يعتبر "جهاز العروس" من العادات القديمة في سورية التي ما زالت متبعة حتى وقتنا الحاضر. وعلى رغم اختلافه قليلاً عما كان عليه في السابق، ما زالت الفتاة المخطوبة تحضر الملابس المتنوعة وتجهيزات البيت قبل زواجها بفترة. ويشكل "الجهاز" همّاً للعروس التي تتعب من التجول في الاسواق وشراء ما يلزم بأسعار مناسبة وخياطة الملابس وتحضير المفارش قبل العرس. كما يشكل ذلك همّاً مضاعفاً للعريس الذي يدفع مبلغاً كبيراً من المال لأهل العروس لاستخدامه في شراء الجهاز. يسمى هذا المال "النقد" او "ملبوس البدن" ويختلف مقداره بحسب الاتفاق المسبق بين عائلتي العروسين قبل الخطبة وتبعاً للحال المادية للعريس. تقول السيدة مريم سلوم: "عندما تزوجت أنفقت الكثير من المال لشراء مستلزماتي ومستلزمات المنزل من مفارش وشراشف وغيرها، ما سبّب ارهاقاً مادياً لخطيبي الذي كثرت مصاريفه. وكنت اقول لنفسي: لو لم يكن خطيبي قادراً على ذلك ماذا كنت سأفعل؟". وتساءلت عما يفعله الفقير في مثل هذه الحالات عندما يريد ان يتزوج. أما سميرة عباس فتقول: "أخذت قرضاً من عملي مقداره مئة ألف ليرة لشراء الجهاز كي أساعد خطيبي، وأنفقت القسم الأكبر على شراء ثياب السهرة والألبسة الداخلية. لكن بعد ان أنجبت طفلي الأول لم أستفد من أي شيء اشتريته". وتنتقد السيدة سلمى نصور فكرة الجهاز قائلة: "جهاز العروس عادة قديمة يتوجب إلغاؤها. فقد كانت العروس تشتري أغراضاً كثيرة وتخيط الكثير من الملابس لأن الأسواق لم تكن كما هي عليه الآن مملوءة بالبضائع من كل نوع وفي كل الأوقات. كان الحصول على الأغراض صعباً، إذ لم تكن الملابس الجاهزة متوافرة بكثرة، اضافة الى ان المرأة كانت قديماً تدخل منزل زوجها ولا تغادره إلا بعد وفاتها، كما يقال. فلم تكن تذهب لتتسوّق ولم تكن تخرج إلا للضرورات. لكن الوضع الآن اختلف، والموضة تتغير من وقت الى آخر ولا تستطيع العروس ان تجهز كميات كبيرة من الملابس والأغراض". أما السيدة علياء سلمان فتقول: "كانت المرأة في ايامنا تجهّز أطقم الشراشف والمفارش المطرزة وأطقم السفرة، على رغم ان منزلها كان في معظم الأحيان عبارة عن غرفة واحدة في منزل اهل زوجها لا تتسع سوى لسرير متوسط وخزانة. مع ذلك كان الجهاز، وما زال، واجباً على العروس تحتفظ به طوال حياتها كذكرى وقد تورّثه لبناتها". وترى السيدة عفراء جواد ان "الجهاز قديماً كان ذا طعم مختلف، فقد كنا نخيط "تفريعات" العروس لدى خياطات يجلبن القصّات من مصر وبيروت. وكانت التفريعة تشبه ما كانت ترتديه ليلى مراد في أفلامها. فهي مؤلفة من طبقات عدة من الشيفون والكشاكش. كما كنا نجهّز البرانس المطرزة بالصرما الذهبية من سوق القيشاني، وقد لا تحتاج العروس برانس كثيرة فتستخدمها استخدامات اخرى كأغطية". وكان جهاز العروس قديماً يتضمن ايضاً اثاثاً هو عبارة عن سجاد تتوارثه العائلة عادة في ما بينها، و"طواطي" وهي مجموعة فرش وطراريح قطن عالية توضع بجانب الجدران في الغرفة ليجلس عليها الضيوف، اضافة الى "البيرو" وهو خزانة خشب ذات ادراج، والصندوق وهو خاص بالعروس يرافقها في مراحل حياتها تضع فيه ذكرياتها ومصاغها وقطع قماشها وتقفله بمفتاح تضعه في عبّها. وتجهّز العروس ايضاً بالمرآة الكبيرة التي توضع فوق الصندوق او البيرو. هذا اضافة الى اللحف وسجادة الصلاة وكيس مطرز في داخله قرآن كريم. وقد تجلس ايضاً بعض التحف كالزبادي الصيني والكازات والجاطات الكبيرة والملاعق والسكاكين. كما تحضر العروس معها علبة مكي وهي علبة خشب مطعّمة بالموزاييك او الصدف توضع فيها لوازم التجميل. وكان اهل العريس في بعض الأحيان يتظاهرون بإعطاء العروس غرفة كبيرة في منزلهم كي يتكلف اهل العروس بتجهيزها. ثم بعد العرس تنقل العروس الى غرفة صغيرة. وما زالت العروس حتى الآن تحضر جهازاً مشابهاً لما كانت تفعله العروس في الماضي عدا الأثاث الطواطي واللحاشات واللحف. إلا ان العروس في محافظة السويداء ما زالت تحتفظ بالتقاليد كاملة. وبينما كان سوق العرائس وسوق "تفضلي يا ست" هما السوقان المفضّلان للعروس في دمشق قديماً، أصبحت العرائس تجوب كل الأسواق وقد تقصد "الميسورات" اماكن اخرى كبيروت واسطنبول لشراء ما يلزمها.