كشفت مصادر برلمانية فلسطينية ل"الحياة" قرب التوصل إلى اتفاق بين حركة "فتح" و"حركة المقاومة الإسلامية" حماس يضع حداً للتوتر الذي يسود منذ الاثنين الماضي علاقات الفصيلين الرئيسيين والقويين في الشارع الفلسطيني بسبب مقتل قائد قوات مكافحة الشغب في الشرطة العقيد راجح أبو لحية على يد مسلح من حركة "حماس". وتوقعت المصادر التوصل إلى هذا الاتفاق في الساعات القليلة المقبلة، وتتويجه ببيان مشترك يوقع عليه الفصيلان المتنافسان ويهدف إلى وضع حد للصدام بينهما. وكان المواجهات تجددت امس بين مواطنين في قطاع غزة وبين اجهزة الامن الفلسطينية في قطاع غزة واسفرت عن اصابة ثمانية اشخاص بالرصاص. كما توفي الفتى عبدالله ابو نار 16 عاما امس متأثرا بجراحه التي اصيب بها خلال المواجهات التي وقعت في مخيم النصيرات بين السلطة و"حماس" على خلفية مقتل ابو لحية. وشكل المجلس التشريعي لجنة برلمانية للتحقيق في ملابسات مقتل أبو لحية على يد عماد عقل، أحد عناصر "كتائب الشهيد عزالدين القسام"، الذراع العسكري ل"حماس" و"المطلوب" لإسرائيل منذ أعوام، على خلفية اتهامه بقتل شقيقه يوسف عقل في تشرين الأول اكتوبر 2001 في صدامات وقعت بين آلاف المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب. وسيكون من مهمة اللجنة التي يرأسها النائب الدكتور كمال الشرافي، عضو لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس، التحقيق في قضايا سابقة ومنها أحداث تشرين الأول 2001 وأحداث مخيم جباليا وغيرها، في خطوة تهدف إلى وضع حد لتمييع القضايا وعدم تطبيق القانون من جانب السلطة الفلسطينية. ويأتي ذلك استجابة لمطلب شعبي ومطلب حزبي دأبت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية على مطالبة السلطة بتنفيذه، من دون جدوى. وأدت عمليات القتل المتكررة لشبان فلسطينيين في مواجهات وأحداث وصدامات مع الأجهزة الأمنية والشرطية إلى فقدان الثقة بين الشعب الفلسطيني والسلطة، وايجاد هوة كبيرة بين الطرفين، جعلت الكثير من الشبان والمواطنين يهاجمون مقرات الأجهزة الأمنية ومراكز الشرطة بالحجارة وتحطيم كل ما فيها من أثاث وأجهزة. وتسبب مثل هذه الأحداث والصدامات، خصوصاً تلك التي يسقط فيها قتلى من الطرفين، جرحاً نازفاً في خاصرة الشعب الفلسطيني الذي ما برح يقاوم الاحتلال والمستوطنين بكل ما أوتي من سبل ووسائل، في وقت اكتفى العالم بالصمت والتفرج، والعالم العربي بالشجب والاستنكار بصوت يخف تدريجياً. وكان المجلس التشريعي أصدر أول من أمس بياناً أكد فيه أهمية احترام مبدأ سيادة القانون في معالجة القضايا الداخلية، ورفض أخذ القانون باليد وإدانة ذلك، وضرورة التزام القانون والحفاظ على النظام واحترام المؤسسات الشرعية. وطالب المجلس في بيانه السلطة التنفيذية بإعمال حكم القانون في قضية أبو لحية وما تلاها من أحداث مؤسفة، وضرورة تقديم جميع المتورطين في هذه القضية والقضايا الأخرى التي تولاها المجلس التشريعي للقضاء. كما طالب بتشكيل لجنة تحقيق قضائية من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والصدقية تتولى التحقيق في القضايا المشار إليها وإعلان نتائجه في أقرب فرصة وتقديم المتورطين للقضاء. وعلمت "الحياة" أن اللجنة البرلمانية عقد اجتماعات مكثفة على مدى اليومين الماضيين مع قادة حركتي "حماس" و"فتح" والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية والنائب العام المستشار زهير الصوراني ونائبه، وذلك في إطار محاولة التوصل إلى اتفاق يضمن تقديم كل المتورطين في قضية عقل أبو لحية وما تلاها وما سبقها من أحداث إلى القضاء. من جانبها، طالبت قيادتا الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" بتشكيل لجنة تحقيق وطنية نزيهة تحقق في الأحداث الأخيرة مقتل أبو لحية وما تلاها والمتسببين فيها والمسؤولين عنها وعن سقوط الضحايا البريئة، واجراء المحاكمات العادلة لهم ليأخذ القانون مجراه بما يصون وحدة الشعب ووحدة الانتفاضة وتوفير كل مقومات استمرارهما. واعتبرت الجبهتان في بيان مشترك في أعقاب اجتماع قيادي ضم مسؤوليهما في غزة أن ممارسات السلطة وسياساتها شكلت التربة الخصبة لنمو العديد من الظواهر الخاطئة بما فيها الأخذ بالثأر، ودعتا السلطة إلى الاستجابة لدعوات القوى الوطنية والإسلامية والمنظمات الأهلية والدعوات الجماهيرية المتكررة لتطبيق القانون على الجميع ومن دون استثناء والوقوف أمام الفساد ومحاسبة الفاسدين والمتطاولين على كرامة الناس وممتلكاتهم "حتى ننبذ نزعات الثأر وأخذ القانون باليد ونحمي مجتمعنا من اثارها المدمرة". وشددت القيادتان على أن تجاهل السلطة الفلسطينية لموقف الاجماع الوطني الذي طالب بتشكيل لجنة تحقيق وطنية ومحاسبة من تثبت ادانتهم عن أحداث تشرين الاول اكتوبر عام 2001 التي ذهب ضحيتها ثلاثة شهداء من بينهم يوسف عقل.