في الحلقة الأولى أمس تحدث محمد بن ناصر الندابي عن هجرة العمانيين قبل العام 1970 بحثاً عن الرزق في بلدان الخليج والساحل الافريقي والدول الآسيوية القريبة. وهنا متابعة لذكرياته الشاهدة على حال عمان بين مرحلتين. مرت على عُمان فترات طويلة من القحط بعضها استمر اكثر من عشر سنوات، حدث هذا منذ ما يقارب الخمسين عاماً، امتنعت الامطار عن الهطول وجفت الارض ويبست منابع الماء، عن تلك الفترة يقول محمد الندابي: كنا صغاراً عندما لم يبق في القرى شيء للأكل، وأخبرنا آباؤنا وأجدادنا انهم ذاقوا الأمرين نتيجة تلك الظروف، فالناس في المناطق الزراعية كانوا يعتمدون على الزراعة ولا شيء آخر، وانقطع المطر سنوات حتى ان الكلاب كانت تنام في مجاري المياه المعروفة محلياً بالافلاج. كان الناس يتقاسمون التمر القليل، ومحظوظ من يأكل تمرتين او ثلاثاً في يومه كله، والنوى كان يطحن ليصنع منه خبز وربما بديل من البن لصنع قهوة، وقامت النساء والاطفال باعمال الزيجرة وهي محاولة استخلاص الماء من الآبار شبه الجافة لري ما تبقى من نخيلات قليلة ما زالت تقاوم، والزيجرة او المنجور كما تعرف في دول أخرى هي الساقية حيث يربط ثور لجر الجراب الجلدي من اسفل البئر الى اعلى. بسبب تلك السنوات من القحط ماتت الحياة في قرى باكملها وهاجر سكانها الى مناطق افضل حالاً، ومثلما تسببت في هجرة للخارج تسببت في هجرة داخلية اذ استقر أهل المناطق الداخلية في المناطق الساحلية وظلوا فيها حتى يومنا هذا. المجاعة... والجائحة ويتذكر محمد الندابي مجاعة حدثت ايام الحرب العالمية الثانية عندما انقطعت خطوط التجارة بين عمان وبقية الدول الآسيوية التي يستورد منها الرز، الوجبة الاساسية التي اعتاد عليها العمانيون شأنهم شأن الشعوب الآسيوية. ومن المصاعب التي مرت ايضاً الفيضانات. يتذكر محمد بن ناصر فيضاناً في العام 1370هجرية وسمي جائحة السبعين او جائحة البسيتين، وقد اجتث قرى باكملها ولم يبق منها شيئاً على سطح الارض، وهرب الناس الى الجبال يحتمون، وبعد ان جفت الارض قليلاً اعيد تقسيم الاراضي بالتعارف والتآخي وأيضاً بالقياس، فأرض فلان تجاور ارض فلان ومساحتها كذا وكذا وتفصل بين هذه وتلك طريق كما كانت قبل الفيضان. وبعد تلك الفترة بثلاث سنوات حدث الفيضان مرة اخرى ولكن بصورة اقل، على رغم ان الخسائر كانت اكثر تأثيراً لأن الناس تعبوا كثيراً في استصلاح اراضيهم ومزارعهم. ويسترجع محمد الندابي ذاكرته حول المصاعب الاخرى فيتذكر الحروب القبلية. يقول: لم تكن حروب كبيرة وانما مناوشات بين القبائل ومحاولات دائمة للثأر. وقتل الانفس والحاق الضرر بالثروتين الزراعية والحيوانية للقبائل المضادة امر اعتيادي في تلك الفترة، وكنا نسمع عن البنادق والترصد للخصم بين الجبال والهجوم ليلاً، هذا الوضع لم يكن في عمان وحدها بل كان عاماً بين قبائل الجزيرة العربية بسبب الاوضاع المعيشية السائدة والمصاعب التي تقف من دون وجود هيمنة كاملة من الحكومات المركزية بسبب طغيان القبلية في تركيبة المجتمع، وقبل 1970 لم تعرف عمان حروباً بالمعنى الكامل للتسمية الا في ظفار مع الهجوم الشيوعي الذي كان يساند اليمن