يركز بول فندلي في هذا الفصل من كتابه على دور الاعلام في تنميط صورة المسلمين وترسيخها لدى الرأي العام الاميركي، فيسرد حوادث كثيرة اتُهم المسلمون بارتكابها فور وقوعها من دون انتظار نتائج التحقيق. وربما كان اسطع مثال على ذلك انفجار اوكلاهوما عام 1999، حين بدأ الاعلاميون يتبارون بإلقاء التهم جزافاً على المسلمين، مما عرّض حياة كثيرين منهم للخطر. وتبين في ما بعد ان مُرتكب هذه الجريمة لا علاقة له بالاسلام ولا يعرف عنه شيئاً بل هو اميركي ابيض متعصّب لأميركيته. ونظراً الى طول هذا الفصل جزّأناه على حلقتين ننشر في الثانية هوامشه. "لم تجعل مني سنوات التراسل مع المسلمين ومناقشتهم في شتى أنحاء العالم الإسلامي مرجعاً في الإسلام، لكنني أعتقد أن التجربة منحتني فهماً واقعياً لمشكلة صورة هذا الدين في أميركا. بعض الأفكار النمطية السائدة عن المسلمين تثير الرعب. وثمّة مثال على ذلك حادثة وقعت في نيوارك، في نيوجيرسي، في تموز يوليو 1999، تجعل المرء يتنبّه الى خطورة الحال: ادعى ريجينالد كوري تحت وطأة الحاجة إلى المال لشراء الهيرويين أنه مسلم وسلَّم أمين صندوق أحد البنوك ورقة كتب فيها: "بسم الله، في حوزتي قنبلة، وأنا راغب في الاستشهاد في سبيل قضية الإسلام. ضع كل المال في الحقيبة، ولا تكن بطلاً". فما كان من أمين الصندوق المرتعب إلاَّ أن أطاعه بسرعة. وما لبثت الخدعة أن كُشِفت إثر اعتقال كوري1... وخلال دورية صباحية مبكرة في يوم من أيام أيار مايو 1999، لاحظ رجل شرطة "سيارة تُركَنُ" خلسةً قرب مركز كولورادو الإسلامي، في دنفر، وهي مطفأة الأنوار. وما ان دنا الشرطي تيري ريبلينغ من السيارة، حتى أقلع سائقها، الذي عرف، في ما بعد، أنه المدعو جاك ميرلين موديغ. وبعد مطاردة في أنحاء المدينة، أوقفت الشرطة موديغ وهو يحاول الدخول إلى أحد المنازل. وأخذ الموقوف يصرخ وهو يقاوم اعتقاله: "أنا عدوّ للأمة الإسلامية، كنت مزمعاً القيام بأمر ما… كنت سأحرق ذلك المكان". واكتشف رجال الشرطة في سيارته رشاشاً وبندقية وبضعة مسدسات وذخائر ومواد لصنع القنابل2. وفي حزيران يونيو 2000، أطلق مسلَّح النار على مسجد في ممفيس في تينيسي، فجرح مسلماً، وأحدث فجوات في أبواب المسجد. وتعوّد المصلّون هناك التخريب المتعمّد، والتحرّشات اللفظية. قال دانيش صدّيقي، رئيس رابطة الطلاب المسلمين في جامعة ممفيس : "رُمينا بالقاذورات. ولقد فعلوا كل شيء... من تدخين الماريجوانا وشرب الكحول أمامنا إلى جعل كلابهم تتعقبُّنا"3. وفي الشهر نفسه، نشب جدل عنيف في إحدى ضواحي شيكاغو، بسبب معلومات مضللة، عن الإسلام، صدرت عن شخصية اجتماعية معروفة، واحتل هذا الجدل عناوين الصحف، مثيراً سجالاتٍ على صفحاتها بضعة أشهر. وبدأ عندما وصفت كارين هايز الإسلام بأنه "دين مزيَّف"، لأنه لم يقبل مفهومها عن الله. وكارين هايز منسّقة يوم الصلاة الوطني في الوس هايتس، قرب شيكاغو، والتي يبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة. أدلت هايز بقولها، هذا، عبر شاشة محطة تلفزيون شيكاغو العام، لتشرح معارضتها قرار "مؤسسة مسجد السلام" التي ضاقت عليها منشآتها جنوب غربي شيكاغو، فاعتزمت شراء كنيسة في بلدتها، وتحويلها إلى مسجد ومدرسة إسلامية. ويعيش في الوس هايتس زهاء 400 عائلة مسلمة، هي شريحة صغيرة من أصل 350 ألف مسلم يقطنون في منطقة شيكاغو. وصف رئيس البلدية دين كولدنهوفن تعليق هايز بأنه "مخزٍ" و"لا يمثِّل رأي المعتقد المسيحي". وسأل: "كم على هؤلاء الناس ]المسلمين[ أن