عشق العرب كرة القدم عشقاً فائقاً وربما احبوا غيرها من الالعاب، لكن ما لفت في السنوات الاخيرة ان شعبية رياضة السيارات بأنواعها المختلفة تزداد كل يوم بل ربما كل ساعة. واذا كان الاهتمام بهذه الرياضة بدأ في الوطن العربي بسباقات الرالي تحديداً، فإن جيل الرواد الذي بدأ نشاطاته في أواخر الثمانينات وضم العاهل الاردني عبدالله الثاني والقطري سعيد الهاجري والسعوديين محمد المالكي وممدوح خياط، جاهد طويلاً قبل ان يحصل على اعتراف كامل بان ما يمارسه هو نوع من الرياضة على رغم كل ما يحمل من اخطار. ثم جاء جيل الوسط بقيادة الاماراتي محمد بن سليم الذي اكل الاخضر واليابس وصار النجم الاول في الشرق الاوسط... وعلى رغم ان الميدان شهد دخول اسماء اخرى كبيرة امثال السعودي عبدالله باخشب والعماني حمد الوهيبي والقطري مبارك الهاجري، بيد ان "الاماراتي الطائر" ظل يغرد وحده في الساحة وتوج زعيماً لبطولة الشرق الاوسط 14 مرة، وهو رقم قياسي لم يسبقه اليه احد... وغالب الظن انه سيبقى في حوزته طويلاً وطويلاً جداً. لم تكن هي المرة الاولى التي التقي فيها اسطورة رياضة السيارات في الشرق الاوسط محمد بن سليم، فمعرفتي بهذا الرجل تعود الى نحو عشرين عاماً عندما بدأ هو خطواته الاولى في عالم الراليات. واذا كانت لقاءاتنا وحوارتنا السابقة دارت وهو يرتدي زي السائق، فهي جاءت هذه المرة وهو في حلة المنظم والاداري والمسؤول الاول عن رالي "مارلبورو الامارات الصحراوي الدولي"، الجولة الاخيرة من بطولة العالم للراليات الصحراوية الطويلة واحدى جولات كأس العالم للدراجات الذي ينطلق الثلثاء المقبل بمرحلة استعراضية في دبي... لأنه رئيس اللجنة المنظمة. الحوار معه كان شيقاً كالعادة، ولم يخل من طرافة أو من روح "الانسان المتواضع" التي تحلى بها دوماً. سألته في البداية عن تأثير الاوضاع غير المستقرة في المنطقة بفعل التهديدات الاميركية بضرب العراق، ومن قبلها تبعات احداث الثلثاء الاسود في 11 ايلول سبتمبر في نيوروك وواشنطن... فأجاب: "ان الاقبال على المشاركة في "مارلبورو رالي الامارات الصحراوي" في تزايد مستمر. لقد كنا دائماً على يقين بأخطار هذه التهديدات الاميركية وتبعات الارهاب الاسود في الولاياتالمتحدة، لذا رأينا ان نزيد من جهودنا من اجل ان نظهر الوجه الحقيقي للعرب والمسلمين... واوضحنا لهم جيداً اننا امة تنبذ الارهاب بكل انواعه. لقد جهدنا كثيراً من اجل ان نظهر لضيوفنا ان منطقتنا آمنة تماماً، وانها وجميع من يعيشون على ارضها يرفضون هذه الظاهرة السوداء. في العام الماضي خسرنا نحو 30 في المئة من العدد المتوقع للمشاركة، بيد ان الامر اختلف هذا العام وحدث تزايد كبير جداً في عدد الفرق التي وصلت من 28 دولة من مختلف قارات العالم. لقد استطعنا ان نقنع هؤلاء بان الدعايات الاميركية عن المخاوف التي تحيط بمنطقتنا هراء لا يجب ان يلتفتوا له، وهذا ما حصل فعلاً ووصل عدد السائقين الآتيين من الخارج الى خمسين بالنسبة لمنافسات السيارات بخلاف عدد كبير جداً من الدراجين". واضاف "المهم ان