الجنوبي آنذاك. نظام الحكومتين وعن الوضع السياسي يتحدث محمد بن ناصر عن وجود حكومتين في عمان، فهناك حكومة الامامة او حكومة عمان في الداخل وحكومة السلطنة في مسقط، ويشير العمانيون بكلمة عمان الى داخل البلاد فيما يقولون البندر للاشارة الى مسقط، يقول: لم يكن هناك تعارض بين الحكومتين بل تعاون شبه كامل، فمسقط هي اطلالة عمان على البحر ومنها تأتي الثروة السمكية، والمناطق الداخلية هي ثروة البلاد من الزراعة والثروة الحيوانية، كان هذا الامر قبل خمسين عاماً تقريباً، والقبائل تتبع حكومة مسقط او حكومة الداخل بحسب رغبتها وموافقة الحكومتين على ذلك، وكانت هناك قبائل تخرج عن سيطرة الحكومتين معاً فتغزو بعض القلاع والحصون والتي كانت منها تدار الولايات والمناطق لموقعها الاستراتيجي كبناء ضخم وسط الصحارى والبيوت الصغيرة التي كانت سمة ذلك العصر، تلك الغزوات تسمى محلياً بالقبض، وهو قبض غاز على القلعة او الحصن ليتحصن فيه ويمكنه السيطرة على ما حول المكان بسبب هندسة البناء التي تؤمن الصمود ضد الهجمات، اذ توجد فتحات للرمي واخرى لسكب العسل الحارق على من يحاول الدخول. وفي ضوء الامكانات البسيطة المعتمدة على البنادق كان الحصار يمتد اشهراً حتى يتمكن الجوع والعطش ممن في داخل القلعة او بالهجوم المباغت. يضيف الندابي: مثل هذه الغزوات كانت تؤثر على هيبة الحكومة في مسقط او في الداخل وكانت حكومة مسقط ترفض خروج أي قبيلة عن حكومة الداخل، ويتم التعاون جيداً بين الحكومتين لتسليم المجرمين عبر رسائل ومبعوثين، فالجميع موقن انه عماني، وما يجري هو تنظيمات ادارية رضي بها الطرفان. هذا الوضع استمر حتى حكم السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان الحالي الذي اعاد توحيد الحكومتين تحت مسمى واحد هو حكومة مسقطوعمان، وكان آخر الائمة العمانيين الامام غالب الهنائي الذي هزم في معركة دارت قريباً من الجبل الاخضر واضطر للتسليم تحت قصف الطائرات التي دخلت الحروب في عمان للمرة الأولى، وخرج الامام غالب الى المملكة العربية السعودية ولا يزال يعيش هناك حتى الآن. يتذكر محمد الندابي نظام الحكم في حكومة الداخل، يقول: كان حكم الامامة اسلامياً خالصاً، وكل القضايا تحل بواسطة الشرع، وساعد في ذلك بساطة الحياة وقربها مما كان معروفاً ايام حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم تكن المشاكل اكثر من خصومة على الارض او الثمر او البت في جرائم السرقة والقتل ونحو ذلك، لذا فان الامام كان يجلس في مكان في القلعة يسمى البرزة ومعه كبار العلماء والقضاة والاعيان ومن يحب الحضور من الناس، وتبدأ الجلسات من صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء الآخر، تفصل في ذلك الصلوات ووجبات الطعام التي يتناولها الحضور معاً. ومن القضايا الاخرى التي تناقش القضايا الامنية واستعراض الرسائل التي يبعث بها. الولاة عن المشاكل التي يواجهونها، وبالتشاور بين العلماء والامام يجري البت فيها ويعتمد الامام على القبائل لحماية الثغور وكانت كل قبيلة تجتهد اقصى طاقاتها من باب الحمية القبلية والتفاخر. يقول الندابي: مثلت تلك الفترة