يتحمّلوا؟". وفي مواجهة فيض الاحتجاجات ضد المشروع، صوَّت مجلس المدينة على دفع مبلغ 200 ألف دولار للمؤسسة لتصرف النظر عن المشروع4. ووصف كولدنهوفن العرض بأنه إهانة للمسلمين، ولكن روحي شلبي، محامي المؤسسة الإسلامية، اعتبره "لفتة حسن نية". أما إد حسَّان، وهو مسلم يعيش في بالوس هايتس، فعبَّر عن وجهة نظر توفيقية، وقال: "أعتقد أن ناساً مثل ]هايز[ لديهم محبة قوية لدينهم، مما يجعلهم يقفون ضد الأديان الأخرى. وبيننا متعصّبون أيضاً" ولكن، في الحقيقة، الرب واحد، وهو رب كل الأديان…". وانتقد بقسوة مجلس المدينة المحلي الذي يتصرف "كشلّة من عصابة فتيان في سنِّ السابعة عشرة يحاولون حماية ميدانهم". أما القس إدوارد كرونين راعي كنيسة القديس ألكسندر الكاثوليكية، الذي نظّم استقبالاً للترحيب بالقيّمين على مشروع المسجد، ضمّ ناساً من مختلف الأديان، فقال: "علينا أن نبرهن أن المسيحية لا تعني الانغلاق على الآخرين"5. ونقض الحاكم "كولدنهوفن" قرار دفع المبلغ للمؤسسة، مما حدا بالمؤسسة الإسلامية إلى رفع دعوى ضد البلدية ومطالبتها بتعويض عطل وضرر مقداره 5.3 مليون دولار، قال شلبي: "إن ]دعوى التعويض[ رسالة، مفادها أن جماعة المسلمين لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ممارسة التمييز ضدها". وأصدر مجلس المنظمات الإسلامية في شيكاغو الكبرى بياناً، يشكر فيه "الذين أيّدوا حقوق المسلمين الدينية ودعموها…"6. وقبل سنوات، واجه الوسط الإسلامي هناك مشكلات مماثلة. عام 1981، وقَّع ألفان من السكان الغاضبين التماساً، يعارضون فيه شراء "المؤسسة الإسلامية" في فيلاَّبارك مبنًى مدرسيّاً، بقصد تحويله إلى مسجد. وقاضى المسلمون المحليون سلطات القرية، وربحوا الدعوى، بعدما دفعوا رسوماً قانونية بلغت 51 الف دولار، إلاَّ أنهم اختاروا، في ما بعد، شراء مبنى آخر في القرية نفسها. ومنذ ذلك الحين، شهدت القرية تحسّن علاقات مطَّرداً، على رغم حدوث بعض أعمال التخريب، على حدِّ قول مدير المؤسسة عبدالحميد دوغار. وفي 1989، احتجَّ سكان مورتون غروف عندما أراد "مركز تعليم المسلمين" شراء أرض تملكها مدرسة المقاطعة الرسمية المحلية، لتكون موقعاً لمدرسة إسلامية. وبمساعدة من محمد قيصر الدين، الرئيس الأسبق لمجلس المنظمات الإسلامية في شيكاغو، تمكَّن المسلمون في البلدة من التغلّب على المحتجّين، وأسسوا المدرسة. وفي بداية نزاع بالوس هايتس، حضّ قيصر الدين المسلمين على الصمود، بثبات، من أجل تحقيق مشروع مسجدهم المحلي، واقترح عليهم فتح بيوتهم، أمام المناوئين لهم، ليروا كيف يعيشون، لأن المعارضة تنبع، بشكل رئيسي، من خوف الناس ممّا يجهلون. "فهم لا يعرفون أي نوع من الناس سيأتي للإقامة بينهم، ويخافون أن تتدنَّى قيم أملاكهم، وهذه مخاوف لا أساس لها من الصحة"7... قال عبد الله ميتشيل، رئيس منطقة شيكاغو، في حركة المسلمين الأميركيين من أجل الحقوق المدنية والدفاع القانوني: "إن المشكلة الأساسية تكمن في نقص المعلومات عن المسلمين لدى المجتمع الأميركي. فالمسلمون يُصَنَّفون إرهابيين أو دخلاء، تحت وطأة الخوف من أنَّهم سيعطلون نمط الحياة ]الأميركية[. إن المشكلة تكمن في الجهل. هذه كانت المشكلة في مورتون غروف، وهي نفسها التي نواجهها في بالوس هايتس"8. ومع نهاية السنة، كانت ضواحي شيكاغو تعجُّ بورش بناء المساجد. وأنفق على بناء أحدها 1.500.000 دولار في شومبورغ، و3.5000.00 دولار على آخر في مدينة دي بلاين. أما بلدة هنزدايل، فتخطط لإنشاء مكان جديد للعبادة، وهناك