الفرق الكبيرة حضرت. ومشاركة رئيس وزراء تاتارستان في هذا الرالي ليس بالامر الهين، بل يؤكد ان ما سعينا الى اثباته من ان منطقتنا تتمتع بالأمن والامان قد تحقق". وعن دور الرياضة في التقريب بين الشعوب، اوضح بن سليم "يجب ان نستغل مثل هذه المنافسات في التأكيد على انها "حمامة سلام"، وانها تلعب دوراً ديبلوماسياً مهماً في التقريب بين الشعوب. ولا تنسى انه في الزمان الغابر وقبل ان يكون هناك تمثيل ديبلوماسي بين الدول كانت هناك مسابقات رياضية تجمع بين شعوبها من قديم الازل، وهي كانت تقوم بدور سياسي مهم. اذاً الرياضة سبقت السياسة في التقريب بين الناس في مختلف جهات العالم، ولا يفوتني ان اشير الى ان الرياضة لعبت دوراً مهماً في ازالة الجمود الذي كان يخيم على العلاقات بين الولاياتالمتحدة والصين من طريق مباراة في كرة الطاولة... وان دورها في الضغط على الاتحاد السوفياتي السابق للانسحاب من افغانستان بعدما قاطعت كل دول العالم الحر دورة الالعاب الاولمبية التي اقيمت عام 1980 في موسكو. وهي كانت ايضاً من اهم عناصر القضاء على التمييز العنصري في جنوب افريقيا طويلاً قبل ان تنال استقلالها". واكد رئيس اللجنة المنظمة ل"مارلبورو رالي الامارات الصحراوي" ان لوسائل الاعلام الكبرى دورها المهم في التأكيد على ذلك "اتمنى ممن سيتابعون المنافسات الا يركزوا فقط على الامور الفنية الخاصة بالسباق، لأن عليهم واجباً آخر تجاه العرب والمسلمين جميعاً اذ عليهم ان يشددوا على امن وامان المنطقة. يجب ان يظهروا للعالم اننا ضد كل الاعمال الارهابية في اي مكان... وهكذا ينقلون للعالم صورة حقيقة عنا ما يسهم في تغيير الصورة الفاضحة والكاذبة التي ينقلها الاعلام الغربي عنا. كبرى الفضائيات التلفزيونية العربية والعالمية ستنقل الحدث على الهواء مباشرة، واتمنى عليها ان تعير انتباهاً لهذا الامر المهم". واضح بن سليم انه "اذا كانت الالعاب الاولمبية ونهائيات كأس العالم لكرة القدم تستقطب خيرة الرياضيين من جميع انحاء العالم، فهذا ايضاً ما يفعله "مارلبورو رالي الامارات الصحراوي"، لأننا لدينا مشاركين ومشاركات من الدول العربية واليابان واميركا الجنوبية واوروبا بشقيها الغربي والشرقي، فضلاً عن الكثيرين من الدول الآسيوية المختلفة... وهو يفيد البلد بل والمنطقة كثيراً من مختلف النواحي الاقتصادية والسياحية ايضاً". بن سليم تحدث في هذه الحلقة عن مواجهة التحديات التي يفرضها علينا البعض بهدف تشويه صورتنا، وكيف انه نجح ورجاله في طمأنة نفوس المتسابقين الذين وصلوا الى الامارات بأعداد كبيرة للمشاركة في هذا الحدث العالمي. وفي الحلقة المقبلة سيتحدث عن الشراكة المثالية بينه وبين "فيليب موريس" والتي ترجع الى عام 1983، وايضاً عن مولد فكرة تنظيم هذا السباق في عام 1990 وكيف خرجت الى النور في العام الذي يليه مباشرة وخطوات تطور المنافسات... كما سيتطرق الى المشاركة النسائية، وعن الدور المهم الذي ستلعبه استضافة مملكة البحرين لاحدى جولات سباقات "فورمولا واحد" بدءاً من عام 2004... فانتظرونا.