حالاً خاصة من ممارسة الديموقراطية، فالامامة لم تكن وراثية، وفي حال فراغ المنصب يجتمع العلماء ويقررون من هو الاصلح للامامة وتولي زمام امور المسلمين، وينصّبون من يرونه الأكفأ، وفي حال خروجه عن طريق العدل يجتمعون مرة اخرى وينصبون غيره. وعلى كل امام ان يرسل مبعوثين الى المناطق الرئيسية التي فيها ولاة لمبايعته والتسليم له، والرافض عليه ان يواجه جيشاً يعده الامام من القبائل التي بايعته، هذا الامر لا يعني وجود انقلابات على الائمة، اذ يثور احد الاشخاص من اخوة الامام او احد اقاربه من عمومة او ابناء عمومة فيقتل الامام الحاكم وينصب نفسه اماماً، وقد تدور صراعات على المنصب تستمر سنوات، الا ان الامر يعود الى نصاب الحق على ايدي العلماء الذين كانت لهم مكانة عظيمة لدى جميع الفئات. لأن المجتمع العماني قبلي، فان تدرجه يبدأ بالفرد داخل قبيلة يحكمها الشيخ الذي يكون مسؤولاً عن قبيلته امام الحاكم، فالشيخ هو حاكم العشيرة وممثل الحكومة المركزية في حدود منطقته، وهو يجتهد ان يحافظ على النظام داخل القبيلة، وأي شيخ يسوءه ان يرى احد جماعته متهماً في قضية ما لأن ذلك يعني ان القبيلة كلها متهمة ويصبح ذلك عاراً امام القبائل الاخرى. يقول محمد الندابي: الشيخ كانت له صلاحية السجن ثلاثة ايام لأي معتد من قبيلته، واذا كان الموضوع اكبر من اعتداء بسيط فانه يحوله الى الوالي او القاضي ليحكم بحسب الشرع الشريف، وقد يحيله الشرع الى الشيخ مرة اخرى اذا استدعى الأمر جلده مثلاً، فيقوم احد الذين يختارهم الشيخ لجلده، ولا بد ان يكون الجلاد من القبيلة، فمن غير المستحب ان يقوم بالجلد احد من خارجها تأكيداً لهيبة القبيلة ونخوتها. ويواصل الندابي: هناك اناس معروفون بالاجرام وغزو القبائل من اجل السلب والنهب، تتم مطاردتهم ليبتعدوا عن نطاق القبيلة، وايضاً تبليغ القبائل المجاورة لاحكام الحصار على الغزاة، وهؤلاء الغزاة كانوا يسرقون الجمال والحيوانات التي يربيها السكان ومطاردتهم تتم من طريق الجمال. عاش المجتمع قبلياً في تفكيره وممارساته، الا ان التكافل الاجتماعي كان ضرورياًَ، وحققت اصالة المجتمع العربي شروط الابقاء على الخصال المعروفة عن العرب قديماً. هناك كانت الزكاة التي يدفعها جميع الاغنياء من دون استثناء، فالثروات شبه معروفة تتمثل في النخيل والحيوانات، ويتذكر الندابي فيقول: زكاة الماشية تدفع الى الشيخ الذي يتولى توزيعها على فقراء القبيلة، وزكاة النخيل يقوم بها جباة حكوميون والحاكم يوزعها على الفقراء من شتى القبائل ومنها ما يبقى في بيت المال للانفاق على متطلبات الحكم، الى جانب ان الاغنياء يقومون في اوقات الشدة باطعام الفقراء والمساكين وكسوتهم، ويتبارى الموسرون في التفاخر بكثرة من يأكلون من صوانيهم. ويضيف الندابي: كان صاحب مزرعة النخيل غنياً بالفعل، بعكس حاله اليوم، فالاعتماد على النخيل كان اساسياً، وكانت للنخلة قيمة كبيرة فالإفادة منها تتم في الاكل والسكن والوقود، فمن أي من اجزائها يمكن الإفادة: من رطبها وتمرها يأتي الغذاء، ومن النوى غذاء الحيوانات، ومن سعفها وجذوعها تبنى البيوت وايضاً للوقود. ويتذكر الندابي ضاحكاً: الآن من لديه نخيل يشعر بالورطة فالعامل الآسيوي عليه مهمة انبات وتهذيب النخيل واحضار الرطب والتمر منها، ودور عمال النظافة في البلدية نقل المخلفات وحرقها هي التي كانت تعتبر ثروة إذ كان السكان يكدسون ما يستطيعون الحصول عليه من مخلفات النخيل ليطبخوا عليه ويبنوا منه. وعلى رغم تلك الضائقة قبل 1970 الا ان العمانيين ظلوا على كرمهم، وحتى من لا يملك الا القليل يحرم اهل بيته منه ليقدمه لضيفه. والعلماء كانوا يقدمون العلم مجاناً للراغبين في حلقات الدرس في الجوامع المعروفة، وكانت نزوى قبلة العلماء والدارسين، ويبقى الفضل لهؤلاء العلماء في وحدة عمان فقد علموا نبذ التفرقة والخلافات ولبقاء عمان بلداً واحداً ولولا هؤلاء كان يمكن ان تتقسم عمان الى ثلاث دويلات هي مسقط والداخلية بما يتبعها والجنوب. ويتابع الندابي: كان السلطان سعيد يستعين بشيوخ القبائل لامداده بالرجال في حرب الجبل في ظفار، وسانده كل العمانيين، ومنهم من حارب حتى ابناءه الذين انضموا الى الجبهات التي كانت ترتبط بالاتحاد السوفياتي وتتلقى تمويلاً من حزبه الشيوعي. وفي كلمات بسيطة لمح الندابي الى العبيد الذين كانوا يعملون لدى الاغنياء، لكن لا بد من بعض التفصيل، فيتابع محمد الندابي حديثه عن ذلك: لا ننسى ان العبودية انتهت ايام السلطان سعيد بن تيمور وايضاً في ايام الامام محمد بن عبدالله الخليلي الذي كان اماماً على حكومة الداخل قبل الوحدة، وكانت العبودية بسبب هجوم الغزاة على القبائل وبقايا الرق من افريقيا والتعامل مع هؤلاء البشر من طريق البيع والشراء، وكان العبد في بيت سيده واحداً من الاسرة، يتكفل السيد بمأكله ومشربه، لكنه الوحيد الذي يعمل ولا يتصرف بنفسه في أي شيء، فلا تتزوج البنت الا برضا سيدها، واذا رغب العبد في الزواج يشترط عليه سيده انه قد يوافق الا ان الاولاد ليسوا له وانما يبقون عبيداً للسيد. وعن مفهوم الحرية يستكمل الحديث: اذا كانت العبودية موجودة فان الحرية في المقابل ليست موجودة، فالتنقل مقيد، اذا اردت الذهاب الى مسقط فلا بد من الاستئذان والخروج منها باستئذان ايضاً، ومخاوف الطريق كثيرة وتحتاج الى ايام لتصل واخرى لتعود، واذا وصلت بعد أذان المغرب الى بوابة مسقط عليك ان تنام حتى الصبح ليسمح لك بالدخول ويأخذ المعوشري العشر مما تحمله ولو كان جرة عسل. ويتذكر: من الاشياء التي لا تنسى رؤية الهلال فكانت تتم بالعين المجردة ومعرفة الناس للافلاك والنجوم، في الولايات الرئيسية يطلق المدفع لابلاغ الناس وتتسامع القرى بخبر الرؤية بإطلاق الرصاص او من المبعوثين، وربما يحدث ان قرية صائمة يأتيها النبأ وقت الظهر ان اليوم عيد الفطر وقد يكون انها مفطرة فتعرف ان اليوم هو اول ايام شهر رمضان المبارك. التنقل على ظهور الجمال والحمير يشعر ببعد المسافات، ومعرفة ان فلاناً توفي يحتاج الى ايام لإبلاغ اقاربه في قرية اخرى بذلك. ومن المسافات الى الحياة البسيطة داخل البيوت، يتذكر الندابي: الناس كانت تعيش في المساكن المبنية من الطين وجذوع النخيل، اما مساكنهم في الصيف فهي من سعف النخيل، ومن لا يملك مزرعة يبني فيها مكاناً يقيه الحر الى حد ما، فانه