عقار في منطقة لوب في شيكاغو تجري إعادة تصميمه ليكون مسجداً. يعاني سلام المرياطي، المدير القومي للمجلس الإسلامي للشؤون العامة MPAC، ومقره في لوس انجليس، معاناة شخصية من الأفكار المنمطة عن الإسلام: "عندما يعلم معارفي الجدد أنني مسلم ممارس، تتملّكهم الدهشة، لأن الدم والدخان لا ينزَّان من قرنين في رأسي. ثم يدركون، في ما بعد، أنني أؤمن بالله وأحبّه، وأني ألبس بذلة وربطة عنق، وأتحدث عن فريق لايكرز لوس انجليس لكرة السلة وليس لمجرَّد كون أعظم لاعبيهم مسلماً"9... ووجد المرياطي، في الأعمال التخريبية، جانباً مشرقاً. فقد أشار إلى تدفُّق الدعم من جانب الشرطة والنائب العام وبعض قادة اليهود، وقال: "لو حصل ما حصل قبل نحو عشر سنوات لما كنّا حصلنا على طمأنات كهذه". وهناك أكثر من 250000 مسلم يقيمون في مقاطعة لوس أنجليس، يترددون على 75 مسجداً ومركزاً إسلاميّاً 10. وتنمو بعض الأفكار النمطية عن الإسلام في مبنى الكابيتول أيضاً. ففي 1992، عثر رالف برايبانتي، وهو عالم وكاتب بارز في الشؤون الإسلامية، في أحد مكاتب الكونغرس، على بحث يتضمن "معالجةً للإسلام بوصفه العدو الكامن للولايات المتحدة، هي الأشمل من نوعها والأكثر إثارة للخوف". كان برايبانتي يشير إلى كتاب ليوسف بودانسكي، مدير مجموعة العمل المتخصصة بالإرهاب والحرب غير التقليدية في الحزب الجمهوري، ويرأسها بيل ماكولوم النائب الجمهوري عن فلوريدا. ففي كتابه عن تفجير مبنى "مركز التجارة العالمي" في نيويورك عام 1993، عمد بودانسكي المحرر التقني الأسبق لمجلة "القوات الجوية الإسرائيلية"، إلى اطلاق عنان خياله، إذ كتب يقول: "لقد باشر الإرهاب الإسلامي الحرب المقدسة - الجهاد - ضد الغرب، بخاصة ضد الولاياتالمتحدة، وهو يشنها عبر الإرهاب الدولي في الدرجة الأولى"11. إن دعاية من هذا النوع، تقود بعض الأميركيين، حتماً، إلى التصديق بأن ثمَّة خطراً إسلاميّاً يتشكَّل واقعاً في أميركا. ولكونهم متخوِّفين من تزايد العدد المطّرد لسكان الولاياتالمتحدة المسلمين، فإنهم يخشون أن يؤول هذا الاتجاه إلى إضعاف دعم أميركا غير المشروط لإسرائيل القائم منذ زمن طويل. وهناك مجموعة أكبر من المواطنين، يقودهم الإعلامي التلفزيوني الإنجيلي بات روبرتسون، لا يتقبَّلون الفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة، ويرون في أميركا أمة مسيحية، على رغم الفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة، ويعتبرون المسلمين خطراً يتهدَّد هذا المفهوم. وبالإضافة إلى الأشخاص المنغمسين في التنميط وفي استغلال الانفعالات البدائية، إما لمصلحة أو لأسباب دينية، هناك الذين يدّعون أنهم إنما يستجيبون ببساطة للواقع. مثلاً، حذّر الأستاذ الجامعي الأميركي عاموس بيرلماتر، عام 1984، من "حرب إسلامية شاملة تُشَنُّ ضد الغرب والمسيحية والرأسمالية المعاصرة والصهيونية والشيوعية في وقت واحد"12. ونجد آخرين في الأوساط الأكاديمية يكررون جزم بيرلماتر لهذا الخطر، متجاهلين روابط الإسلام الأساسية مع المسيحية واليهودية. فهم يجدون في الإسلام خطراً كبيراً يهدّد الغرب، ولا يتورَّعون عن تصوير إسرائيل أمةً غربية، وجزءاً من الحضارة الغربية، في توسيع جغرافي خارق لخيالهم. إن التهجّم على الغرباء الأوغاد الموهومين ليس بالأمر الجديد في أميركا. فمنذ سنوات طويلة، حذَّر السياسيون الساعون إلى كسب الشعبية من "الخطر الأصفر" الداهم، للحضِّ على معارضة الهجرة من الصين. وفي فترة لاحقة، وعندما أصبح حاكم نيويورك آل