في سويسرا انهم نظموا بالتعاون مع منظمات سويسرية تظاهرة احتجاج على زيارة الرئيس عمر البشير مدينة بيرن. وافادوا أنهم سلموا رسالة احتجاجالى رئيس البرلمان السويسري، وان الشرطة طوقت مبنى البرلمان لمراقبة التظاهرة السلمية، وان التظاهرة تفرقت من دون وقوع صدامات. ويجري البشير محادثات في سويسرا تتناول العلاقات الثنائية وسبل تحقيق السلام في جنوب السودان.