ينام فوق سطح بيته الطيني. وبالنسبة لاضاءة البيوت فان في كل غرفة فتحة دائرية في السقف تغطى اذا حلت الامطار او حان الشتاء، وكانت اسر كبيرة تعيش في بيت صغير من غرفتين، فلم تكن هناك مباهاة بالسكن، كل يعيش بحسب طاقته، بعكس ما يحدث حالياً من ان البعض يعيش فوق مستوى قدراته مباهاة للآخرين فيتحمل من الديون فوق طاقته. شظف العيش كان يقابله شظف آخر في التعامل مع البيئة صخرية ام صحراوية، فبالأيدي التي لا تحمل سوى آلات بسيطة يتم تصنيعها محلياً حُفرت قنوات المياه من الجبال الصلدة ولمسافة تصل الى عشرات الكيلومترات، وشيدوا قلاعاً فوق الجبال، ويكفي النظر الى ما يسمى محلياً بالافلاج للدلالة الى عظمة ذلك الجيل وتحمله وعمله على رغم كل المشاق، والافلاج هي قنوات مائية قد تنبع من احد الجبال ويتم ايجاد ممر لها لتصل الى القرية، وقد تمر تحت الارض كيلومترات عدة وبهندسة عجيبة تعبر السهول والصخور لتصل متوازية الى القرية، علماً انه في بعض القرى توجد اكثر من خمسة افلاج من هذه. ويقول الندابي: طوروا احتياجاتهم من الادوات وكان منهم الحدادون والنجارون، كما كانت هناك مصانع اسلحة لانتاج البنادق المحلية وصناعة الرصاص، تباع في اسواق معروفة كسوق نزوى في الداخلية وسوق مطرح في مسقط وسوق عبري في الظاهرة وهناك صناعات اخرى كالفخار الذي تنتج منه الاواني الفخارية المستخدمة لحفظ الماء وتبريده، وصناعة الملبوسات والمفروشات، ولا يزال بعض هذه المصانع يعمل حتى يومنا هذا ويكسب العاملون فيه الخير الوفير. وعن دول الجوار يقول الندابي: ارتباطنا الاكثر كان مع امارات الساحل او ما يعرف حالياً بالامارات العربية المتحدة، وكانت لهم الظروف نفسها التي عانى منها الجميع، وأخبرني الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم عجمان انه استعان بجواز سفر عماني للذهاب الى الهند في اوائل الستينات، ولا تزال الجوازات العمانية عنده، وكان حكام تلك الامارات يسافرون الى بقية الدول الآسيوية من طريق عمان، وهناك في المقابل عمانيون نالوا جوازات سفر من احدى الامارات خصوصاً دبي، ونشترك معاً في الدفاع عن المناطق الحدودية اذا تعرضت لغزو. ويمضي التذكر الى اللحظة الحاسمة في تاريخ عمان الحديث عندما تولى السلطان قابوس مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من تموز يوليو عام 1970. يقول محمد الندابي كنت في البحرين وبدأت الاذاعات تبث نبأ التغيير في عمان، وكانت اذاعة لندن اول من اعلن الخبر. واقول بمنتهى الصراحة ان كل العمانيين الذين كانوا يعملون في الخارج شعروا انهم ولدوا من جديد، وفرحنا فرحة لا يتصورها احد، وتابعنا قدوم السلطان قابوس الى مسقط وترحيب الناس الكبير به. ودعا السلطان العمانيين الموجودين في الخارج الى العودة للمشاركة في بناء بلدهم واعداً بأن فجراً سيطل على عمان، واستجاب عدد كبير، وبعد شهر ركبت هذه المرة سفينة كبيرة عدت بها الى عمان. وقدمت له في حصن العلم في السيب طلب الحصول على وظيفة فوجه وزير الداخلية الذي عينني في وظيفة نائب الوالي في الاشخرة في المنطقة الشرقية وكان ذلك بتاريخ العاشر من كانون الأول ديسمبر 1970.