سميث في ما بعد، أول مرشح كاثوليكي روماني للرئاسة، سَرَت همهمات تحذِّر من أنه سيأتي بالنفوذ البابوي المشؤوم مباشرة إلى البيت الأبيض. ومن بعدها جاء التهديد ب "الخطر الأحمر" الذي رمز إلى الاتحاد السوفياتي. واليوم، غالباً ما يسمَّى الإسلام الخطر الجديد، الآتي من وراء الأفق، الآخذ مكان الاتحاد السوفياتي البائد، بَيْدَ أنّه محتفظ بقدرة مشابهة لقدرته على التغلغل والتوسّع، بحسب ما يدعيه المتقوِّلون. ويشرح إدوارد و. سعيد الأستاذ في جامعة كولومبيا في نيويورك، وأحد الناشطين الفلسطينيين، فيقول: "ما يهمُّ "خبراء" مثل جوديث ميلر وصامويل هانتينغتون ومارتن كرايمر وبرنارد لويس ودانيال بايبس وستيفين إمرسون وباري روبين، إضافة إلى مجموعة كاملة من الأكاديميين الإسرائيليين، هو التأكد من إبقاء "خطر" ]الإسلام[ نصْب أعيننا، والأفضل التنديد بالإسلام لما يمارسه من إرهاب واستبداد وعنف" فيما يؤمّنون لأنفسهم استشاراتٍ مجزيةً، وظهوراً متكرراً على شاشات التلفزة، وعقوداً لتأليف الكتب. لقد جُعِلَ الخطر الإسلامي يبدو مرعباً الى حد لا نظير له، بما يدعم الموضوعة القائلة إنَّ وراء كل انفجار مؤامرة عالمية، ]تتوازى بصورة مثيرة مع هوس الارتياب في العداء للسامية["13. ويأسف المرياطي للظلم الواقع على الإسلام، والكيل بمكيالين الذي يتسم به الموقف العام تجاهه: "إن الإسلام يعلِّم البشر كرم الأخلاق، إلاَّ أنه يقرّ أيضاً بواقع السلوك المنافي للأخلاق. والإسلام يعني السلام، وهو يحاول أن يرسي أسسه في أنحاء العالم، ]و[ بأكبر قدر من التسامح. لقد أقلقني كتاب "آيات شيطانية" لسلمان رشدي، بسبب تشويهه الإسلام، بَيْدَ أنني أيضاً أدين الدعوة إلى قتله… إن الإسلام دين سلام وتسامح، مع ذلك يربطه الناس بالعنف وعدم التسامح. "هناك العديد من المنافقين بين قادة المسيحيين. لكن الإسلام، بخلاف الأديان الأخرى، يُربَط، في الأخبار والتقارير والمقالات، بالعنف باستمرار" في حين أنه نادراً ما تُذكر ديانة الفاعلين عندما يرتكب منتمون إلى ديانات أخرى اعمالاً مروعة. فالتقارير الإخبارية لم تُشر، إطلاقاً، إلى المذابح المرتكبة ضد ألبان كوسوفو بأنها أعمال قتل ارتكبها الصرب الأرثوذكس، وأن البورميين يُقتلون بأيدي البوذيين، وأنّ الفلسطينيين يقتلون بأيدي اليهود. فالجناة يُحدَّدون روتينيّاً بهويتهم القومية، وليس بانتماءاتهم الدينية، إلاَّ عندما يكونون مسلمين. إذ لا يُنظر إلى مرتكبي العنف المسيحيين بأنهم يشوِّهون سمعة المسيحية" ولكن، إذا ارتكب مسلم إثماً، فإنّ هذا الإثم يُصوَّر كعنصر من عناصر الخطر الإسلامي الداهم على أميركا. وعندما نقف لنتأمل في حقد الدولة اليهودية التي تغزو لبنان وتقتل الألوف، وتقصف بيوت الفلسطينيين، وتقتلعهم من وطنهم، فإننا نقاوم مغريات التفكير في ان العنف والتعصّب من دعائم اليهودية. لا ريب في أننا نجد هنا مكيالين يُكال بهما، حيث يُلقى اللوم على الإسلام في النزاعات الدولية"14. إنَّ هذه الازدواجية في التعامل هي التي تعزز أخبث تنميط للإسلام، وأوسعه انتشاراً، ألا وهو ربط المسلمين بالإرهاب. وهذه الفكرة النمطية متجذّرة عميقاً في وعي كل جمهور من المستمعين، تقريباً، تسنّى لي مخاطبته. فحينما كنت أسأل عن الكلمة التي تتبادر إلى الذهن، لدى ذكر الإسلام أو المسلمين، سرعان ما يتطوّع عدد من الحضور بإطلاق كلمة الإرهاب من دون أن أسمع اعتراضاً من الحاضرين الآخرين … لا أعتقد أن تنميط الإرهاب من نتاج مؤامرة عالمية كبرى تستهدف الإسلام، ولا