تزخر مدينة الاسكندرية بمجموعة غنية من المعالم الأثرية والمباني التاريخية، وتتضافر هذه العناصر مع الطقس الرائع والفنادق الفخمة والشواطئ الذهبية لتمنح المدينة المتوسطية العريقة موقعاً سياحياً بارزاً. ويقول سكان الاسكندرية الذين يبلغ عددهم أربعة ملايين نسمة ان من سوء حظ مدينتهم ان السياح الأجانب يؤخذون بشهرة القاهرة ونهر النيل والمنتجعات الجديدة على البحر الاحمر، فيتجاهلون التوقف في المدينة التي تحمل اسم الاسكندر المقدوني. غير ان هذا الاتجاه في طور التغيير حالياً، والقيّمون على القطاع السياحي في الاسكندرية يتحدثون بثقة عن عصر ذهبي جديد ينتظر مدينتهم. ويقول مسؤول هيئة السياحة المصرية، علاء الدين زهدي: "لا نستطيع الادعاء بأن الاسكندرية تستطيع منافسة الاهرام والمتحف المصري. لكن الأمور ستتغير، وسيكون للمدينة في المستقبل القريب مكانة بارزة على خريطة السياحة في مصر". ويؤيد وجهة النظر هذه عادل حافظ المدير العام لفندق "شيراتون المنتزه" احد أفضل فنادق الخمس نجوم في الاسكندرية، مشيراً الى ان أحد أسباب التفاؤل بالمستقبل السياحي للمدينة الافتتاح الوشيك لمطار دولي جديد على حدود الاسكندرية. ويعلق الاسكندرانيون آمالهم على ثلاثة مشاريع صممت لإعادة المدينة الى الموقع الذي كانت تحتله في الماضي، والذي رسمه لها مؤسسها الاسكندر الكبير عام 331 قبل الميلاد. فلمدة ألف عام من انشائها، بأمر من القائد المقدوني، بقيت الاسكندرية أعظم مدينة في الشرق الأوسط، وذاع صيت منارتها، احدى عجائب الدنيا السبع، ومكتبتها كأفضل مبنيين تم انشاؤهما في العالم. وحتى اليوم، ما زالت الاسكندرية تعتبر من المدن العالمية التي تعيش فيها عشرات الحضارات. ويتمثل أول المشاريع الهادفة الى استعادة الاسكندرية لبريقها السابق في اعادة احياء مكتبتها الشهيرة التي دمرت بسبب الحريق الذي شب فيها قبل 1600 سنة. وخلال السنوات العشر الماضية، عمل الباحثون من مصر ودول أخرى على بناء أعظم مكتبة في العالم العربي. وبدأ الحلم يتحول اليوم الى حقيقة، حيث ستفتتح مكتبة الاسكندرية البالغ مساحتها 69 ألف متر مربع وكلفتها 200 مليون دولار اميركي العام المقبل، على ان تضم مجموعة هائلة من الكتب يصل عددها الى ثمانية ملايين كتاب. وثمة مشروع آخر يلقى الآن اهتماماً كبيراً، ويتمثل في أعمال التنقيب عن مقبرة ملكية في وسط الاسكندرية. ويعتقد علماء الآثار باحتمال وجود مدفن الاسكندر او كليوباترا، أشهر ملكات مصر وآخر البطالسة الذين حكموا الدولة وكانت عاصمتهم الاسكندرية. غير ان العلماء يظهرون ثقة أكبر عندما يتحدثون عن مكتشفات موقع أثري آخر في الميناء الشرقي للاسكندرية. فعندما ضربت هزة أرضية ساحل المدينة قبل قرون عدة، طمر قصر كليوباترا على عمق ستة أمتار من الماء. وقد بدأ الغطاسون وعلماء الآثار أخيراً اكتشاف أهمية هذه البقايا المدفونة في البحر. وفي شهر آب اغسطس الماضي، بدأ تنظيف هذا الكنز الاثري، بعدما أمرت السلطات بإيقاف ضخ المجاري الصحية نحو الميناء. وهناك خطة الآن لإنشاء أحد أفضل مراكز الغطس في العالم، حيث يستطيع الغطاسون "التنزه" بين المباني والأعمدة والمنحوتات القديمة. ويقول المدير العام لفندق "شيراتون المنتزه" الذي يطل على ساحل البحر المتوسط من جهة وقصر المنتزه من الجهة الأخرى، ان الاسكندرية سر احتفظ به المصريون لأنفسهم حتى الآن. ويتوافد على المدينة في أشهر الصيف نحو مليوني مواطن مصري يسعون الى قضاء عطلة في وجهتهم الصيفية المفضلة. ويجذب "شيراتون المنتزه" كذلك عدداً كبيراً من المؤتمرات التي يتم حجز معظمها من القاهرة. ويضيف حافظ ان شركات الطيران التي تسيّر رحلاتها الى الاسكندرية حالياً ستحتاج الى زبائن يملأون مقاعد طائراتها. وتستقطب هؤلاء في شكل رئيسي المعالم السياحية التي يجري بناؤها أو ترميمها والاستقرار الذي تنعم به المدينة، اضافة الى الاسعار التشجيعية. ويشير مدير "شيراتون المنتزه" الى ان فندقه يخضع حالياً لعملية تجديد تبلغ كلفتها 6.2 مليون دولار، وذلك استعداداً للمستقبل السياحي المشرق الذي تنتظره الاسكندرية. كلام الصور: 1- فندق شيراتون المنتزه 2- ورشة بناء مكتبة الاسكندرية الجديدة