تجدد الجدل بين رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون ووزير خارجيته شمعون بيريز حول "أيام الهدوء السبعة" التي وضعها شارون شرطاً للشروع في تنفيذ تفاهمات "تينيت" الأمنية وتوصيات "ميتشل"، عشية وصول المبعوث الاميركي الجنرال المتقاعد انتوني زيني في زيارة تردد انها ستستغرق اربعة او خمسة ايام. وفيما أعلن بيريز انه يمكن الشروع بتنفيذ تفاهمات "تينيت" اذ استمرت وتيرة أعمال العنف الفلسطينية في الانخفاض ليومين آخرين، سارع مكتب رئيس الحكومة الى اصدار بيان جاء فيه انه لن يتم البدء بتطبيق هذه التفاهمات الا بعد سبعة أيام من استتباب الهدوء التام. وزاد ان شارون أصدر تعليماته الى رؤساء اجهزة الأمن بمنح تسهيلات للفلسطينيين تتمثل بإزالة الحواجز "حيث تسمح بذلك الأوضاع الأمنية" باستثناء مدينة رام الله، مشترطاً رفع الحصار عنها بعد تسليم قتلة وزير السياحة رحبعام زئيفي. وقالت مصادر صحافية ان شارون وبخ وزير دفاعه بنيامين بن اليعيزر على عدم منح الفلسطينيين تسهيلات وعد الإدارة الاميركية بها قبل وصول زيني. وكان بيريز انتقد المستويين السياسي والأمني للتأخير في تقديم التسهيلات ومنها فتح معبر رفح. وقال انه يتوقع مساهمة الموفد الاميركي في تثبيت وقف النار ووقف التحريض الفلسطيني على اسرائيل والتسهيل على الفلسطينيين ودفع المساعي السياسية قدماً. وتابع في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره النروجي يان بترسون ان الفلسطينيين يبذلون جهوداً كبيرة لخفض العنف وان ثمة هدوءا نسبياً ساد المناطق الفلسطينية في الأيام الأخيرة. وعبر عن أمله في عدم وقوع "أعمال ارهابية"، كما طالب السلطة بمزيد من النشاط ضد "البنى التحتية للارهاب" واعتقالات جدية والتأكيد ان في المناطق الفلسطينية سلطة عسكرية واحدة تسيطر على التنظيمات الفلسطينية كافة. الى ذلك، تضاربت التقديرات في شأن الرسالة التي يحملها زيني في جولته الثانية للمنطقة. واعلن الناطق بلسان السفارة الاميركية في تل أبيب بول باتين ان زيني لا يحمل معه جدولاً زمنياً وانه سيدعو الرئيس ياسر عرفات الى تكثيف حملته على المتطرفين والعمل لتفكيك التنظيمات الارهابية وسيدعو، في المقابل اسرائيل الى منح تسهيلات للفلسطينيين من خلال إزالة الحواجز ورفع القيود على تحركاتهم. ونشرت صحيفة "هآرتس" العبرية ان زيني سيبلغ الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني ان موعد تطبيق "تفاهمات تينيت" و"توصيات ميتشل" اقترب وسيعمل على بلورة جدول زمني يكون مقبولاً للطرفين. وزادت انه سيطالب شارون بسحب قوات الاحتلال من المناطق الخاضعة للسيادة الفلسطينية، لكنها استبعدت ان تكون الأيام الأربعة المخصصة للزيارة كافية لإعلان بدء تطبيق التوصيات وتوقعت ان يتم ذلك خلال جولة اخرى لزيني. ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصادر قريبة من شارون استبعادها ضغوطا اميركية على اسرائيل، وقالت ان شارون سيستعين بتقارير أمنية اسرائيلية تؤكد ان الرئيس الفلسطيني يرفض اتخاذ قرار استراتيجي بوقف العنف. ولا تزال الأوساط السياسية منهمكة في قرار رئيس الحكومة منع الرئيس الاسرائيلي موشي كتساف من زيارة رام الله وإلقاء خطاب أمام المجلس التشريعي الفلسطيني لإعلان هدنة لمدة عام. وعزا شارون قراره الى ضرورة الحفاظ على كرامة كتساف، وان التوجه الى رام الله سيضر بمصالح اسرائيل ولا جدوى منه خصوصاً ان قتلة الوزير زئيفي موجودون فيها والرئيس الفلسطيني يرفض اعتقالهم. وكان شارون اعتبر فكرة سفر كتساف الى رام الله "حمقاء وغبية" ما أثار حفيظة الأخير الذي اعتبر سلوك شارون "غير جدي وغير مجد"، وقال ان على رئيس الحكومة البحث في المسألة بجدية وقرار المنع خاطئ "واعتقد اننا فوتنا فرصة كبيرة". السلطة الفلسطينية من جهتها، اتهمت السلطة الفلسطينية شارون بمحاولة تدمير مهمة زيني، وقال كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات لوكالة "فرانس برس" امس: "يبدو ان شارون مصمم على تدمير مهمة زيني قبل ان تبدأ وذلك على صعيدين: الاول هو العدوان على الارض وتصعيده واقتحام مناطق السلطة واستمرار القصف والقتل، والثاني هو تصعيد شروطه التعجيزية". وأضاف: "نريد تثبيتا لوقف النار بشكل دائم"، مشيرا الى ان "شارون هو الذى يطلق النار ويريد ان يضع هذا الشرط حتى يستمر في اطلاق النار ثم يقول لا يوجد هدوء. وهذا شرط تعجيزي". وتحدث عريقات عن الخروق والانتهاكات الاسرائيلية التي اكد انها لم تتوقف، وقال: "منذ 16 كانون الاول ديسمبر عندما اعلن الرئيس عرفات مبادرته ... استشهد 16 فلسطينيا وجرح 214 ودمر 14 مقرا لقيادات الامن الوطني وتم اقتحام مدن فلسطينية في الضفة والقطاع". وطلب من زيني "ان يركز في هذه الجوله على وضع آلية للتنفيذ ووضع جدول زمني لتنفيذ توصيات ميتشل وتينت مع وجود مراقبين على الارض لانها تشكل بعناصرها المختلفة دعامات لتثبيت وقف النار". وعن اعلان اسرائيل تخفيف الحصار عن الاراضي الفلسطينية، قال عريقات ان "الحقائق على الارض تشير الى ان الاغلاق والحصار مستمران، نافيا اي تسهلات على الارض". واضاف: "اننا نريد رفع الاغلاق والحصار ليس فقط لاغراض العلاقات العامة وانما فعلا على الارض". واعتبر نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ان مطالب شارون "محاولة اسرائيلية لتخريب مهمة زيني قبل ان تبدأ". وطالب "الادارة الاميركية بان تعمل على استغلال زيارة زيني للبدء بتنفيذ توصيات ميتشل ووضع جدول زمني" لتنفيذها. واعتبر ان "الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تزال غير جادة وتهدد الامن والاستقرار في المنطقة والامتحان الحقيقي هو في العودة الى طاولة المفاوضات". واشار الى "ان عودة المبعوث الاميركي تمثل بداية لفرصة جديدة وهي خطوة في الاتجاة الصحيح والان هو الوقت المناسب لتحرك امبركي سريع لانقاذ عملية السلام". وعلى عكس السلطة التي رحبت بعودة زيني، اعلن احد قادة "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في الضفة الغربية حسن يوسف امس ان حركته "لا ترحب" بزيني لانه "سيلعب لعبة" اسرائيل وان هذه المهمة ستضر بالمصالح الفلسطينية. واضاف ان "حماس والشعب الفلسطيني لا يرحبون بعودته. انه هنا فحسب من اجل الضغط على الفلسطينيين كي يطبقوا المطالب الاسرائيلية كملاحقة مجاهدينا". وتابع ان حركته "ستستمر في تقويم قرارها حسب الوضع"، متهما اسرائيل بمواصلة "اعتداءاتها".