حتى من نتاج مؤامرة على مستوى قومي أميركي" ولكني أعرف أن نشر التنميطات المزيَّفة يمكن أن يخدم المصالح المتعصِّبة الضيقة. وقد تنشأ الصور المزيَّفة من الحقد، وفي أحيان أخرى من "الطموح الجامح" على حدِّ قول شكسبير. ولعل الرغبة في الشهرة الشخصية، وما يمكن أن تجتذبه من دخل، هما الدافعان اللذان قادا المعلق المستقل المختص بالإرهاب ستيفن إمرسون، الى الافتراء على مسلمي الولاياتالمتحدة. فهو يجيد، كغيره من الصحافيين المتَّسمين بالعقلية ذاتها، العزف على أوتار التعصّب الديني والانفعالات البدائية. وفي عام 1994، أي بعد مضي سنة على تفجير الراديكاليين مبنى التجارة العالمية في نيويورك، بثت محطات التلفزيون العامة عبر البلاد مأثرة إمرسون الرئيسية التي جاءت على شكل فيلم وثائقي حمل عنوان: "الجهاد في أميركا: تحقيق عن نشاطات المتطرفين الإسلاميين في الولاياتالمتحدة". كان هذا العمل خليطاً من التكهُّنات السوداء، والغمز التحريضي، ومشاهد خاطفة، مقلقة لغرباء مسعورين ينشدون الأناشيد عالياً بلغة غريبة. ونشر الفيلم ضباباً من الرعب، في أنحاء البلاد، وولَّد عدم ثقة بمسلمي الولاياتالمتحدة" فلا أذكر أي حدث آخر ترك أثراً سيّئاً مماثلاً لهذا الأثر. فباستخدامهم تعريفاً مضلِّلاً للجهاد، نجح صانعو هذا الفيلم الوثائقي في تفسير هذه الكلمة، كأنها قنبلة موقوتة تستهدف الأبرياء في كل مكان. وولَّدوا انطباعاً بأن "الأصوليين" المسلمين خطرون غير عقلانيين، تسلَّلوا إلى الريف الأميركي، حيث أنشأوا شبكة شريرة ترمي إلى تدمير الولاياتالمتحدة. للجهاد ثلاثة أهداف، سيصفق الأميركيون بحماس لهدفين منها. أما الهدف الأول، فهو النضال من أجل حياة مِلْئُها الفضيلة. وأما الثاني، فهو القتال ضد الظلم، والهدفان كلاهما واردان في تعاليم الإسلام كورودهما ضمن مبادئ العقائد الدينية الأخرى، باعتبارهما أسمى المثل التي يطمح الإنسان لتحقيقها. وأما الهدف الثالث، فيتلخص في الدفاع عن الإسلام حيثما يتعرض لهجمات عليه. وعلى عكس الصورة العنيفة التي رسمها الفيلم نفسه، فإن الإسلام يدين الإرهاب والتعصُّب. فقد كتب آندرو باترسون يقول: "إنَّ العنف باسم الإسلام ليس من الإسلام في شيء، بل إنه نقيض لهذا الدين الذي يعني السلام لا العنف". ويعتبر إن فيلم "الجهاد في أميركا" هو مثال على الدعاية الخالصة التي تستهدف، إضرام المشاعر المعادية للإسلام" ويعتقد بأنه نجح في ذلك. وبسبب الموضوعات الملتهبة التي عكسها الفيلم الوثائقي، اكتسب إمرسون سمعة سيئة طبقت البلاد، وذكّرت بما كان للسيناتور جوزيف ماكارثي من سمعة رديئة في الخمسينات، حين لجأ الى التعريض، وساق تهماً بالخيانة لا أساس لها، ضد موظفي وزارة الخارجية الأميركية، وضد أعلام في الحياة الأكاديمية، وفي صناعة السينما والمسرح. وأرعبت اتهاماته ألوف الوطنيين الأميركيين" بحيث أدخلت إلى القاموس في النهاية، كلمة جديدة هي "الماكارثية" كمرادف ل"اغتيال الشخصية". أشك في أن تجد "الإمرسونية" Emersonism طريقاً إلى القاموس، ولكن إمرسون ألحق، بواسطة فيلم "الجهاد في أميركا"، ضرراً بالمجتمع الأميركي أكثر ديمومةً مما كان ل"الماكارثية"، التي رد مجلس الشيوخ الأميركي الاعتبار الى ضحاياها، عندما وجّه تعنيفاً رسميّاً الى مكارثي على سوء تصرّفه، أما ضحايا "إمرسون" فلم يكونوا محظوظين كهؤلاء. ومع أنَّ إمرسون فَقَدَ معظم صدقيته، حاليّاً، كمصدر للمعلومات، وكمحلِّل، إلاَّ أن الضرر الذي أحدثه لا يزال موجوداً. والآن بعد مضي ست سنوات على عرض