} تصاعدت الحرب الكلامية بين الرباطومدريد في شأن المسؤولية عن تدفق الهجرة غير المشروعة من الشمال المغربي نحو اسبانيا، والذي أدى في وقت سابق من الشهر الماضي الى استدعاء سفيري البلدين. واحتجت مدريد على "غض المغرب الطرف عن تسلل المهاجرين غير الشرعيين عبر أراضيه". وردت الرباط بتحميل اسبانيا والاتحاد الأوروبي المسؤولية، نظراً الى عدم وفائهما بوعود تنمية مناطق الشمال المغربي المصدرة للهجرة السرية. اكد السفير المغربي في مدريد عبدالسلام بركة ان بلاده تنفق يومياً حوالى 3 ملايين دولار في اجراءات لمنع الهجرة غير المشروعة الى أوروبا من أراضيها. وذكر خلال مؤتمر صحافي عقده أول من امس في العاصمة الاسبانية، ان جهود المغرب أدت الى تفكيك أكثر من 450 شبكة لتهريب المهاجرين خلال العام الماضي، واعتقال 20 ألف مهاجر سري، بينهم عشرة آلاف غير مغاربة، اضافة الى احتجاز مئة زورق مطاطي و110 قوارب وسيارات خفيفة تستخدمها شبكات تهريب المهاجرين. وقال بركة، في رد مباشر على الحملة الاسبانية التي تتهم بلاده بالتساهل مع المهاجرين، ان السلطات الأمنية في المغرب جندت نحو عشرة آلاف عنصر لمراقبة الشواطئ ومحاربة الهجرة وتهريب المخدرات، داعياً الى تطويق الخلاف على الهجرة، عبر التعاون بالوسائل القانونية في مجال اعادة استقبال المهاجرين غير الشرعيين والتعاون القضائي وتنفيذ الاحكام. ولفت الى ان نسبة تدفق الهجرة السرية عبر مضيق جبل طارق وجزر الكناري لا تتعدى 15 في المئة من تلك المسجلة عبر اسبانيا. وكانت الخارجية الاسبانية عبرت عن استياء شديد الشهر الماضي اثر اكتشاف نحو 500 مهاجر دفعة واحدة على متن عشرات القوارب. واتهمت المغرب بتصدير المهاجرين الى أراضيها. لكن العاهل المغربي الملك محمد السادس أبعد المسؤولية عن بلاده، معتبراً في حديث نشرته صحيفة "لوفيغارو" أول من امس ان هذه المراكب تأتي من اسبانيا، "وهي مكلفة من حيث التمويل وتجهيزها محركات ذات قوة كبيرة تجعلها أكثر سرعة من الزوارق المغربية". وقال ان السلطات الاسبانية تعطي الجنسية الى مهربي المخدرات، "فهم يحوزون على جوازات سفر اسبانية وحسابات مصرفية في اسبانيا. فلسنا نحن من منحهم الجنسية المزدوجة، ولنقل ان المسؤولية متقاسمة". وقال الملك محمد السادس ان "مافيات الهجرة غير المشروعة وترويج المخدرات في اسبانيا اكثر ثراء من تلك الموجودة في المغرب". ويعتبر هذا الكلام الأول في حق مدريد يصدر عن عاهل مغربي. وجرت العادة ان يتم التعامل مع اسبانيا من منطلق معاهدة الصداقة وحسن الجوار التي يرتبط بها البلدان. لكن العلاقات الثنائية تدهورت في شكل لافت منذ رفضت الرباط تجديد اتفاق الصيد الساحلي. وتوقفت بسبب ذلك الاجتماعات الدورية المشتركة، بما فيها الأمنية منذ حوالى عامين. وانعكس التوتر على نقاط العبور في سبتة، اذ أدت اقامة جدار حديد لمرور طالبي تأشيرة العبور نحو المدينة من المغاربة الى اشتباكات مع الحرس الاسباني الذي لجأ الى اطلاق العيارات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع لتفريق جموع المحتجين على هذه الاجراءات. وفي مدريد أ ف ب اعتبرت الصحف الاسبانية امس ان تصريحات الملك محمد السادس زادت من حدة التوتر السائد بين البلدين. وكتبت صحيفة "الباييس" القريبة من الاشتراكيين: "تصاعدت بشكل خطير حدة الخلاف القائم بين المغرب واسبانيا على من يتحمل مسؤولية اكبر في موجة الهجرة غير الشرعية في اتجاه اسبانيا وشبكات المهربين". وقالت: "قد تكون اسبانيا مصدراً للزوارق التي تنقل المهاجرين، لكن معظمها يبحر من المغرب". وأضافت انه اذا كان الملك محمد السادس "يريد الدفاع عن مصالح المغاربة فلا بد من تعزيز مكافحة هذه المافيا التي تتسبب في وفاة العديد من المغاربة غرقاً وفي إقدام رجال على استغلال الآلاف من المغاربة من دون شفقة". وقالت صحيفة "آ.بي.سي" المحافظة المقربة من حكومة خوسيه ماريا اثنار ان تصريحات الملك محمد السادس أدت الى "أزمة خطيرة". وأضافت انه اذا كانت مكافحة الهجرة غير الشرعية تعود في الواقع الى البلدين "فإن من الواقع ايضاً ان شبكات المهربين تتحرك بحرية في المغرب". واعتبرت صحيفة "لا فانغوارديا" ان الاصلاحات التي ادخلها الملك محمد السادس في المغرب "لم تكن كافية لتقنع المغاربة بالعدول عن الهجرة".