تجاوزت مصر الانعكاسات التي تركتها أحداث 11 أيلول سبتمبر على صناعة السياحة فيها، من دون أن يقلل ذلك من وتيرة الحملات الترويجية التي تشنها لاعادة الاعتبار الى مكانتها السياحية. وقال وزير السياحة ممدوح البلتاجي إن معدلات التدفق السياحي الى مصر زادت بنسبة ستة في المئة في تموز يوليو، وبنسبة 15 في المئة في آب أغسطس مقارنة بسنة 2002. وأكد أن مصر كانت من أولى الدول في الشرق الأوسط وجنوب الشرق المتوسط التي تمكنت من استعادة الحركة السياحية الى معدلاتها السابقة. ونوه إلى أن بين العوامل التي تجذب السياح إلى مصر تميزها باستتباب الأمن والاستقرار، وهو ما يلمسه كل من يزور مصر سواء كان عربياً أو أجنبياً، وهو ما يفسر أيضاً الارتفاع الملحوظ في عدد الوافدين من اسبانيا وايطاليا، بدليل أن عدد السياح الايطاليين الذين زاروا مصر في شهر آب ارتفع الى 104 آلاف سائح. أما بالنسبة إلى السياحة الوافدة من البلاد العربية فقال إنها تمثل 18 الى 20 في المئة من إجمالي حركة السياحة الوافدة. وتظهر الاحصاءات أن عدد السياح العرب في النصف الأول من السنة الجارية بلغ 2.475 ألف سائح، أي بزيادة مقدارها 8.8 في المئة، وعدد الليالي السياحية التي قضوها الى 53.2 مليون ليلة بزيادة بلغت 8.19 في المئة. وتحفل فنادق القاهرة بالسياح والصحافيين الذين يتدفقون عليها باستمرار، وليس آخرهم ألف صحافي قدموا أخيراً لحضور "معرض السفر للبحر المتوسط"، الذي أقيم في "مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات والمعارض". وأظهرت مشاركة 31 دولة، 27 منها بصفة رسمية، مدى الاهتمام بالمعرض الذي تحول في السنوات الأخيرة الى محطة للترويج السياحي الاقليمي. وتنظم مصر باستمرار معارض في الخارج لتقديم تراثها التاريخي اللافت وتعريفه الى الجمهور في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك "معرض الفرعون" الذي يقام حالياً في البندقية. وتزخر مصر بالكثير من الكنوز التاريخية والصروح الجميلة، إلا أن أحد أبرز المعالم الحديثة التي بدأت تأخذ موقعها على خارطة الزيارات السياحية الى مصر هو مكتبة الاسكندرية التي تعيد الى الذاكرة منارة الاسكندرية التي كانت تعتبر في حينها إحدى عجائب الدنيا السبع. مكتبة الاسكندرية والرحلة الى ذلك ممتعة بين القاهرةوالاسكندرية بعدما بات الطريق الصحراوي أخضر اللون تحفه البساتين على جانبي الطريق وتتوافر المياه بجانبه على عمق يراوح بين عشرة أمتار و140 متراً. وكانت منارة الحضارة القديمة أكاديمية علمية أسسها بطليموس الأول عام 288 ق.م وجمعت علماء ومفكري ذلك العصر ثم ألحقت بها مكتبة شملت كل المعارف القديمة وبلغ عدد المخطوطات فيها 900 ألف مخطوط. ثم أقدم يوليوس قيصر على احراقها عام 48 ق.م وقتلت "هيباثيا"، عالمة الرياضيات وابنة آخر علماء المكتبة المعروفين "ثيون"، على يد الغوغاء عام 415م. وعندما يدلف الزوار الى المكتبة تطالعهم سبع مدرجات، أربع منها تحت مستوى البحر وكلها تحت سقف واحد مائل باتجاه البحر يؤمن اضاءة غير مباشرة رائعة. ولكل طبقة في المبنى الكبير وظيفتها واختصاصاتها، فهناك واحدة للثقافة والفنون وثانية للفلسفة، وثالثة للعلوم الدينية، ورابعة للتاريخ والجغرافيا، وخامسة للخرائط والمخطوطات النادرة، وصولاً الى مكتبة طه حسين للمكفوفين. وتضم المكتبة اليوم 200 ألف كتاب بالاضافة الى 6700 مخطوط تراثي نادر. وجرى تصميمها بطريقة تتيح لها استيعاب ثمانية ملايين كتاب ومخطوط. وهي الى ذلك تملك احدى أكبر قاعات المطالعة في العالم وأول كتابين وضعا فيها في أول آب اغسطس 2001 هما "المصحف الشريف" و"الانجيل". ويشعر الزائر بأن الصرح هو أكثر من مكتبة وانه مركز إشعاع متعدد الوظائف يجد فيه المتاحف والمعارض وقاعة المؤتمرات ومعهداً للدراسات الدولية للباحثين، وقبة سماوية صممت على شكل كامل الاستدارة بقطر 18 متراً. والمكتبة تشتمل على متحف علمي وقاعة عرض مجهزة بأحدث التقنيات ومركز لمراقبة النجوم والدراسات الفلكية. وعقدت المكتبة اتفاقات مع مكتبات في فرنسا وبريطانيا ومع مكتبة الكونغرس لتبادل الخبرات والمعلومات بما يسهل لزوارها الوصول الى معظم المواد الالكترونية للمعلومات. وصمم البناء مكتب "سنوهنا" النروجي بالاشتراك مع الاستشاري المصري ممدوح حمزة الذي تولى التصميمات الانشائية. وعندما يتأمل الزائر المبنى من الخارج لا يملك إلا أن يشعر بالدهشة والاعجاب للأشكال الهندسية المنبسطة أمام ناظريه في كرة أرضية وهرم وقرص شمس وأشعة تتسابق باتجاه البحر، وجدار - سقف يطل على الميناء العتيق، ونهر تجري مياهه باستمرار، وجدار غرانيتي نقشت عليه كل أبجديات العالم. مكتبة الاسكندرية هي حقاً الهرم الرابع. الاسكندرية هي أيضاً لؤلؤة البحر المتوسط وعروسه تسحرك بجمالها عند الشاطئ وقلعة قايتباي وجامع أبي العباس المرسي والمسرح الروماني وقصر المنتزه وبجواره "فندق هلنان فلسطين" حيث الاقامة تطيل العمر. الاسكندرية كذلك هي ورشة عمل لا تتوقف والتجميل والترميم فيها على قدم وساق. والمدينة أصبحت نظيفة بعكس القاهرة وكل ذلك بفضل المحافظ اللواء محمد عبدالسلام محجوب الذي غيّر الناس اسمه من المحجوب الى "المحبوب".