لغة موسيقية عالمية تطلقها طبلة ضابط الايقاع اللبناني روني براك في حوارها الارتجالي مع عازف الغيتار الايطالي انطونيو فورتشوني، لتضيف الى المعالم الاثرية التي تستضيف حفلاتهما الثلاث، ضمن مهرجان خريف 2002 الذي تنظمه جمعية "آثار وفنون"، مزيداً من الحلم. وليس مستغرباً ان تقام الحفلات الفنية في اماكن اثرية معروفة، غير ان ما يميز العروض الموسيقية التي تنظمها جمعية آثار وفنون اللبنانية، انها تُحيي الاماكن الاثرية المجهولة وغير المعتنى بها، وتدعو اللبنانيين الى التعرف الى هذه الآثار في اطارها الطبيعي والانساني، معتمدة على قدرات الفنانين ومواهبهم في لبنان والخارج. تهتم الجمعية منذ اربع سنوات باكتشاف اماكن ومواقع تاريخية جديرة بالاهتمام ومتروكة، وتقوم بتنظيفها وتجهيزها بالمسرح وآلات الصوت والمقاعد لاستيعاب رواد الحفلات التي تنظمها. كما تحث الجمعية البلديات المعنية على تخليص الموقع من الإهمال والاعشاب البرية، ثم تعلن عن وجود الأماكن والمواقع الاثرية التاريخية ل"جمعية الحفاظ على التراث والبيوت الاثرية" Apsuad، لتتولى امرها. نحو ثلاثين حفلة "اثرية" موسيقية نظمتها الجمعية منذ التزامها هذا العمل المماثل للمبادرة التي قامت بها البعثة الثقافية الفرنسية الى لبنان سنة 1996. وفي سعيها الى تغطية أكبر عدد من الاماكن الاثرية، زادت الجمعية معدل حفلاتها، ليتخطى الست حفلات سنوياً الى مهرجانين لفصلي الخريف والربيع من كل عام. ويضم مهرجان الخريف 2002 سبع حفلات لهذا العام. اول ثلاث حفلات ضمن المهرجان احياها عازف الايقاع روني براك برفقة عازف الغيتار الايطالي انطونيو فورتشوني وفرقته. وجرى التحضير لها بالتعاون مع السفارة الايطالية في لبنان: حفلتان في معمل الحرير القديم ومحطة سكة الحديد في بيروت، وحفلة في قلعة سان جيل في طرابلس. طفل يحتضن طبلته وخلال هذه الحفلات أطلق عاشق الطبلة براك، كعادته، العنان لآلته كي تتحاور مع غيتار فورتشوني، ليستمتع "من يرغب في السمع" بأسرار الموسيقى والايقاعات العالمية، المطعّمة بنكهات برازيلية، لاتينية، هندية وجاز... ويبدو من الاجحاف في حق روني عدم الاعتراف بدوره في تغيير النظرة الى مفهوم الطبلة وتحسينها منذ العام 1988، تاريخ تخرجه في استديو الفن بميدالية ذهبية. هو الذي حاول اخراج آلة الايقاع عن صورتها التقليدية المرسومة في أذهان الناس، ونجح في اطلاق قواها الحبيسة في الايقاعات الشرقية الرتيبة وأجواء الرقص، ليظهر مقدرتها على ابداع موسيقى عالمية تحاكي الروح، وكذلك امكان ترابطها بمختلف انواع الموسيقى والانغام التي يصدرها الغيتار والبيانو والكمان. احتضن روني طبلته الصغيرة ليعزف عليها بفطرة طفل... ولا يزال يحتضنها. انتسب الى معهد الموسيقى حين بلغ السادسة عشرة من عمره ليتعلم قواعد العزف والنوتة وليكتشف لاحقاً عدم دقة ما تم تلقينه اياه في ما يتعلق باستخدام ثلاثة اصابع، وأصر - بحكم خبرته اللاحقة - على ضرورة استخدامها جميعها. تميز في برنامج استوديو الفن بطريقة عزفه وحركات رأسه ويديه ورجليه وإغماضة عينيه واندماجه بما يطلقه من نغمات موسيقية، ليتخرج واضعاً نصب عينيه تحقيق رسالته الفنية الخاصة. وصقل ذائقته الموسيقية بالسفر والاصغاء الى كبار الفنانين العالميين في حفلاتهم حتى بات يشاركهم، فقدم عروضه في حفلات بافاروتي، توم جونز وجورج بنسون... كما عزف مع عازف الكمان الشهير عبود عبدالعال وزياد الرحباني والموسيقار الهندي تالفن سينغ، الى جانب العازف الايطالي انطونيو فورتشوني. ويؤكّد روني أنّه عاش متعة المشاركة مع زميله الايطالي، في احضان الآثار. انه يهوى الطبلة وكل ما تصدره من ايقاعات، إضافة إلى تذوقه نغمات آلة الغيتار، لا سيما بأسلوب عزف انطونيو فورتشوني. مقطوعات للرقص وأخرى للاصغاء قدّم روني مقطوعات عدة في شكل منفرد وباستخدام مجموعة من الآلات الايقاعية او الطبلات من ألبومه "ارامبا"، ولكن بأسلوب مختلف، بمعنى عدم مرافقة الساكسوفون والبيانو له كما في الألبوم، بل الغتيار فقط. وقدم انطونيو فورتشوني منفرداً كذلك مجموعة من المعزوفات غنية بالنكهة الخاصة به. ويربط براك انسجامه المستمر مع انطونيو بحفلاتهما المشتركة السابقة في لندن، ما سينعكس في العرض او العزف الذي سيقدمانه، تناغماً وارتجالاً موسيقياً لكليهما. ويلاحظ الفنان الشاب في حفلاته في لبنان، عدم مقدرة بعض الحضور على التركيز على سماع الموسيقى من دون رغبة في الرقص، لذا يعمل على اعادته الى الانسجام. غير ان حرصه على الرسالة الموسيقية التي تقدمها الطبلة يجعله يتمنى الاصغاء فقط، والامتناع عن الكلام كذلك. ويميز في اعماله بين ما هو معد للرقص وما هو للاصغاء والاستمتاع، لذلك يعمل حالياً على تحضير ألبوم جديد خاص بالرقص والاندية الليلية، يتميز بامكان عزفه على المسرح بصورة مباشرة من دون اي تعديل في موسيقاه لأنها لا تعتمد اساساً على تقنيات الكومبيوتر. وفي بقية برنامج المهرجان، يقدم الفنان نداء ابو مراد حفلة موسيقية صوفية واحدة من تأليفه وعزفه بالاشتراك مع الفرقة الموسيقية الكلاسيكية العربية في قلعة سان جيل في طرابلس في 12 تشرين الاول اكتوبر. اما عازف البيانو اللبناني وليد حوراني فيقدم حفلة في 2 تشرين الثاني نوفمبر في قصر نوفل المرمم حديثاً في طرابلس، وأخرى في فيللا مقبل في شارع سرسق - بيروت في السابع من الشهر نفسه. وفي مناسبة عيد الميلاد يخصص الفنان غي مانوكيان حفلة واحدة في كنيسة مار الياس للموارنة في منطقة القنطاري - بيروت.