فيلمه، نستطيع القول إن ضحاياه بدأوا بالرد، وما زال السمُّ الذي بثَّه يسمِّم الأمة. وجاء مؤلَّف أحمد يوسف وكارولين ف. كيبل الذي حمل عنوان العميل: حقيقة الحملة المناهضة للمسلمين في أميركا، ليفضح إساءات إمرسون" ولكن أيَّ اقتراح بتوجيه تعنيف رسمي اليه لم يُطرَح بعدُ في الكونغرس 15 ... ويعلن نص التعليق المصاحب للفيلم أن "هناك الكثير من مراكز القيادة ومواقع الاتصالات" موزعة في أرجاء الولاياتالمتحدة، لمساعدة المسلمين في "إنشاء إمبراطورية إسلامية". ويحذّر من أنه "مع توسع نشاطات الراديكاليين المسلمين في الولاياتالمتحدة، فإن التفجيرات في المستقبل ]كتفجير مبنى مركز التجارة العالمية[ ستكون حتمية، لأن وكالات الولاياتالمتحدة، المعنيّة بتنفيذ القوانين، التي تعيق عملها القيود الدستورية، ستجد صعوبة في أن تدفع عن البلاد خطر تحوّلها إلى جبهة حرب". وفي مقالة نشرها إمرسون في المجلة "الشهرية اليهودية" وضع المسلمين جميعاً في سلّة واحدة، حين "أكَّد أن كل المنظمات الإسلامية تقريباً، القائمة في الولاياتالمتحدة، وتعتبر نفسها إسلامية، من حيث الديانة والثقافة، هي اليوم، لسوء الحظ، إما واقعة بالكامل في قبضة العناصر الراديكالية الأصولية، أو هي تهيمن عليها"16. وفي المنحى نفسه، نبَّه لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الى وجود "شبكة متشعبة ضخمة، من النشطاء والأتباع، يتعاون بعضهم مع بعض عبر الدول. فسلسلة الأصوليين الإسلاميين تمتد من القاهرة والخرطوم حتى بروكلين، ومن غزة إلى واشنطن"17. وقد أكَّد إمرسون في مجلة "وول ستريت جورنال" أن الأصوليين المسلمين "يستخدمون مساجدهم وزعماءهم الدينيين ليكوّنوا نواة بنيتهم التحتية الإرهابية"18. وأعلن في صحيفة "سان دييغو يونيون-تريبيون" إن كره "مقاتلي الأصوليين الإسلاميين للغرب ليس مرتبطاً بفعلٍ أو حدثٍ محدَّدين، بل إنهم يعتبرون وجود نظامه الاقتصادي والسياسي والثقافي، في حد ذاته، اعتداء على الإسلام"19... أعطى الانفجار المروِّع الذي وقع في أوكلاهوما سيتي يوم 20 نيسان ابريل 1999، إمرسون فرصاً جديدة لبروزه الشخصي. إذ لم يكد الغبار ينقشع عن ركام المبنى الفيديرالي المفزع حتى ظهر على شاشات محطات التلفزيون الوطنية، مدَّعياً أن هذا العمل هو، على الأرجح، من صنع الإرهابيين "الإسلاميين". وأعلن من محطة CNN أن العبوات المستخدَمة تشبه تلك التي استخدمتها المجموعات "الإسلامية المسلَّحة" في الولاياتالمتحدة20. وفي محطة CBS قال: "أقول لكم إن أوكلاهوما سيتي ربما كانت أحد أكبر مراكز النشاط الإسلامي الراديكالي، خارج الشرق الأوسط". وفي الأيام التي أعقبت كارثة أوكلاهوما سيتي، ظلَّ إمرسون يستخدم عبارات مشحونة توحي بالعلاقة بين الانفجار والإسلام. ففي برنامج "كروسفاير" الذي تبثه محطة CNN قال بوقار: "إن هذا التفجير من نوع لم يسبق للأرض الأميركية أن شهدت مثله، إلاَّ في نشاط الجماعات الإسلامية المسلَّحة"21. وأثبتت الأحداث، في ما بعد، أن لا علاقة للمسلمين أو لذوي الأصول العربية بالتفجير الذي حصل، ولكن هجمة إمرسون الإعلامية أسهمت في خلق جو من الخوف العام من المسلمين. لقد عمَّ الشعبَ قلقٌ أكبر من أي وقت مضى، منذ القلق الذي أحدثه هجوم اليابان المفاجئ على بيرل هاربور في كانون الأول ديسمبر 1941، عندما سرت، كالنار في الهشيم، اشاعات تقول ان الغزاة ينتشرون على الساحل الغربي. ويوم الانفجار في أوكلاهوما سيتي، سمعت من إحدى كبريات محطات التلفزيون خبراً، مفاده أن رجالاً يلبسون الكوفيات العربية شوهدوا يفرّون من موقع الحدث. وإن هي إلاَّ ساعات حتى ظهر الرئيس بيل كلينتون يدعو إلى الهدوء، معلناً أنَّ أحداً لا يعرف من، أو ما، كان سبب الانفجار" إلا أن هذا التصريح لم يخفف من دفق الاشاعات التي توجه أصابع الاتهام إلى مسلمين مجهولين، انطلقوا من قاعدة إرهابية متمركزة في أوكلاهوما. فكَّرت أميركا المرتعبة مليّاً في هذه الأسئلة الكئيبة: ما عساه يكون الهدف التالي؟ أيكون البيت الأبيض؟ أم مبنى الكابيتول؟ أتكون المدارس والكنائس ومراكز التسوق؟ أصبح كل واحد جاهزاً، بل ومتحمّساً، لاتّخاذ تدبير حاسم. أما انتظار أن تأخذ التحقيقات مجراها، فلم يحسَب له حساب. في عدد World Almanac للعام 1996، قَوَّم جيفري د. سايمون مؤلف كتاب "تجربة أميركا مع الإرهاب"، الهستيريا التي أعقبت الانفجار، فكتب: "أصاب الانفجار وتراً حسّاساً حين تابع ملايين الأميركيين على شاشات التلفزة مشاهد الأطفال القتلى، وكيف تسحب من تحت الركام. كانت تلك المشاهد تدمي القلوب …". واستطرد: "لم تكن المنطقة التي تعرَّضت للهجوم حاضرة كبيرة مشهورة في أنحاء العالم، بل مدينة صغيرة تقع في وسط البلاد. والآن، فإن كل بلدة ومدينة عبر الولاياتالمتحدة يمكن اعتبارها هدفاً محتملاً للإرهاب". قبل اعتقال تيموثي ماكفاي، الرجل الذي دين في النهاية، بارتكاب التفجير، قاسى كثيرون من "ذوي الملامح الشرق أوسطية" الإزعاج والحرج والإذلال على أيدي رجال الشرطة المسؤولين عن تنفيذ القوانين. وحدثت هناك مواجهات عدائية. وعانى المسلمون والعرب الأميركيون مضايقات رجال الشرطة وترهيبهم عبر البلاد كلها. ولم تكن تلك الساعة من أفضل ساعات أميركا. فقد أُطلقت النار في أوكلاهوما سيتي على مسجد. وفي إحدى الحوادث تسبَّب الغوغاء المسعورون بموت طفل" فبعد ساعات من مقابلة أجرتها محطة CBS التلفزيونية مع ستيفن إمرسون، زعم فيها أن المسلمين متورطون، أغار غوغاء غاضبون على منزل عائلة مسلمة لاجئة من العراق، فحطَّموا زجاجه مطلقين شعارات معادية للإسلام. كان هذا الاحتجاج مرعباً إلى درجة أن امرأة حاملاً وضعت حملها قبل الأوان. ولسخرية القدر، سُمِّيَ المولود "سلام"، ولكنه سرعان ما قضى نحبه22. وفي مطار هيثرو في لندن، أوقف المواطن ابراهيم أحمد من أوكلاهوما سيتي، وكان مسافراً الى الأردن لزيارة أقاربه، واقتيد مخفوراً، بسبب اسمه العربي، ولأنه كان قادماً من مدينة أوكلاهوما سيتي بالذات، ولأنه عُثر على أدوات وأسلاك وأجهزة في حقيبته. فقد وُضعت في يديه الأصفاد في المطار. وبطلب من مكتب التحقيقات الفيديرالي، FBI، رُحّل إلى واشنطن تحت حراسة الشرطة، للاستجواب. وثبت أن متاعه لم يكن يضمّ غير بعض الهدايا البريئة التي حملها معه لأقاربه في الأردن. وفي ما بعد، بُرِّئ وأخلي سبيله، من دون أن توجَّه إليه أي تهمة. ونظراً الى ما تعرّض له إبراهيم من مضايقات وسوء معاملة، فضلاً عن مضايقات الإعلام، عمد إلى رفع دعوى ضد حكومة الولاياتالمتحدة، وتلقّى تعويضاً ماليّاً لم يُفصَح عن قيمته. وفي تلك اللحظات المتوتّرة التي تلت الانفجار، بدا أن معظم الأميركيين من غير المسلمين موافقون على أن الكارثة هي من عمل المتعصّبين الغرباء، الذين تسلَّلوا إلى قلب أميركا. بدت البلاد، التي هزتها الذكريات الحية لعملية تفجير مبنى مركز التجارة العالمية في نيويورك، وتحليلات إمرسون المفبركة، مستعدةً للافتراض بأن العرب والإيرانيين أو المسلمين، وهذه مصطلحات استخدمت بالتناوب، كأنها مرادفات، هم المسؤولون عن كارثة