تسلّمت الحكومة اللبنانية ليل اول من امس، بواسطة سفير لبنان في واشنطن فريد عبود، الورقة الأميركية التي كان تسلمها الأخير من مساعد وزير الخارجية ويليام بيرنز اثناء اجتماعه مع السفراء العرب الذين شرح لهم خلاله عناوين التحالف الذي تسعى اليه الولاياتالمتحدة الاميركية لمحاربة الارهاب بعد الهجمات ضد نيويوركوواشنطن. واللافت في الورقة الأميركية التي وزعت على السفراء العرب، انها لم تتطرق الى دعوة هذه الدول الى القيام بخطوات على الارض، ومنها اغلاق قواعد "المنظمات الارهابية" ومكاتبها وتوقيف اشخاص متورطين مع المنظمات المتطرفة، وفق ما قالت مصادر لبنانية رسمية، خلافاً لما تناوله بعض وسائل الاعلام العربية والأميركية من انها تضمنت بنداً في هذا الخصوص. وأكدت المصادر اللبنانية الرسمية التي اطلعت على الورقة الاميركية، انها خلت من اي اشارة تتعلق بإغلاق المكاتب وتوقيف اشخاص، مشيرة ايضاً الى ان اركان الدولة لم يطلعوا من السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل، عندما زارهم لشكرهم على موقفهم، على معلومات تتعلق بهذه النقطة بالذات. وأوضحت المصادر ان باتل لم ينقل الى كبار المسؤولين الاميركيين طلباً اميركياً محدداً الى لبنان، وأن الهمّ الأميركي بقي محصوراً في الحصول على معلومات امنية وسياسية تتناول الحوادث التي وقعت في منطقة الضنية شمال لبنان عشية حلول العام 2000، وما أعقبها من توقيفات شملت ناشطين في تيار متطرف في البقاع للاشتباه بأنهم على اتصال بأسامة بن لادن وتنظيم "القاعدة" الذي ينشط من خلاله مع عدد من الرموز الأصولية الاخرى. وكشفت مصادر امنية رسمية ل"الحياة" ان السلطات اللبنانية المسؤولة سلّمت مسؤولين في السفارة الاميركية في بيروت مجموعة من الأدلة والقرائن الخاصة بحوادث الضنية، والتوقيفات التي حصلت في بلدات في البقاع الغربي. وتضمنت القرائن والأدلة تفاصيل الحوادث التي شهدتها الضنية وأسماء الذين قتلوا او اعتقلوا من التنظيم المذكور بمن فيهم الذين اوقفتهم الاجهزة الامنية في البقاع ويخضعون حالياً الى المحاكمة. كما ابلغ لبنان المسؤولين في السفارة الاميركية بأن احد الاشخاص الذين استفسرت عنهم السلطات الاميركية، غير موجود في لبنان، وغادره منذ اكثر من خمس سنوات، وهو ينتمي الى عائلة طرابلسية، اضافة الى ان مسؤولي السفارة وُضعوا في صورة التحقيقات التي اجريت في شأن الاعتداء الذي استهدف السفارة الروسية في بيروت، لا سيما ان اصابع الاتهام تشير الى ضلوع مجموعة متطرفة بالاعتداء وتقيم صلة مباشرة مع اسامة بن لادن. ورداً على سؤال، نفت المصادر الرسمية ما كانت تناقلته محطة "سي ان ان" الاميركية نقلاً عن محلل هولندي مختص في متابعة ما يسمى بملف الارهاب ان يكون هناك لبنانيون تجرى ملاحقتهم، وأورد اسم عماد مغنية. وأكدت المصادر ان واشنطن لم تتقدم من بيروت بطلب ملاحقة اشخاص معينين، لافتة الى ان "حزب الله" غير معني بالهجمات التي استهدفت نيويوركوواشنطن. ونقلت عن لسان كبار المسؤولين اللبنانيين قولهم انهم دعوا الديبلوماسيين العاملين في السفارة الاميركية الى التمييز بين المقاومة والارهاب وان الاعمال التي استهدفت الاسرائىليين في داخل الاراضي اللبنانية لا يمكن تصنيفها في خانة الارهاب، ما دامت بقيت محصورة في التصدي للاحتلال ولم تتوسع لتتحول الى اعمال طاولت المصالح الاميركية والاوروبية في الخارج. وأوضحت المصادر ان واشنطن تعرف تماماً ان لا علاقة ل"حزب الله" بالهجمات التي شنت ضدها على رغم ان تل ابيب من خلال وسائل الاعلام الاسرائىلية، حاولت ان توحي بأن هناك خيطاً يجمع بين الذين قاموا بهذه الهجمات وأطراف لبنانيين. وقالت لو كان هناك ادنى علاقة لما ترددت وسائل الاعلام الاميركية في تحميل "حزب الله" جزءاً من المسؤولية، علماً ان ليس هناك من حاجة للتذكير بعدم وجود اية علاقة بين اسامة بن لادن وحركة طالبان في افغانستان من جهة وبين "حزب الله" من جهة ثانية. واعتبرت المصادر ان البيان الذي اصدره الحزب امس، جاء مدروساً ومتوازناً، إذ ميّز بين الإعراب عن اسفه لأي بريء يقتل في اي مكان من العالم وبين التشديد على ثوابت الحزب حيال السياسة الاميركية المتبعة في الشرق الاوسط. واذ تحدثت اوساط سياسية عن اتصالات جرت بين الحزب وجهات اقليمية، سبقت اصدار البيان، كشفت في المقابل عن اجتماعات متلاحقة عقدتها قيادة الحزب في بيروت ترافقت مع اتصالات محلية وخارجية، خصصت لتقويم الوضع في المنطقة وارتباط ما سيترتب عليه من تطورات ومستجدات سياسية وعسكرية بالوضع الراهن في لبنان. وأكدت ان المراجعة التقويمية للحزب خلصت الى "ضرورة تفويت الفرصة على اسرائىل في سعيها الى استغلال الوضع المتأزم على الصعيد الدولي، للقيام بعدوان يستهدف لبنان، بغية فرض امر واقع اسوة بما ترتكبه حالياً ضد الفلسطينيين في الاراضي العربية المحتلة". وأشارت الى ان الحزب يتبع "كعادته في كل مرة يزداد التوتر على الصعيدين الدولي والاقليمي، سياسة واقعية تقوم على عدم توفير الذرائع لاسرائىل، التي تراهن على مقدرتها في استغلال حال الارباك الدولي حالياً من اجل تمرير رسائل امنية وعسكرية".