أوكلاهوما سيتي. ونظر بعض المعلّقين إلى التفجير أنه الجولة الأولى من "نضال عظيم" ضد الغرب، تشنه قوى غريبة، شريرة، آتية من الشرق" فيما نظر بعضهم الآخر إليه رداً انتقامياً رهيباً على مشاركة حكومة الولاياتالمتحدة الدائبة اسرائيل، في اضطهاد الفلسطينيين. وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه في أعقاب الانفجار، لم يتردَّد المحامي ديفيد ماكوردي، من نورمان في أوكلاهوما، في القول إنَّ التفجير هو "من عمل إرهابيي الشرق الأوسط". كان لرأيه صدقية خاصة، كونه سبق له أن ترأَّس اللجنة الدائمة المختارة لشؤون الاستخبارات في مجلس النواب، عندما كان عضواً في الكونغرس. كان هناك افتراض سائد مفاده أنه ما من مواطن في الولاياتالمتحدة يمكن أن يتسبب بمثل هذه الجريمة النكراء، بحق مواطنيه الأبرياء، ولا بد أن هذا العمل من صنع قوى شريرة خارجية. وأنا أعترف، شخصيّاً، أن شعوراً دفيناً فوريّاً داهمني عندما علمت بالانفجار، بل قل إنه أسوأ شعور اعتراني في حياتي. ولما كنت أحد الذين ناضلوا على مدى سنوات من أجل التعاون بين مختلف الديانات في أميركا، ومن أجل العدالة في الشرق الأوسط، فقد أصبت بالقنوط. وبالطبع، فجعت، في البدء، على عائلات الضحايا من القتلى والجرحى، ولكنني خشيت أن تزيد هذه المصيبة من حدّة الحقد على المسلمين والعرب الأميركيين. ومع سريان الاشاعات، فكّرت مليَّاً في ما يمكنني القيام به للمساعدة في تفادي وقوع الأمة بأسرها في شباك البغض. كان باستطاعتي أن أتخيّل اعتقال المواطنين الأبرياء بالمئات، لاستجوابهم في مكتب التحقيقات الفيديرالي، وتعرّضهم لمضايقات بطرق أخرى" ويعزى ذلك، بكل بساطة، إلى انتماءاتهم الدينية أو أسمائهم أو لون بشرتهم. وأحسست براحة غامرة، عندما اعتُقل تيموثي ماكفاي وأدين، إذ لم يكن له أي علاقة لا بالمسلمين ولا بالعرب ... كان يمكن للمجرم أن يفلت بسهولة، كما كان يمكن لهانغر ولزملائه أن ينشغلوا في تحرير مخالفات السير الأخرى، في ما ماكفاي يبتعد بسيارته من أوكلاهوما سيتي شمالاً. وكان من الممكن كذلك ألاَّ يكتشف هذا الشرطي السلاح المخبَّأ، وأن يحرِّر له ضبط مخالفة ويسمح له بمتابعة رحلته. لو لم يعتقل ماكفاي لاستمر إمرسون وغيره، ممن ينتحلون لقب خبراء الإرهاب، بتوزيع مقولاتهم المعادية للمسلمين، على محرِّري نشرات الأخبار" ولاستمرّت الأمة تستجيب للاشاعات الكاذبة، ولبقيت "بنية الإرهابيين التحتية" العاملة عبر البلاد وسبق لإمرسون منذ البداية إلصاق نشاطها بالمسلمين، تحتل الصدارة بين عناوين الأخبار" ولكان الأميركيون الخائفون أبقوا المسلمين في دائرة الشك، باعتبارهم الأنذال الذين ارتكبوا مجزرة أوكلاهوما سيتي المروّعة. وكان يمكن للآلاف من المواطنين الأبرياء أن يجدوا أنفسهم في موقف المرتعد اليائس الذي يحاول دفاعاً، فلا يستطيع. وأمام هذا الواقع، ونزولاً عند إلحاح الجماهير المرتاعة، كان يمكن للكونغرس أن يسنّ قانوناً أوسع وأخطر من قانون مكافحة الارهاب وعقوبة الإعدام النافذة، الصادر في العام 1996، والذي تضمَّن حرمان المهاجرين من إجراءات المحاكمة. ووُزِّعَت أشرطة فيديو فيلم إمرسون "الجهاد في أميركا" على مكاتب الكونغرس إبّان الحملة الإعلامية التي سبقت عملية إقرار مشروع هذا القانون. ولم يخمد الرعب الشعبي. فعلى رغم اعتقال ماكفاي السريع، فإن الأخبار، أفادت خلال السنة التي تلت الانفجار، عن مئتي حالة مضايقة للمسلمين في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك التهديد بالقتل23.